الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (100)} [التوبة: 100]، وقال تعالى:{وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (115)} [النساء: 115].
وقال صلى الله عليه وسلم: "وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة". قيل وما هي يا رسول الله؟ قال: "التي تكون على ما أنا عليه اليوم وأصحابي"(1).
عباد الله! وها هم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم من المهاجرين والأنصار كما وصفهم الله في كتابه فقال: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} [الفتح:29].
العنصر الثاني: الإخاء بين المهاجرين والأنصار
.
عباد الله! عندما وصل النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وبنى المسجد؛ آَخى بين المهاجرين والأنصار أخوةً تجعل المهاجري أولى بمال أخيه الأنصاري في الميراث من أهله وأقاربه والعكس، فضرب الأنصار المثل الأعلى في الوفاء بحق الأخوة وحسن الاستقبال وكرم الضيافة.
عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال: لما قدمنا المدينة آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بيني وبين سعد بن الربيع، فقال سعد بن الربيع: إني أكثر الأنصار مالاً، فأقسم لك نصف مالي، وانظر أي زوجتي هويت نزلت لك عنها، فإذا حلت تزوجتها، فقال له عبد الرحمن: لا حاجة لي في شيء من ذلك، هل من سوق فيه تجارة؟
(1) مضى تخريجه.
قال: سوق قينقاع.
فغدا إليه عبد الرحمن فأتى بأقط وسمن ثم تابع الغدو، فما لبث أن جاء وعليه أثر صفرة، فقال له النبي- صلى الله عليه وسلم:"تزوجت"؟
قال: نعم. قال: "مَنْ؟ " قال: امرأةً من الأنصار قال: "وكم سقت؟ " قال: زنة نواةٍ من ذهب فقال له النبي- صلى الله عليه وسلم: "أولم ولو بشاة"(1).
عباد الله! عقد الأنصار عقد الإخاء بكل تسامح وإيثار، وهم أصحاب الأموال وأهل الديار، وعقد المهاجرون عقد الإخاء بكل عفة وزهد واستغناء، شاكرين لإخوانهم الأنصار حسن استقبالهم، وكرم ضيافتهم، وإن تعجب فاعجب من سعد بن الربيع وهو يعرض على أخيه عبد الرحمن بن عوف نصف ماله، ويزداد عجبك حين تسمع سعد بن الربيع وهو يقول لأخيه عبد الرحمن بن عوف: عندي زوجتان انظر إليهما فأيتهما أعجبتك فسمِّها لي؛ فأطلقها فإذا انقضت عدتها تزوجتها الله أكبر! الله أكبر ما هذا الذي نسمعه؟
لا تعجب فإن الإيمان إذا تمكن من القلوب فعل أكثر من ذلك.
وإن تعجب من حسن العرض، فاعجب أكثر وأكثر من حسن الرفض اعجب من قول عبد الرحمن بن عوف لأخيه سعد بن الربيع: بارك الله لك في أهلك ومالك، لا حاجة لي في شيء من ذلك، هل من سوق فيه تجارة؟ ثم ذهب إلى السوق وتاجر.
الله أكبر من أي مدرسة تخرج هؤلاء؟ إنها مدرسة محمَّد صلى الله عليه وسلم.
(1) رواه البخاري (رقم 2048).