المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الخطبة الثامنة عشرةالمقاطعة العامة والحصار الاقتصادي - سبل السلام من صحيح سيرة خير الأنام عليه الصلاة والسلام - جـ ١

[صالح بن طه عبد الواحد]

فهرس الكتاب

- ‌الخطبة الأولى: ثمار دراسة السيرة النبوية

- ‌محمد رسول الله والذين معه

- ‌الخطبة الثانية: صفات النبي صلى الله عليه وسلم ونسبه

- ‌العنصر الأول: رسولنا صلى الله عليه وسلم أحب إلينا من حل شيء

- ‌العنصر الثاني: رسولنا صلى الله عليه وسلم أشرف الناس نسباً

- ‌العنصر الثالث: رسولنا صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خُلُقاً وخَلْقاً:

- ‌العنصر الرابع: أسمائه صلى الله عليه وسلم

- ‌الخطبة الثالثة: الأحداث العظام التي سبقت ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌العنصر الأول: أحوال مكة قبل مولد النبي صلى الله عليه وسلم وقبل بعثته

- ‌العنصر الثاني: الأحداث العظام التي سبقت ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌العنصر الثالث: دروس وعظات وعبر

- ‌الخطبة الرابعة: الآيات الجسام التي ظهرت ليلة مولده صلى الله عليه وسلم

- ‌الخطبة الخامسة: ميلاده صلى الله عليه وسلم ونشأته

- ‌العنصر الأول: ميلاد المصطفى صلى الله عليه وسلم ونشأته

- ‌العنصر الثاني: رسولنا صلى الله عليه وسلم في مهمة تجارية إلى بلاد الشام

- ‌العنصر الثالث: الله عز وجل يحفظ رسوله صلى الله عليه وسلم في شبابه منأقذار الجاهلية

- ‌العنصر الرابع: دروسٌ وعظات وعبر

- ‌الخطبة السادسة: الأحداث الجسام قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الحدث الأول: شهوده صلى الله عليه وسلم حلف الفضول

- ‌الحدث الثاني: زواجه صلى الله عليه وسلم من خديجة رضي الله عنها

- ‌أولاً: منزلة خديجة من نساء العالمين

- ‌ثانياً: منزلة خديجة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ثالثاً: منزلة خديجة في الجنة:

- ‌رابعاً: جبريل عليه السلام يقرئ خديجة السلام من ربها ويبشرها بقصر في الجنة:

- ‌خامساً:

- ‌الحدث الثالث: بناء الكعبة وقضية التحكيم

- ‌الخطبة السابعة: البشارات بنبوة النبي- صلى الله عليه وسلم قبل بعثته

- ‌أولاً: بشارات الأنبياء بنبوة محمَّد صلى الله عليه وسلم

- ‌ثانياً: بشارات الكتب السماوية بنبوة محمَّد صلى الله عليه وسلم

- ‌ثالثاً: بشارات علماء أهل الكتاب بنبوة محمَّد صلى الله عليه وسلم

- ‌الخطبة الثامنة: إشراق شمس النبوة

- ‌الخطبة التاسعة: مرحلة الدعوة إلى الله

- ‌المرحلة الأولى: الدعوة إلى الله سراً

- ‌الخطبة العاشرة: مرحلة الدعوة إلى الله

- ‌المرحلة الثانية: الدعوة إلى الله جهراً

- ‌الخطبة الحادية عشرة:أسلوب جديد من أساليب كفار مكة في الصد عن دين الله، ألا وهو أذية قريش لرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌الخطبة الثانية عشرة: أذية قريش لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الخطبة الثالثة عشرة:‌‌ المفاوضات وطلب المعجزات

- ‌ المفاوضات وطلب المعجزات

- ‌الخطبة الرابعة عشرة: مجادلة قريش للنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌أولاً: البعث بعد الموت

- ‌ثانيا: الآلهة التي تعبد من دون الله:

- ‌ثالثا: الروح:

- ‌رابعا: القدر

- ‌خامسا: القرآن الكريم

- ‌سادسا: نزول القرآن منجماً على رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌سابعا: مجالسة المستضعفين والفقراء من المؤمنين

- ‌الخطبة الخامسة عشرةقريش تعود إلى أسلوب الخنق والتضييق والتعذيب

- ‌الخطبة السادسة عشرةالهجرة إلى الحبشة وأعجب ما رأى المسلمون في أرض الحبشة

- ‌أولاً: تحريم الظلم

- ‌ثانياً: أن نصر المظلوم واجب على القادر عليه

- ‌ثالثاً: إثبات البعث، والحشر، والحساب، والجزاء:

- ‌الخطبة السابعة عشرةإسلام حمزة بن عبد المطلب وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما

- ‌أولاً: سماعه للقرآن الكريم:

- ‌ثانياً: دعاء النبي صلى الله عليه وسلم له:

- ‌الخطبة الثامنة عشرةالمقاطعة العامة والحصار الاقتصادي

- ‌الخطبة التاسعة عشرة: الإسراء والمعراج

- ‌المعجزة الأولى:

- ‌المعجزة الثانية:

- ‌المعجزة الثالثة:

- ‌الخطبة العشرون: الدروس والعظات والعبر التي تؤخذ من الإسراء والمعراج

- ‌أولاً: أهمية المسجد الأقصى في الإِسلام

- ‌ثانياً: أهمية الصلاة في الإِسلام

- ‌ثالثاً: التحذير من الغيبة والخوض في أعراض المسلمين، وأكل لحوم الأبرياء:

- ‌الخطبة الحادية والعشرون: بيعة العقبة

- ‌الخطبة الثانية والعشرون: هجرة الصحابة رضي الله عنهم إلى المدينة

- ‌الخطبة الثالثة والعشرون: هجرة النبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة

- ‌الخطبة الرابعة والعشرونالباحثون عن الحق عبد الله بن سلام وسلمان الفارسي رضي الله عنهما

- ‌الخطبة الخامسة والعشرونالدروس والعظات والعبر التي تؤخذ من إسلام عبد الله بن سلام وسلمان الفارسي رضي الله عنهما

- ‌الخطبة السادسة والعشرون: المسجد في الإسلام

- ‌العنصر الأول: اهتمام الإسلام بالمساجد

- ‌العنصر الثاني: أهمية المسجد في الإِسلام

- ‌العنصر الثالث: البدع والمخالفات الشرعية التي وقعت في بناء المساجد

- ‌أولاً: بناء المساجد على القبور

- ‌ثانياً: زخرفة المساجد

- ‌الخطبة السابعة والعشرون: الإخاء بيم المهاجرين والأنصار

- ‌العنصر الأول: المهاجرون والأنصار في الكتاب والسنة

- ‌العنصر الثاني: الإخاء بين المهاجرين والأنصار

- ‌العنصر الثالث: حقوق الأخوة في الله:

- ‌أولاً: التناصح والتآمر بالمعروف والتناهي عن المنكر

- ‌ثانياً: النصرة والدفاع والإعانة على قضاء الحاجات

- ‌ثالثاً: من حقوق الأخوة في الله: الدعاء لأخيك بظهر الغيب

- ‌رابعاً: ومن حقوق الأخوة في الله: الاستغفار للأخ حياً وميتاً

- ‌خامساً: ومن حقوق الإخوة في الله: الإصلاح بينهم إذا وقع بينهم خلاف ونزاع

- ‌سادساً: ومن حقوق الإخوة في الله: أن يحب الأخ لأخيه ما يحب لنفسه

- ‌سابعاً: ومن حقوق الأخوة في الله: التعاون على البر والتقوى

- ‌ثامناً: من حقوق الأخوة في الله: التزاور في الله

- ‌تاسعاً: ومن أعظم حقوق الأخوة في الله: ألا يكون الأخ أحق بدرهمهوديناره من أخيه

- ‌العنصر الرابع: الأمراض التي تفتك، وتفسد الأخوة في الله

- ‌أولاً: الحسد والتباغض والتدابر

- ‌ثانياً: سوء الظن والتجسس والغيبة والنميمة

- ‌ثالثاً: الهجران

- ‌رابعاً: السخرية

- ‌خامساً: عدم التثبت من الأخبار التي ينقلها بعض الفساق

- ‌سادساً: الغش في البيع والشراء

- ‌الخطبة الثامنة والعشرون: وفاء المسلمين وغدر وخيانة اليهود

- ‌العنصر الأول: الإِسلام دين السلام والأمن والأمان، يأمر بالوفاء وينهى عن الخيانة والغدر:

- ‌العنصر الثاني: موقف اليهود من رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما وصل إلى المدينة

- ‌العنصر الثالث: معاملة النبي- صلى الله عليه وسلم لليهود في المدينة

- ‌العنصر الرابع: اليهود أهل غدر وخيانة

- ‌الخطبة التاسعة والعشرون: مشروعية القتال

- ‌العنصر الأول: رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون قبل مشروعية القتال

- ‌العنصر الثاني: مشروعية القتال

- ‌المرحلة الأولى: الإذن بالقتال دفاعاً عن النفس

- ‌المرحلة الثانية: أمر الله المسلمين بالقتال دفاعاً عن النفس والعقيدة

- ‌المرحلة الثالثة:

- ‌العنصر الثالث: السرايا والغزوات التي تحركت من المدينة بعد الإذن بالقتال

- ‌الخطبة الثلاثونالأهداف السامية والحكم العالية التي من أجملها شُرِعَ القتالُ في سبيل الله

- ‌الخطبة الحادية والثلاثون: الترغيب في القتال والجهاد في سبيل الله

- ‌الخطبة الثانية والثلاثون: غزوة بدرالكبرى

- ‌العنصر الأول: بين يدي الغزوة

- ‌عباد الله! العنصر الثاني: يوم الفرقان يوم التقى الجمعان

- ‌عباد الله! العنصر الثالث نتائج الغزوة

- ‌أولاً: نصر عظيم من الله للمؤمنين

- ‌ثانياً: هلاك أئمة الكفر:

- ‌هلاك أبي جهل لعنه الله:

- ‌هلاك عقبة بن أبي مُعيط أشقى القوم لعنه الله:

- ‌هلاك أمية بن خلف عدوالله:

- ‌ثالثاً: ومن نتائج غزوة بدرٍ الكبرى: الأسرى

- ‌رابعاً: الغنائم

- ‌خامساً: الشهداء

- ‌الخطبة الثالثة والثلاثون: غزوة بني قينُقاع وغزوة بني النضير

- ‌العنصر الأول: بعد غزوة بدرٍ الكبرى كفار مكة في مكة يهددون، واليهود في المدينة يغدرون

- ‌العنصر الثاني: ولا يحيق المكُر السيئ إلا بأهله

- ‌العنصر الثالث: اليهود يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين، فاعتبروا يا أولى الأبصار

- ‌العنصر الرابع: الدروس والعظات والعبر:

- ‌الخطبة الرابعة والثلاثون: غزوة أُحُد

- ‌العنصر الأول: أحد جبل يحبنا ونحبه:

- ‌العنصر الثاني: يوم التقى الجمعان

- ‌العنصر الثالث: ما فعله الرسول- صلى الله عليه وسلم -بعد انتهاء الغزوة

- ‌الخطبة الخامسة والثلاثون: الدروس والعظات والعبر والفوائد التي تؤخذ من غزوة أحد

- ‌1 - سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب:

- ‌2 - أنس بن النضر رضي الله عنه

- ‌3 - عبد الله بن حرام، والد جابر بن عبد الله رضي الله عنهما

- ‌4 - عمرو بن الجموح رضي الله عنه

- ‌5 - عبد الله بن جحش رضي الله عنه

- ‌الخطبة السادسة والثلاثون: غدر الكفار: مأساة يوم الرجيع، ومأساة بئر معونة

- ‌أولاً: مأساة يوم الرجيع

- ‌ثانياً: مأساة بئر معونة

- ‌أولاً: الغدر والخيانة من أخلاق الكفار واليهود

- ‌ثانياً: إثبات كرامة الأولياء

- ‌الخطبة السابعة والثلاثون: غزوة بني المصطلِق (المريسيع)

- ‌العنصر الأول: أحداثُ الغزوة

- ‌العنصر الثاني: دور المنافقين الخبيث في غزوة بني المصطلق

- ‌العنصر الثالث: الدروس والعظات والعبر التي تؤخد مما حدث في غزوة بني المصطلق:

- ‌الخطبة الثامنة والثلاثون: حديث الإفك

- ‌الخطبة التاسعة والثلاثون: الدروس والعظات والعبر والآداب التي تؤخذ من حديث الإفك

- ‌أولاً: الصبر على الإشاعات الكاذبة التي يشُنُّها أعداء الإِسلام على الإِسلام والمسلمين

- ‌ثانياً: إحسان الظن بالمؤمنين

- ‌ثالثاً: التثبت من الأخبار وإمساك اللسان عن الخوض في أعراض المسلمين

- ‌رابعاً: لا تتبعوا خطوات الشيطان

- ‌خامساً: أن تُحسِنَ إلى من أساء إليك

- ‌الخطبة الأربعون: غزوه الأحزاب (الخندق)

- ‌العنصر الأول: {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (30)}:

- ‌عباد الله! العنصر الثاني: الرسول- صلى الله عليه وسلم والصحابة رضي الله عنهم في المدينة يستعدون لملاقات العدو:

- ‌العنصر الثالث: مواقف المؤمنين ومواقف المنافقين

- ‌العنصر الرابع: شدة وكرب وبلاء، يعقبها نصر وفرج

- ‌العنصر الخامس: الدروس والعظات والعبر التي تؤخذ من غزوة الأحزاب

- ‌أولاً: الكفر ملةٌ واحدة هدفهم واحد وهو: دمروا الإِسلام أبيدوا أهله

- ‌ثانياَّ: من الدروس والعظات والعبر التي تؤخذ من غزوة الأحزاب (إن تنصروا الله ينصركم)

- ‌الخطبة الحادية والأربعون: غزوة بني قريظة

- ‌العنصر الأول: أسباب هذه الغزوة

- ‌العنصر الثاني: الجزاء من جنس العمل

- ‌العنصر الثالث: الدروس والعظات والعبر التي تؤخد من غزوة بني قريظة

- ‌أولاً: الله عز وجل للظالمين بالمرصاد

- ‌ثانياً: المستقبل للإسلام

- ‌ثالثاً: فضائل سعد بن معاذ رضي الله عنه

- ‌الخطبة الثانية والأربعون: عمرة الحديبية (صلح الحديبية)

- ‌العنصر الأول: سبب هذه العمرة وموقف المنافقين

- ‌العنصر الثاني: الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام يتحركون إلى مكة

- ‌العنصر الثالث: الأحداث التي وقعت عند الحديبية قبل الصلح

- ‌العنصر الرابع: صلح الحديبية:

- ‌العنصر الخامس: الأحداث التي وقعت بعد الصلح:

- ‌العنصر السادس: الفوائد والدروس والعظات والعبر التي تؤخذ من صلح الحديبية

- ‌الخطبة الثالثة والأربعون: غزوة خيبر

- ‌العنصر الأول: أسباب هذه الغزوة وموقف المنافقين

- ‌العنصر الثاني: الجيش الإِسلامي في طريقه إلى خيبر

- ‌العنصر الثالث: أحداث الغزوة

- ‌العنصر الرابع: معجزات النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة خيير:

- ‌الخطبة الرابعة والأربعون: كُتُبُ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الملوك والرؤساء يدعوهم فيها إلى الإسلام

- ‌الخطبة الخامسة والأربعون: غزوة مؤتة

- ‌العنصر الأول: سبب هذه الغزوة

- ‌العنصر الثاني: رسول الله- صلى الله عليه وسلم والجيش الإِسلامي في المدينة قبل التحرك إلى الشام

- ‌العنصر الثالث: الجيش الإِسلامي في طريقه إلى أرض الشام:

- ‌العنصر الرابع: أحداث الغزوة:

- ‌العنصر الخامس: الفوائد والدروس والعظات والعبر التي تؤخذ من غزوة مؤتة:

- ‌الخطبة السادسة والأربعون: الفتح الأكبر (فتح مكة)

- ‌العنصر الأول: سبب هذا الفتح

- ‌العنصر الثاني: رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعد للخروج إلى مكة في سرية تامة

- ‌العنصر الثالث: رسول الله صلى الله عليه وسلم والجيش الإِسلامي في طريقهم إلى مكة وأحداث الطريق

- ‌العنصر الرابع: أحداث الفتح

- ‌العنصر الخامس: الدروس والعظات والعبر التي تؤخذ من فتح مكة

- ‌الخطبة السابعة والأربعون: غزوة حُنين

- ‌العنصر الأول: جيش المشركين بقيادة مالك بن عوف سيد هوزان يستعد لمحاربة المسلمين

- ‌العنصر الثاني: جيش المسلمين بقيادة رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعد في مكة للقضاء على بقايا الشرك والوثنية. وأحداث الطريق

- ‌العنصر الثالث: أحداث الغزوة

- ‌العنصر الرابع: حكمة رسول الله صلى الله عليه وسلم في تقسيم الغنائم:

- ‌العنصر الخامس: الدروس والعظات والعبر التي تؤخد من غزوة حنين:

- ‌أولاً: التوكل على الله تعالى لا ينافي الأخذ بالأسباب:

- ‌ثانياً: الإعجاب بالكثرة يحجب نصر الله:

- ‌ثالثاً: الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل

- ‌رابعاً: حلمهُ صلى الله عليه وسلم على جفاء وغلظة الإعراب:

- ‌الخطبة الثامنة والأربعون: غزوة تبوك

- ‌العنصر الأول: سبب هذه الغزوة وتاريخها

- ‌العنصر الثاني: موقف المؤمنين وموقف المنافقين من غزوة تبوك

- ‌العنصر الثالث: أحداث في الطريق، والوصول إلى تبوك

- ‌العنصر الرابع: العودة من تبوك إلى المدينة:

- ‌الخطبة التاسعة والأربعون: قصة كعب بن مالك وصاحبيه

- ‌الخطبة الخمسون: حجة الوداع

- ‌الإحرام:

- ‌دخول مكة والطواف:

- ‌الوقوف على الصفا والمروة

- ‌الأمر بفسخ الحج إلى العمرة

- ‌النزول في البطحاء

- ‌خطبته صلى الله عليه وسلم بتأكيد الفسخ وإطاعة الصحابة له

- ‌قدوم علي من اليمن مهلاً بإهلال النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌التوجه إلى مِنى محرمين يوم الثامن وهو يوم التروية:

- ‌التوجه إلى عرفات والنزول بنمرة:

- ‌خطبة عرفات

- ‌الجمع بين الصلاتين والوقوف على عرفة:

- ‌الإفاضة من عرفات

- ‌الجمع بين الصلاتين في المزدلفة والبيات بها:

- ‌الوقوف على المشعر الحرام

- ‌الدفع من المزدلفة لرمي الجمرة

- ‌رمي الجمرة الكبرى

- ‌النحر والحلق

- ‌خطبة النحر

- ‌الإفاضة لطواف الصدر:

- ‌أولاً: تحديد مصدر التلقي

- ‌ثانياً: قطع الصلة بالجاهلية، والابتعاد عن الذنوب والمعاصي:

- ‌ثالثاً: الوصية بالنساء

- ‌رابعاً: من مات في الحج محرماً يبعث يوم القيامة ملبياً

- ‌الخطبة الحادية والخمسون: وفاةُ الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌أولاً: الغسل:

- ‌ثانياً: الكفن:

- ‌ثالثاً: الصلاة عليه:

- ‌رابعاً: الدفن:

الفصل: ‌الخطبة الثامنة عشرةالمقاطعة العامة والحصار الاقتصادي

‌الخطبة الثامنة عشرة

المقاطعة العامة والحصار الاقتصادي

، وفاة أبي طالب وخديجة رضي الله عنها، رحلة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الطائف

عباد الله! موعدنا في هذا اليوم -إن شاء الله تعالى- مع لقاء جديد من سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم، وحديثنا في هذا اللقاء سيكون عن الأحداث التالية:

أولاً: المقاطعة العامة والحصار الاقتصادي

ثاتيأ: وفاة أبي طالب وخديجة رضي الله عنها.

ثالثاً: رحلة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الطائف.

عباد الله! لما فشلت قريش في استعادة المسلمين من الحبشة، ورأت أن الناس يدخلون في دين الله، ويتبعون رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى رأس هؤلاء حمزة ابن عبد المطلب، وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما، الذي ازداد المسلمون بإسلامهما فرحاً وعزة ومنعة، عزمت قريش على قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم.

عباد الله! وحدد النبي صلى الله عليه وسلم المكان الذي تقاسمت فيه قريش على الكفر -يعني تحالفها على مقاطعة بني هاشم حتى يسلموا لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقتلوه- فذكر أنه خيف بني كنانة.

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي- صلى الله عليه وسلم من الغد يوم النحر وهو بمنى: "نحن نازلون غداً بخيف بني كنانة حيث تقاسموا على الكفر".

يعني بذلك المُحَصَّبَ، وذلك أن قريشاً وكنانة تحالفت على بني هاشم وبني عبد المطلب أو بني المطلب؛ أن لا يبايعوهم، ولا يناكحوهم حتى يسلموا إليهم

ص: 167

النبي صلى الله عليه وسلم" (1).

عباد الله! لما رأى أبو طالب إصرار قريش على قتل النبي صلى الله عليه وسلم، جمع بني عبد المطلب ودعاهم إلى الدخول بالنبي صلى الله عليه وسلم في شعب أبي طالب، ودعاهم أيضاً إلى أن يمنعوا النبي صلى الله عليه وسلم من كل من أراد قتله، فاجتمع على ذلك مؤمنهم وكافرهم، منهم من فعل ذلك حمية، ومنهم من فعل ذلك إيماناً ويقيناً.

فلما رأت قريش أن بني هاشم وبني عبد المطلب دخلوا بالنبي صلى الله عليه وسلم الشِّعب ليمنعوه ممن أراد قتله، اتفقوا فيما بينهم على مقاطعة عامة لبني هاشم وبني عبد المطلب، وأجمعوا أمرهم أن لا يبايعوهم ولا يبتاعوا منهم، ولا ينكحوهم ولا ينكحوا منهم، حتى يسلموا إليهم النبي صلى الله عليه وسلم ليقتلوه، وكتبوا ذلك في صحيفة، وعلقوها في جوف الكعبة، ومضى على ذلك ثلاث سنين، فجُهد النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه جهداً شاقاً، وأنهكهم الجوع، وهم في ذلك صابرون محتسبون، واثقون من أن الله -تعالى- جاعل لهم من هذا الضيق فرجاً ومخرجاً.

عباد الله! فلم تمض الثلاث سنين على هذا الحصار وهذه المقاطعة حتى فرق الله كلمة المشركين، وفرق جمعهم، فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون عن سر هذه المقاطعة، وسبب هذا الحصار الذي فرضوه على بني هاشم وبني عبد المطلب، ونفعه وضرره، وماذا جنوا منه وماذا استفادوا، فاجتمع رجال من قريش على نقض هذه الصحيفة الظالمة.

(1) متفق عليه، رواه البخاري (رقم 1590)، ومسلم (رقم 1314).

ص: 168

عباد الله! خرج النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه من الشعب، وقد أنهكهم الجوع، وأصابهم الضيق والشدة والبلاء، كل ذلك ببغي قريش وظلمها والله عز وجل يقول:{وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} [الشورى: 40].

فرأى النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو الله على قريش أن يصيبهم بمثل ما أصابهم فقال صلى الله عليه وسلم: "اللهم سبعٌ كسبع يوسف".

أي سبع سنين جدباً، وفي رواية "اللهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف"(1).

فأخذتهم سنة، محت كل شيء، حتى أكلوا أوراق الشجر والميتة والجيفة، وكان أحدهم ينظر إلى السماء فيرى الدخان من شدة الجوع، فلم يجدوا بداً من أن يأتوا رسول صلى الله عليه وسلم ويسألونه أن يدعو الله ليفرج كربهم، فدعا لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فسقوا الغيث ورفع الله ما نزل بهم.

عباد الله! إنها أخلاق النبوة

عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: لما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إدباراً قال: "اللهم! سبع كسبع يوسف" فأخذتهم سنة، حتى أكلوا الميتة والجلود والعظام، فجاء أبوسفيان، وناس من أهل (مكة)، فقالوا: يا محمَّد! إنك تزعم أنك بُعثت رحمة، وإن قومك قد هلكوا؛ فادع الله لهم، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسقوا الغيث" (2).

عباد الله! وما أن خرج النبي صلى الله عليه وسلم من الشعب حتى فاجأ المرض أبا طالب

(1) متفق عليه، رواه البخاري (رقم 1007)، ومسلم (رقم 2798).

(2)

صحيح، انظر "صحيح السيرة النبوية" الألباني (ص 227).

ص: 169

عم رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وكان أبو طالب "يحوط النبي ويغضب له"(1)، "وينصره"(2)، وكانت

قريش تحترمه.

عباد الله! أبو طالب أشرف على الموت، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يدعوه للإسلام لعله يموت عليه، ولكن الهدى هدى الله.

عن سعيد بن المسيب، عن أبيه قال: لما حضرت أبا طالب الوفاةُ دخل عليه النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فوجد عنده أبا جهل، وعبد الله بن أبي أمية، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"يا عم قل لا إله إلا الله أحاج لك بها عند الله". فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية: أي أبا طالب، أترغب عن ملة عبد المطلب! قال: فكان آخر كلمة أن قال: على ملة عبد المطلب. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لأستغفرن لك ما لم أنه عنك" فنزلت: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (113) وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ (114)} [التوبة:113 - 114].

وأنزل الله عز وجل قوله: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (56)} [القصص: 56](3).

عباد الله! وهكذا مات أبو طالب على الكفر، وخرج من الدنيا على غير لا إله إلا الله، إلا أن الله تفضل عليه بما قدم لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فشفَّع فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخرجه من أسفل النار إلى أعلاها.

(1) رواه البخاري (رقم 6258).

(2)

رواه مسلم (رقم 209).

(3)

أخرجه البخاري (رقم 1360)، ومسلم (رقم 24).

ص: 170

عن العباس بن عبد المطلب قال: قلت يا رسول الله! إن أبا طالب كان يحوطك وينصرك فهل نفعه ذلك؟ قال صلى الله عليه وسلم: "نعم، وجدته في غمرات من النار فأخرجته إلى ضحضاح من النار"(1).

وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أهون أهل النار عذاباً أبو طالب وهو ينتعل نعلين يغلي منهما دماغه"(2).

وعن أبي سعيد الخدري أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: وذكر عنده عمه أبو طالب فقال: "لعله تنفعه شفاعتي يوم القيامة، فيجعل في ضحضاح من النار يبلغ كعبيه يغلي منه دماغه"(3).

ولكن لم يشفع له النبي صلى الله عليه وسلم أن يخرج من النار؛ لأنه لا يخرج من النار من مات كافراً أبداً، وحرم الله الجنة على من مات كافراً أو مشركاً.

عباد الله! مات أبو طالب، ولم تمض إلا أيام قلائل حتى ماتت الزوجة الوفية الأمينة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها فحزن عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم حزناً شديداً، وظل يذكرها بعد موتها بكل خير، ويثني عليها أحسن الثناء، حتى أن عائشة رضي الله عنها غارت منها بعد موتها ولم ترها، من كثرة ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم لها.

عن عائشة رضي الله عنها قالت: ما غرت على أحد من نساء النبي صلى الله عليه وسلم ما غرت خديجة، وما رأيتها قط ولكن كان يكثر ذكرها، وربما ذبح الشاة ثم يُقطعها أعضاءً، ثم يبعثها في صدائق خديجة، وربما قلت له: كأن لم يكن

(1) أخرجه مسلم (رقم 209).

(2)

رواه مسلم (رقم 212).

(3)

متفق عليه، رواه البخاري (رقم 3885)، ومسلم (رقم 210).

ص: 171

في الدنيا امرأة إلا خديجة فيقول: "إنها كانت وكانت، وكان لي منها ولد"(1).

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أفضل نساء أهل الجنة: خديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمَّد، وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون، ومريم بنت عمران"(2).

جبريل عليه السلام يقرئ خديجة السلام من ربها، ويبشرها بقصر في الجنة قال أبو هريرة رضي الله عنه:"أتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! هذه خديجة قد أتت، معها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب، فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها ومني، وبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب"(3).

عباد الله! مات أبو طالب على الكفر، وماتت خديجة على الإيمان، لتعلموا يا عباد الله! أن الموت حق على الجميع على المؤمن والكافر وعلى الكبير والصغير وعلى الغني والفقير وعلى القوي والضعيف فما من أحدٍ منَّا إلا وسيأتيه الموت ويخرج من هذه الدنيا، لكن هنيئاً لمن خرج على الإيمان والعمل الصالح، وخاب وخسر من جاءته المنية وهو على الكفر ومعصية الله.

قال تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} [الأنبياء: 35]. وقال تعالى: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26)} [الرحمن: 26]. وقال تعالى: {قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ} [الجمعة: 8].

(1) متفق عليه، رواه البخاري (رقم 3818)، ومسلم (رقم 2433).

(2)

صحيح رواه أحمد (2668).

(3)

متفق عليه، رواه البخاري (رقم 3820)، ومسلم (رقم 2432).

ص: 172

وقال جبريل عليه السلام لرسولنا صلى الله عليه وسلم: "يا محمَّد عش ما شئت فإنك ميت .. ".

ابن آدم!

لا شيء مما ترى تبقى بشاشته

يبقى الإله ويفنى المال والولد

لم تغن عن هرمز يوماً خزائنه

والخلد قد حاولت عاد فما خلدوا

ولا سليمان إذ تجري الرياح له

والإنس والجن فيما بينها تردوا

أين الملوك التي كانت لعزتها

من كل أوب إليها وافد يفدُ

حوض هنالك مورود بلا كذب

لا بد من وروده يوماً كما وردوا

عباد الله!

نسير إلى الآجال في كل لحظة

وأيامنا تطوى وهن مراحل

ولم أر مثل الموت حقاً كأنه

إذا ما تخطته الأماني باطل

وما أقبح التفريط في زمن الصبا

فكيف به والشيب للرأس شاعل

ترحل من الدنيا بزاد من التقى

فعمرك أيام وهن قلائل

عباد الله! لما مات أبو طالب نالت قريش من رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأذى ما لم تكن تنال منه في حياة عمه أبي طالب، فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يغير البيئة، وأن يخرج بالدعوة من مكة إلى غيرها، لعله يجدُ من القبائل والعشائر من يقبل الدعوة، ويحميه حتى يبلغ رسالة ربه، فخرج إلى الطائف ماشياً يلتمس النصرة من ثقيف، رجاء أن يقبلوا منه ما جاءهم به من الله عز وجل، ولكنها لم تستجب له، وأغرت به صبيانها فرشقوه بالحجارة حتى أدموه، فقابل ذلك بالصبر والرضا وخرج عائداً إلى مكة، مهموماً حزيناً فبعث الله له ملك الجبال لينتقم منهم، فقابل الإساءة بالإحسان والعفو

ص: 173

والصبر، ولم يوافق ملك الجبال على هلاكهم، قال تعالى:{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (107)} [الأنبياء: 107].

عن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت يا رسول الله! هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد؟

قال: لقد لقيت من قومك ما لقيت، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة (يعني عقبة الطائف)، إذ عرضتُ نفسي على ابن عبد ياليل ابن عبد كلال فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب، فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني، فنظرت فإذا فيها جبريل فناداني فقال: إن الله قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك، وقد بعث الله إليك ملك الجبال لتامره بما شئت فيهم، فناداني ملك الجبال فسلم علي ثم قال: يا محمَّد! إن الله قد سمع قول قومك لك، وأنا ملك الجبال، وقد بعثني ربك إليك لتأمرني بأمرك، فما شئت، إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين؟ - جبلان بمكة-، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده، لا يشرك به شيئاً"(1).

إنها أخلاق النبوة، إنها الرحمة، ورجع النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكة، وكان بيده أن يتخلص من الكفار، وأن يستريح من شرهم، وأن يمسك هو الحكم ليقوم بما يريد، ولكن ليس بهذه الطريقة جاء الأنبياء إلى هذه الأرض، إنهم جاءوا لإخراج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ولإخراج الناس من الظلمات إلى النور.

(1) متفق عليه، رواه البخاري (رقم 3231)، ومسلم (رقم 1795).

ص: 174

عباد الله! أما الدروس والعظات والعبر التي تؤخذ من هذه الأحداث فهي:

أولاً: المقاطعة العامة والحصار الاقتصادي، ومطاردة الناس في أرزاقهم؛ من أخلاق الكفرة من قديم الزمان وإلى يومنا هذا، ففي مكة فعلت قريش ذلك برسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وحاصروهم في شعب أبي طالب، وإلى يومنا هذا الكفار يضربون الحصار الاقتصادي، والحظر على بلاد المسلمين، نقول للكفار في كل مكان: أرزاق العباد بيد الله وليست بايديكم، قال تعالى:{قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ} [سبأ: 24] ونقول للكفار: إن الله عز وجل بفضله وكرمه ورحمته، لم يكل رزق العباد إلى غيره، قال تعالى:{وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ (22) فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ (23)} [الذاريات: 22 - 23]، وقال تعالى:{إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (58)} [الذاريات: 58]. وقال تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (6)} [هود: 6].

عباد الله! أيرزق الله الدواب والطيور وينسى الذين يقولون: لا إله إلا الله، أيرزق الله الكفرة الفجرة الذين يحاربون الله ويحاربون دينه وعباده، ويحرم الذين يعبدونه وينصرون دينه!!

قال صلى الله عليه وسلم: "إن الرزق ليطلب العبد أكثر مما يطلبه أجله"(1).

وقال صلى الله عليه وسلم: "لو أن ابن آدم هرب من الرزق كما يهرب من الموت،

(1)"صحيح الجامع"(1626).

ص: 175

لأدركه رزقه كما يدركه الموت" (1).

ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: "إن روح القدس نفث في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحملنكم استبطاء الرزق على أن تطلبوه بمعصية الله، فإن ما عند الله، لا ينال إلا بطاعته"(2).

ثانياً: الرحمة والعفو والصفح من أخلاق رسولنا صلى الله عليه وسلم، فقد فعل الكفار ما فعلوا برسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ولما دعا عليهم الرسول صلى الله عليه وسلم بسبع كسبع يوسف واستجاب الله له فيهم، وجاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يطلبون منه أن يدعو الله أن يرفع عنهم ذلك العذاب، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم ربه أن يغيثهم. وعندما اعتدى أهل الطائف على رسول الله صلى الله عليه وسلم ورشقوه بالحجارة حتى أدموه، وجاء ملك الجبال يطلب من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأمره أن يطبق على الكفار الجبلين، رفض رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك وقال:"بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده، ولا يشرك به شيئاً"

إنها أخلاق النبوة .. كيف لا والله عز وجل يقول: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4)} [القلم: 4]. وقال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (107)} [الأنبياء: 107]. وقال تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (128)} [التوبة: 128].

ثالثاً: على الدعاة أن يصبروا على دعوتهم وعلى إيذاء الناس لهم، فلا بأس ولا قنوط من إسلام الكفرة والفجرة، ولا من توبة العصاة الفسقة،

(1)"صحيح الجامع"(5116).

(2)

صحيح بشواهده، انظر "صحيح الجامع"(2081).

ص: 176

فقلوب العباد بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء، وكم من رجل خرج ليلاً ليقتل النبي صلى الله عليه وسلم فما أصبح إلا وهو من أتباعه، فلا يجوز للداعي أن ييأس من الناس، ولا يجوز أن يقنط من الناس، فالله عز وجل هو الهادي، والداعي ما عليه إلا البيان، وأجره على الله.

رابعاً: جليس السوء يضر صاحبه في الحياة الدنيا، وعند الموت، ويوم القيامة، فقد تبين لكم أن جليس السوء -وهو أبو جهل- قد أضر بصاحبه عندما قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يا عم قل لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله" فقال له أبو جهل: يا أبا طالب، أترغب عن ملة عبد المطلب، فخرج الرجل من الدنيا على ملة عبد المطلب -على الكفر- وهكذا الجليس السوء.

ولكن إذا جلس الجليس الصالح عند صاحبه عند الموت قال له: (قل لا إله إلا الله) فيقولها.

والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة"(1).

اللهم إنا نسألك الجنة ونعوذ بك من النار.

(1) حسن، انظر "أحكام الجنائز"(ص 48).

ص: 177