الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخطبة الحادية والأربعون: غزوة بني قريظة
أيها الإخوة عباد الله! موعدنا في هذا اليوم -إن شاء الله تعالى- مع لقاء جديد من سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم، وحديثنا في هذا اللقاء سيكون عن غزوة بني قريظة.
عباد الله! وغزوة بني قريظة كانت نتيجة من نتائج غزوة الأحزاب، وأثراً من آثارها ولم تكن هذه الغزوة بتدبير من الرسول- صلى الله عليه وسلم، ولا بمشورة أحدٍ من الصحابة رضي الله عنهم، بل كانت بأمرٍ من الله تعالى؛ إذ لم يكد الرسول صلى الله عليه وسلم ينفض يديه من آثار غزوة الأحزاب حتى نزل الوحي بأمر الله له أن يتوجه إلى بني قريظة التي نقضت عهدها مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم، وتحالفت مع الأحزاب سراً لضرب المسلمين في المدينة من الخلف.
عباد الله! وحديثنا عن غزوة بني قريظة سيكون حول العناصر التالية:
العنصر الأول: أسباب هذه الغزوة
العنصرالثاني: الجزاء من جنس العمل
العنصر الثالث: الدروس والعظات والعبر التي تؤخذ من غزوة بني قريظة.
العنصر الأول: أسباب هذه الغزوة
السبب الرئيسي لغزوة بني قريظة هو: أنهم نقضوا عهدهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتعاونوا مع الأحزاب للقضاء على المسلمين في المدينة.
عباد الله! خرج وفدٌ من اليهود وعلى رأسهم حُييُّ بن أخطبٍ وأبو رافع بن أبي الحقيق إلى كفار مكة وإلى القبائل المجاورة، وحرضوهم على غزو المسلمين في المدينة للقضاء عليهم، وخرج بسبب هذا التحريض جيش قوامه عشرة آلاف مقاتل.
عباد الله! ولما وصل هذا الجيش إلى المدينة ووجد الخندق الذي حال بينه وبين دخول المدينة، وطال الحصارُ من هذا الجيش للمدينة، ولم يتمكن من دخولها ذهب رأس العصابة حُييُّ بنُ أخطب اليهودي إلى يهود بني قريظة الذين يسكنون في الجهة الجنوبية من المدينة، وبينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد وميثاق، لينقضوا عهدهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يتمكن جيش الأحزاب من الدخول إلى المدينة من الجهة الجنوبية ليضربوا المسلمين من الخلف، فأتي حييُّ بن أخطب اليهودي كعباً القرظي وهو كبير بني قريظة، ثم ناداه يا كعب افتح لي! فأغلق كعب دونه الأبواب.
يا كعبُ افتح لي! قال له كعبٌ: ويحك يا حُييُّ، إنك رجلٌ مشئومٌ وقد أعطيت محمداً عهداً وميثاقاً، ولم أر منه إلا وفاءاً وصدقاً فما أنا بناقض عهده.
عباد الله! فما زال حُييُّ بن أخطب بكعب القرظي يُغريه حتى فتح له، فأخذ يحدُّثه عن كثرة جيش الأحزاب الذي جاء به، وعن شدة قوة هذا الجيش وعن الأسلحة التي معهم حتى طمأنه أن النصر سيكون بجانب الأحزاب لا لمحمدٍ وأصحابه- لتعلموا ماذا تفعل اليهود في ظلمات الليل، وهذا هو هدفهم في كل زمان ومكان؛ القضاء على الإِسلام والمسلمين- فلما أمِنَ كعبٌ القرظي عاقبة الغدر، وعلم أن الدولة للأحزاب لا لمحمدٍ وأصحابه؛ وافق حُييُّ بن الأخطب على ما دعاه إليه من الغدر، وهذا يدلُنا يا عباد الله على أن اليهود أهل غدر وخيانة، يوفون بالعهد إذا كان لمصلحتهم ويغدرون إذا كان الغدر لمصلحتهم.