الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
- وقد رغَّب النبي صلى الله عليه وسلم في حب المساجد والتعلق بها وحضور مجالس العلم فيها والجلوس فيها لذكر الله بعد صلاة الفجر حتى تطلع الشمس.
فقال صلى الله عليه وسلم: "سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله ورجل قلبه معلق بالمساجد .. "(1).
وقال صلى الله عليه وسلم: "وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده"(2).
وقال- صلى الله عليه وسلم: "المسجد بيت كل تقي"(3).
وقال- صلى الله عليه وسلم: "من صلى الفجر في جماعة، ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس، ثم صلى ركعتين، كانت له كأجر حجة وعمرة تامة، تامة، تامة"(4).
عباد الله! اهتم الإِسلام بالمساجد اهتماماً بالغاً أتدرون لم يا عباد الله؟!
هذا الذي نعرفه من،
العنصر الثاني: أهمية المسجد في الإِسلام
.
عباد الله! المسجد هو أحب البقاع إلى الله تعالى، قال صلى الله عليه وسلم:"أحب البلاد إلى الله مساجدها، وأبغض البلاد إلى الله أسواقها"(5).
المسجد هو قلعة الإيمان، قال تعالى: {وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ
(1) متفق عليه، رواه البخاري (رقم 660)، ومسلم (رقم 1031).
(2)
رواه مسلم (رقم 2699).
(3)
"السلسلة الصحيحة"(716).
(4)
"صحيح الجامع"(6222).
(5)
رواه مسلم (رقم 671).
وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [الأعراف: 29]، وقال تعالى:{إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ (18)} [التوبة: 18].
المسجد هو المدرسة التي يتخرج منها الرجال، الذين يفتحون قلوب العباد والبلاد بدعوة الإِسلام، قال تعالى:{فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ (36) رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ (37)} [النور: 36 - 37].
المسجد هو المدرسة التي يتعلم المسلمون فيها دينهم الصحيح، من خلال الكتاب والسنة، بفهم سلف الأمة، فقد علم النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه وزكاهم في مسجده، فتخرج من مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحابة رضي الله عنهم الذين فتحوا قلوب العباد والبلاد.
فمن أين تخرج أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وسلمان وصهيب وغيرهم رضي الله عنهم أجمعين؟
المسجد هو المدرسة التي يتعلم المسلمون فيها النظام في كل شيء في أعمالهم، في بيوتهم، في شؤونهم، في أسواقهم، ففي المسجد رجل يؤذن للصلاة فإذا أمره الإِمام بإقامة الصلاة أقامها، ثم يتقدم الإِمام ليؤم الناس، فلا يتقدم أحد للإمامة إلا بعد إذنه وهذا هو النظام في أسمى صورة وأبهى حلته، ويقوم المسلمون أجمعون خلف هذا الإِمام صفوفاً معتدلة متساوية.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يهتم بنفسه بتسوية هذه الصفوف وتعديلها ويأمر بها:
عن أبي مسعود رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح مناكبنا في الصلاة،
ويقول: "استووا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم"(1).
فانظروا عباد الله!، يوم أن كانت الصفوف على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مستوية اتحدت القلوب، ويوم أن أصبحت الصفوف في أيامنا معوجة كانت القلوب مختلفة فتفرقت الأمة وضعفت، وقوي الأعداء علينا.
وعن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسوّي صفوفنا حتى كأنما يسوي بها القداح، حتى رأى أن قد عقلنا عنه. ثم خرج يوماً فكاد أن يكبر فرأى رجلاً بادياً صدره من الصف فقال:"عباد الله! لتُسوُّنَّ صفوفكم، أو ليخالفنَّ الله بين وجوهكم"(2).
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أقيموا الصفوف، حاذوا بين المناكب، سدوا الخلل، ولينوا بأيدي إخوانكم، ولا تذروا فرجات للشيطان، من وصل صفاً وصله الله، ومن قطع صفاً قطعه الله"(3).
وقال صلى الله عليه وسلم: "إنما جعل الإِمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، وإذا رفع فارفعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا: اللهم ربنا ولك الحمد وإذا سجد فاسجدوا، وإذا صلى جالساً فصلوا جلوساً أجمعين"(4).
فانظروا عباد الله! إلى هذا النظام، الصفوف مستوية خلف إمام واحد وهم ملتزمون بهديه، مقتدون بفعله، لا يكبرون حتى يكبر، ولا يركعون
(1) رواه مسلم (رقم 432).
(2)
رواه مسلم (رقم 436).
(3)
"صحيح سنن أبي داود"(1620).
(4)
"صحيح الجامع"(2353).