المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الخطبة الحادية والخمسون: وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم - سبل السلام من صحيح سيرة خير الأنام عليه الصلاة والسلام - جـ ١

[صالح بن طه عبد الواحد]

فهرس الكتاب

- ‌الخطبة الأولى: ثمار دراسة السيرة النبوية

- ‌محمد رسول الله والذين معه

- ‌الخطبة الثانية: صفات النبي صلى الله عليه وسلم ونسبه

- ‌العنصر الأول: رسولنا صلى الله عليه وسلم أحب إلينا من حل شيء

- ‌العنصر الثاني: رسولنا صلى الله عليه وسلم أشرف الناس نسباً

- ‌العنصر الثالث: رسولنا صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خُلُقاً وخَلْقاً:

- ‌العنصر الرابع: أسمائه صلى الله عليه وسلم

- ‌الخطبة الثالثة: الأحداث العظام التي سبقت ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌العنصر الأول: أحوال مكة قبل مولد النبي صلى الله عليه وسلم وقبل بعثته

- ‌العنصر الثاني: الأحداث العظام التي سبقت ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌العنصر الثالث: دروس وعظات وعبر

- ‌الخطبة الرابعة: الآيات الجسام التي ظهرت ليلة مولده صلى الله عليه وسلم

- ‌الخطبة الخامسة: ميلاده صلى الله عليه وسلم ونشأته

- ‌العنصر الأول: ميلاد المصطفى صلى الله عليه وسلم ونشأته

- ‌العنصر الثاني: رسولنا صلى الله عليه وسلم في مهمة تجارية إلى بلاد الشام

- ‌العنصر الثالث: الله عز وجل يحفظ رسوله صلى الله عليه وسلم في شبابه منأقذار الجاهلية

- ‌العنصر الرابع: دروسٌ وعظات وعبر

- ‌الخطبة السادسة: الأحداث الجسام قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الحدث الأول: شهوده صلى الله عليه وسلم حلف الفضول

- ‌الحدث الثاني: زواجه صلى الله عليه وسلم من خديجة رضي الله عنها

- ‌أولاً: منزلة خديجة من نساء العالمين

- ‌ثانياً: منزلة خديجة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ثالثاً: منزلة خديجة في الجنة:

- ‌رابعاً: جبريل عليه السلام يقرئ خديجة السلام من ربها ويبشرها بقصر في الجنة:

- ‌خامساً:

- ‌الحدث الثالث: بناء الكعبة وقضية التحكيم

- ‌الخطبة السابعة: البشارات بنبوة النبي- صلى الله عليه وسلم قبل بعثته

- ‌أولاً: بشارات الأنبياء بنبوة محمَّد صلى الله عليه وسلم

- ‌ثانياً: بشارات الكتب السماوية بنبوة محمَّد صلى الله عليه وسلم

- ‌ثالثاً: بشارات علماء أهل الكتاب بنبوة محمَّد صلى الله عليه وسلم

- ‌الخطبة الثامنة: إشراق شمس النبوة

- ‌الخطبة التاسعة: مرحلة الدعوة إلى الله

- ‌المرحلة الأولى: الدعوة إلى الله سراً

- ‌الخطبة العاشرة: مرحلة الدعوة إلى الله

- ‌المرحلة الثانية: الدعوة إلى الله جهراً

- ‌الخطبة الحادية عشرة:أسلوب جديد من أساليب كفار مكة في الصد عن دين الله، ألا وهو أذية قريش لرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌الخطبة الثانية عشرة: أذية قريش لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الخطبة الثالثة عشرة:‌‌ المفاوضات وطلب المعجزات

- ‌ المفاوضات وطلب المعجزات

- ‌الخطبة الرابعة عشرة: مجادلة قريش للنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌أولاً: البعث بعد الموت

- ‌ثانيا: الآلهة التي تعبد من دون الله:

- ‌ثالثا: الروح:

- ‌رابعا: القدر

- ‌خامسا: القرآن الكريم

- ‌سادسا: نزول القرآن منجماً على رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌سابعا: مجالسة المستضعفين والفقراء من المؤمنين

- ‌الخطبة الخامسة عشرةقريش تعود إلى أسلوب الخنق والتضييق والتعذيب

- ‌الخطبة السادسة عشرةالهجرة إلى الحبشة وأعجب ما رأى المسلمون في أرض الحبشة

- ‌أولاً: تحريم الظلم

- ‌ثانياً: أن نصر المظلوم واجب على القادر عليه

- ‌ثالثاً: إثبات البعث، والحشر، والحساب، والجزاء:

- ‌الخطبة السابعة عشرةإسلام حمزة بن عبد المطلب وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما

- ‌أولاً: سماعه للقرآن الكريم:

- ‌ثانياً: دعاء النبي صلى الله عليه وسلم له:

- ‌الخطبة الثامنة عشرةالمقاطعة العامة والحصار الاقتصادي

- ‌الخطبة التاسعة عشرة: الإسراء والمعراج

- ‌المعجزة الأولى:

- ‌المعجزة الثانية:

- ‌المعجزة الثالثة:

- ‌الخطبة العشرون: الدروس والعظات والعبر التي تؤخذ من الإسراء والمعراج

- ‌أولاً: أهمية المسجد الأقصى في الإِسلام

- ‌ثانياً: أهمية الصلاة في الإِسلام

- ‌ثالثاً: التحذير من الغيبة والخوض في أعراض المسلمين، وأكل لحوم الأبرياء:

- ‌الخطبة الحادية والعشرون: بيعة العقبة

- ‌الخطبة الثانية والعشرون: هجرة الصحابة رضي الله عنهم إلى المدينة

- ‌الخطبة الثالثة والعشرون: هجرة النبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة

- ‌الخطبة الرابعة والعشرونالباحثون عن الحق عبد الله بن سلام وسلمان الفارسي رضي الله عنهما

- ‌الخطبة الخامسة والعشرونالدروس والعظات والعبر التي تؤخذ من إسلام عبد الله بن سلام وسلمان الفارسي رضي الله عنهما

- ‌الخطبة السادسة والعشرون: المسجد في الإسلام

- ‌العنصر الأول: اهتمام الإسلام بالمساجد

- ‌العنصر الثاني: أهمية المسجد في الإِسلام

- ‌العنصر الثالث: البدع والمخالفات الشرعية التي وقعت في بناء المساجد

- ‌أولاً: بناء المساجد على القبور

- ‌ثانياً: زخرفة المساجد

- ‌الخطبة السابعة والعشرون: الإخاء بيم المهاجرين والأنصار

- ‌العنصر الأول: المهاجرون والأنصار في الكتاب والسنة

- ‌العنصر الثاني: الإخاء بين المهاجرين والأنصار

- ‌العنصر الثالث: حقوق الأخوة في الله:

- ‌أولاً: التناصح والتآمر بالمعروف والتناهي عن المنكر

- ‌ثانياً: النصرة والدفاع والإعانة على قضاء الحاجات

- ‌ثالثاً: من حقوق الأخوة في الله: الدعاء لأخيك بظهر الغيب

- ‌رابعاً: ومن حقوق الأخوة في الله: الاستغفار للأخ حياً وميتاً

- ‌خامساً: ومن حقوق الإخوة في الله: الإصلاح بينهم إذا وقع بينهم خلاف ونزاع

- ‌سادساً: ومن حقوق الإخوة في الله: أن يحب الأخ لأخيه ما يحب لنفسه

- ‌سابعاً: ومن حقوق الأخوة في الله: التعاون على البر والتقوى

- ‌ثامناً: من حقوق الأخوة في الله: التزاور في الله

- ‌تاسعاً: ومن أعظم حقوق الأخوة في الله: ألا يكون الأخ أحق بدرهمهوديناره من أخيه

- ‌العنصر الرابع: الأمراض التي تفتك، وتفسد الأخوة في الله

- ‌أولاً: الحسد والتباغض والتدابر

- ‌ثانياً: سوء الظن والتجسس والغيبة والنميمة

- ‌ثالثاً: الهجران

- ‌رابعاً: السخرية

- ‌خامساً: عدم التثبت من الأخبار التي ينقلها بعض الفساق

- ‌سادساً: الغش في البيع والشراء

- ‌الخطبة الثامنة والعشرون: وفاء المسلمين وغدر وخيانة اليهود

- ‌العنصر الأول: الإِسلام دين السلام والأمن والأمان، يأمر بالوفاء وينهى عن الخيانة والغدر:

- ‌العنصر الثاني: موقف اليهود من رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما وصل إلى المدينة

- ‌العنصر الثالث: معاملة النبي- صلى الله عليه وسلم لليهود في المدينة

- ‌العنصر الرابع: اليهود أهل غدر وخيانة

- ‌الخطبة التاسعة والعشرون: مشروعية القتال

- ‌العنصر الأول: رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون قبل مشروعية القتال

- ‌العنصر الثاني: مشروعية القتال

- ‌المرحلة الأولى: الإذن بالقتال دفاعاً عن النفس

- ‌المرحلة الثانية: أمر الله المسلمين بالقتال دفاعاً عن النفس والعقيدة

- ‌المرحلة الثالثة:

- ‌العنصر الثالث: السرايا والغزوات التي تحركت من المدينة بعد الإذن بالقتال

- ‌الخطبة الثلاثونالأهداف السامية والحكم العالية التي من أجملها شُرِعَ القتالُ في سبيل الله

- ‌الخطبة الحادية والثلاثون: الترغيب في القتال والجهاد في سبيل الله

- ‌الخطبة الثانية والثلاثون: غزوة بدرالكبرى

- ‌العنصر الأول: بين يدي الغزوة

- ‌عباد الله! العنصر الثاني: يوم الفرقان يوم التقى الجمعان

- ‌عباد الله! العنصر الثالث نتائج الغزوة

- ‌أولاً: نصر عظيم من الله للمؤمنين

- ‌ثانياً: هلاك أئمة الكفر:

- ‌هلاك أبي جهل لعنه الله:

- ‌هلاك عقبة بن أبي مُعيط أشقى القوم لعنه الله:

- ‌هلاك أمية بن خلف عدوالله:

- ‌ثالثاً: ومن نتائج غزوة بدرٍ الكبرى: الأسرى

- ‌رابعاً: الغنائم

- ‌خامساً: الشهداء

- ‌الخطبة الثالثة والثلاثون: غزوة بني قينُقاع وغزوة بني النضير

- ‌العنصر الأول: بعد غزوة بدرٍ الكبرى كفار مكة في مكة يهددون، واليهود في المدينة يغدرون

- ‌العنصر الثاني: ولا يحيق المكُر السيئ إلا بأهله

- ‌العنصر الثالث: اليهود يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين، فاعتبروا يا أولى الأبصار

- ‌العنصر الرابع: الدروس والعظات والعبر:

- ‌الخطبة الرابعة والثلاثون: غزوة أُحُد

- ‌العنصر الأول: أحد جبل يحبنا ونحبه:

- ‌العنصر الثاني: يوم التقى الجمعان

- ‌العنصر الثالث: ما فعله الرسول- صلى الله عليه وسلم -بعد انتهاء الغزوة

- ‌الخطبة الخامسة والثلاثون: الدروس والعظات والعبر والفوائد التي تؤخذ من غزوة أحد

- ‌1 - سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب:

- ‌2 - أنس بن النضر رضي الله عنه

- ‌3 - عبد الله بن حرام، والد جابر بن عبد الله رضي الله عنهما

- ‌4 - عمرو بن الجموح رضي الله عنه

- ‌5 - عبد الله بن جحش رضي الله عنه

- ‌الخطبة السادسة والثلاثون: غدر الكفار: مأساة يوم الرجيع، ومأساة بئر معونة

- ‌أولاً: مأساة يوم الرجيع

- ‌ثانياً: مأساة بئر معونة

- ‌أولاً: الغدر والخيانة من أخلاق الكفار واليهود

- ‌ثانياً: إثبات كرامة الأولياء

- ‌الخطبة السابعة والثلاثون: غزوة بني المصطلِق (المريسيع)

- ‌العنصر الأول: أحداثُ الغزوة

- ‌العنصر الثاني: دور المنافقين الخبيث في غزوة بني المصطلق

- ‌العنصر الثالث: الدروس والعظات والعبر التي تؤخد مما حدث في غزوة بني المصطلق:

- ‌الخطبة الثامنة والثلاثون: حديث الإفك

- ‌الخطبة التاسعة والثلاثون: الدروس والعظات والعبر والآداب التي تؤخذ من حديث الإفك

- ‌أولاً: الصبر على الإشاعات الكاذبة التي يشُنُّها أعداء الإِسلام على الإِسلام والمسلمين

- ‌ثانياً: إحسان الظن بالمؤمنين

- ‌ثالثاً: التثبت من الأخبار وإمساك اللسان عن الخوض في أعراض المسلمين

- ‌رابعاً: لا تتبعوا خطوات الشيطان

- ‌خامساً: أن تُحسِنَ إلى من أساء إليك

- ‌الخطبة الأربعون: غزوه الأحزاب (الخندق)

- ‌العنصر الأول: {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (30)}:

- ‌عباد الله! العنصر الثاني: الرسول- صلى الله عليه وسلم والصحابة رضي الله عنهم في المدينة يستعدون لملاقات العدو:

- ‌العنصر الثالث: مواقف المؤمنين ومواقف المنافقين

- ‌العنصر الرابع: شدة وكرب وبلاء، يعقبها نصر وفرج

- ‌العنصر الخامس: الدروس والعظات والعبر التي تؤخذ من غزوة الأحزاب

- ‌أولاً: الكفر ملةٌ واحدة هدفهم واحد وهو: دمروا الإِسلام أبيدوا أهله

- ‌ثانياَّ: من الدروس والعظات والعبر التي تؤخذ من غزوة الأحزاب (إن تنصروا الله ينصركم)

- ‌الخطبة الحادية والأربعون: غزوة بني قريظة

- ‌العنصر الأول: أسباب هذه الغزوة

- ‌العنصر الثاني: الجزاء من جنس العمل

- ‌العنصر الثالث: الدروس والعظات والعبر التي تؤخد من غزوة بني قريظة

- ‌أولاً: الله عز وجل للظالمين بالمرصاد

- ‌ثانياً: المستقبل للإسلام

- ‌ثالثاً: فضائل سعد بن معاذ رضي الله عنه

- ‌الخطبة الثانية والأربعون: عمرة الحديبية (صلح الحديبية)

- ‌العنصر الأول: سبب هذه العمرة وموقف المنافقين

- ‌العنصر الثاني: الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام يتحركون إلى مكة

- ‌العنصر الثالث: الأحداث التي وقعت عند الحديبية قبل الصلح

- ‌العنصر الرابع: صلح الحديبية:

- ‌العنصر الخامس: الأحداث التي وقعت بعد الصلح:

- ‌العنصر السادس: الفوائد والدروس والعظات والعبر التي تؤخذ من صلح الحديبية

- ‌الخطبة الثالثة والأربعون: غزوة خيبر

- ‌العنصر الأول: أسباب هذه الغزوة وموقف المنافقين

- ‌العنصر الثاني: الجيش الإِسلامي في طريقه إلى خيبر

- ‌العنصر الثالث: أحداث الغزوة

- ‌العنصر الرابع: معجزات النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة خيير:

- ‌الخطبة الرابعة والأربعون: كُتُبُ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الملوك والرؤساء يدعوهم فيها إلى الإسلام

- ‌الخطبة الخامسة والأربعون: غزوة مؤتة

- ‌العنصر الأول: سبب هذه الغزوة

- ‌العنصر الثاني: رسول الله- صلى الله عليه وسلم والجيش الإِسلامي في المدينة قبل التحرك إلى الشام

- ‌العنصر الثالث: الجيش الإِسلامي في طريقه إلى أرض الشام:

- ‌العنصر الرابع: أحداث الغزوة:

- ‌العنصر الخامس: الفوائد والدروس والعظات والعبر التي تؤخذ من غزوة مؤتة:

- ‌الخطبة السادسة والأربعون: الفتح الأكبر (فتح مكة)

- ‌العنصر الأول: سبب هذا الفتح

- ‌العنصر الثاني: رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعد للخروج إلى مكة في سرية تامة

- ‌العنصر الثالث: رسول الله صلى الله عليه وسلم والجيش الإِسلامي في طريقهم إلى مكة وأحداث الطريق

- ‌العنصر الرابع: أحداث الفتح

- ‌العنصر الخامس: الدروس والعظات والعبر التي تؤخذ من فتح مكة

- ‌الخطبة السابعة والأربعون: غزوة حُنين

- ‌العنصر الأول: جيش المشركين بقيادة مالك بن عوف سيد هوزان يستعد لمحاربة المسلمين

- ‌العنصر الثاني: جيش المسلمين بقيادة رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعد في مكة للقضاء على بقايا الشرك والوثنية. وأحداث الطريق

- ‌العنصر الثالث: أحداث الغزوة

- ‌العنصر الرابع: حكمة رسول الله صلى الله عليه وسلم في تقسيم الغنائم:

- ‌العنصر الخامس: الدروس والعظات والعبر التي تؤخد من غزوة حنين:

- ‌أولاً: التوكل على الله تعالى لا ينافي الأخذ بالأسباب:

- ‌ثانياً: الإعجاب بالكثرة يحجب نصر الله:

- ‌ثالثاً: الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل

- ‌رابعاً: حلمهُ صلى الله عليه وسلم على جفاء وغلظة الإعراب:

- ‌الخطبة الثامنة والأربعون: غزوة تبوك

- ‌العنصر الأول: سبب هذه الغزوة وتاريخها

- ‌العنصر الثاني: موقف المؤمنين وموقف المنافقين من غزوة تبوك

- ‌العنصر الثالث: أحداث في الطريق، والوصول إلى تبوك

- ‌العنصر الرابع: العودة من تبوك إلى المدينة:

- ‌الخطبة التاسعة والأربعون: قصة كعب بن مالك وصاحبيه

- ‌الخطبة الخمسون: حجة الوداع

- ‌الإحرام:

- ‌دخول مكة والطواف:

- ‌الوقوف على الصفا والمروة

- ‌الأمر بفسخ الحج إلى العمرة

- ‌النزول في البطحاء

- ‌خطبته صلى الله عليه وسلم بتأكيد الفسخ وإطاعة الصحابة له

- ‌قدوم علي من اليمن مهلاً بإهلال النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌التوجه إلى مِنى محرمين يوم الثامن وهو يوم التروية:

- ‌التوجه إلى عرفات والنزول بنمرة:

- ‌خطبة عرفات

- ‌الجمع بين الصلاتين والوقوف على عرفة:

- ‌الإفاضة من عرفات

- ‌الجمع بين الصلاتين في المزدلفة والبيات بها:

- ‌الوقوف على المشعر الحرام

- ‌الدفع من المزدلفة لرمي الجمرة

- ‌رمي الجمرة الكبرى

- ‌النحر والحلق

- ‌خطبة النحر

- ‌الإفاضة لطواف الصدر:

- ‌أولاً: تحديد مصدر التلقي

- ‌ثانياً: قطع الصلة بالجاهلية، والابتعاد عن الذنوب والمعاصي:

- ‌ثالثاً: الوصية بالنساء

- ‌رابعاً: من مات في الحج محرماً يبعث يوم القيامة ملبياً

- ‌الخطبة الحادية والخمسون: وفاةُ الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌أولاً: الغسل:

- ‌ثانياً: الكفن:

- ‌ثالثاً: الصلاة عليه:

- ‌رابعاً: الدفن:

الفصل: ‌الخطبة الحادية والخمسون: وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم

‌الخطبة الحادية والخمسون: وفاةُ الرسول صلى الله عليه وسلم

-

عباد الله! وموعدُنا في هذا اليوم -إن شاء الله تعالى- مع اللقاء الحادي والخمسين من سيرة حِبيبِ ربِّ العالمين محمدٍ صلى الله عليه وسلم النبي الأمين، وهذا هو اللقاءُ الأخير، وحديثنُا في هذا اللقاءِ سيكونُ عن وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

عباد الله! رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الذي قال الله فيه: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (107)} .

والذي أخرجنا الله به من الظلمات إلى النور.

والذي ختم اللهُ به الأنبياءَ والمرسلين، فلا نبي بعده ولا رسول بعده.

والذي قال الله له {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (45)} أو قال الله له: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} فنشهد أنه بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وكشف الغمة، وجاهدَ في سبيل دينه حتى أتاهُ اليقين، وترك أمته على المحجةِ البيضاء، ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك أو ضالُ.

عباد الله! رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الذي قال الله له: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (30)} [الزمر: 30]

والذي قال الله له: {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ (34) كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (35)} [الأنبياء: 34 - 35].

ص: 562

وقال تعالى: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (27)} [الرحمن:26 - 27]، وقال تعالى:{كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (88)} .

رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال له جبريل عليه السلام: "يا محمَّد عش ما شئت فإنك ميت وأحبب من شئت فإنك مفارقه"(1).

عباد الله! بعد أن فتح رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مكة وأرسل إلى ملوك ورؤساء الدول الكبرى يدعوهم إلى الإِسلام، وبدأ الناس يدخلون في دين الله أفواجاً؛ أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم يشير إلى اقتراب أجله، وُيعرضُ بقرب أجله.

فقبل حجة الوداع، خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم مع معاذ بن جبل رضي الله عنه يودعه ويوصيه عندما بعثه إلا اليمن، ومعاذ راكب ورسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي تحت راحلته، فلما فرغ صلى الله عليه وسلم قال:"يا معاذ، إنك عسى أن لا تلقاني بعد عامي هذا ولعلك أن تمر بمسجدي هذا وقبري".

فبكى معاذ جشعاً لفراق رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم التفت صلى الله عليه وسلم فأقبل بوجهه نحو المدينة، فقال:"إن أولى الناس بي المتقون؛ من كانوا وحيث كانوا"(2).

ووقع ما أشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن معاذاً أقام باليمن حتى كانت حجة الوداع، ثم كانت وفاة النبي صلى الله عليه وسلم حجة الوداع، ومعاذ باليمن.

وكان صلى الله عليه وسلم يعتكف كل سنة عشراً في شهر رمضان، فاعتكف في السنة الأخيرة عشرين ليلة، وكان جبريل يعارضه القرآن مرة في شهر رمضان،

(1)"الصحيحة"(رقم 831)

(2)

قال الشيخ الألباني: صحيح رواه أحمد (5/ 235).

ص: 563

فعارضه في السنة الأخيرة مرتين.

قال أبو هريرة رضي الله عنه: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف في كل رمضان عشرة أيام، فلما كان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين يوماً (1).

أخبر النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة رضي الله عنها: "أن جبريل كان يعارضني بالقرآن كل سنة مرة، وإنه قد عارضني به العام مرتين، ولا أرى الأجل إلا قد اقترب، فاتقي الله واصبري"(2).

عباد الله! وفي حجة الوداع، ودع النبي صلى الله عليه وسلم أمته وأصحابه.

في يوم النحر، وعند جمرة العقبة قال صلى الله عليه وسلم:"لتأخذوا مناسككم -أي: خذوا عني مناسككم- فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه"(3).

وعلى عرفة نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3].

فلما تلاها صلى الله عليه وسلم على أصحابه بكى عمرُ رضي الله عنه فقيل له: ما يبكيك؟ فقال رضي الله عنه إنه ليس بعد الكمال إلا النقصان (4).

وفي ثاني أيام التشريق نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (3)} [سورة النصر]

(1) متفق عليه، رواه البخاري (رقم 2033)، ومسلم (رقم 1173).

(2)

رواه البخاري (رقم 6285)، ومسلم (رقم 2450).

(3)

رواه مسلم (رقم 1297).

(4)

"تفسير الطبري"(6/ 80)، "البداية والنهاية"(5/ 79).

ص: 564

فلما سأل عمر رضي الله عنه ابن عباس رضي الله عنهما عن هذه السورة.

قال ابن عباس: هو أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم له، قال:{إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2)} وذلك علامة أجلك {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (3)} .

فقال عمر: ما أعلم منها إلا ما تقول (1).

عباد الله! ودعا النبي- صلى الله عليه وسلم فاطمة رضي الله عنها فسارها بشيء فبكت، ثم دعاها فسارها بشيء فضحكت. فلما سألتها عائشة رضي الله عنها قالت: سارّني في الأول فقال لي: "إن جبريل كان يُعارضُني بالقرآن كل سنة مرةً، وقد عارضني في هذا العام مرتين، ولا أرى ذلك إلا اقتراب أجلي، فاتقي الله واصبري، فنعم السلف أنا لك" فبكيت.

ثم سارني فقال: "يا فاطمة ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء المؤمنين، أو سيدة نساء هذه الأمة؟ " فضحكت (2).

عباد الله! وخرج صلى الله عليه وسلم يوماً إلى أحد فصلى على الشهداء كالمودع للأحياء والأموات، ثم انصرف إلى المنبر فقال: "إني فرط لكم، وأنا شهيد عليكم، وإني والله لأنظر إلى حوضي الآن، وإني أعطيت مفاتيح خزائن الأرض أو مفاتيح الأرض.

وإني والله ما أخاف عليكم أن تشركوا بعدي، ولكني أخاف عليكم أن

(1) رواه البخاري (رقم 4970).

(2)

متفق عليه، مضى قريباً.

ص: 565

تنافسوا فيها" (1).

عباد الله! هكذا أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم يشير ويعرض باقتراب أجله، والناس يشعرون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يودعهم.

عباد الله! وعاد النبي صلى الله عليه وسلم من حجة الوداع إلى المدينة، وهناك في المدينة بدأ النبي صلى الله عليه وسلم يشتكي من صداع شديد في رأسه.

تقول عائشة رضي الله عنها رجع النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم من جنازة من البقيع فوجدني، وأنا أجد صداعا وأنا أقول، وارأساه، فقال:"بل أنا يا عائشة وارأساه".

ثم قال- صلى الله عليه وسلم لها: "وما ضرك لو مت قبلي فغسلتك وكفنتك، وصليت عليك ودفنتك".

فقالت رضي الله عنها له: كأني بك والله لو فعلت ذلك، لرجعت إلى بيتي فعرست فيه ببعض نسائك.

تقول رضي الله عنها: "فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم بدئ في وجعه الذي مات فيه"(2).

عباد الله! "اشتد الوجع برسول الله- صلى الله عليه وسلم، فطلب من زوجاته أن يمرض في بيت عائشة أم المؤمنين فأذنَّ له، فخرج بين رجلين من أهل بيته حتى دخل بيت عائشة"(3).

وكان صلى الله عليه وسلم يقول: "يا عائشة ما أزال أجد ألم الطعام الذي أكلت بخيبر،

(1) رواه البخاري (رقم 1344).

(2)

صحيح ابن ماجة (1197).

(3)

رواه البخاري (رقم 2588).

ص: 566

فهذا أوان وجدت انقطاع أبهري" (1) -من ذلك السم-.

وكان صلى الله عليه وسلم يخرج إلى المسجد يصلي بالناس، فلما اشتد به الوجع قال:"مروا أبا بكر فليصل بالناس".

فقالت عائشة: إن أبا بكر إذا قام مقامك لم يسمع الناس من البكاء، فمر عمر فليصل بالناس. فقال صلى الله عليه وسلم:"مروا أبا بكر فليصل بالناس".

تقول عائشة: فقلت لحفصة: قولي له: إن أبا بكر إذا قام مقامك لم يسمع الناس من البكاء، فمر عمر فليصل بالناس. ففعلت حفصة.

فقال صلى الله عليه وسلم: "مه! إنكن لأنتن صواحب يوسف، مروا أبا بكر فليصل بالناس".

فقالت حفصة لعائشة: ما كنت لأصيب منك خيراً (2).

وعاودت عائشة رسول الله صلى الله عليه وسلم لئلا يتشاءم الناس بأبيها (3).

عباد الله! أبو بكر رضي الله عنه يصلي بالناس، وفي يوم وجد النبي صلى الله عليه وسلم في نفسه خفة فخوج يهادي بين رجلين، ورجلاه تخطان في الأرض من الوجع، فأراد أبو بكر أن يتأخر فأومأ إليه النبي صلى الله عليه وسلم أن مكانك، ثم أُتي به حتى جلس إلى جنبه، فكان صلى الله عليه وسلم يصلي، وأبو بكر يصلي بصلاته، والناس يصلون بصلاة أبي بكر (4).

(1) رواه البخاري (رقم 4428).

(2)

متفق عليه، رواه البخاري (رقم 679)، ومسلم (رقم 418).

(3)

متفق عليه، رواه البخاري (رقم 4445)، ومسلم (رقم 418).

(4)

متفق عليه، رواه البخاري (رقم 198)، ومسلم (رقم 664).

ص: 567

عباد الله! فلما كان يوم الخميس قبل خمسة أيام من وفاته صلى الله عليه وسلم؛ اشتد الوجع برسول الله صلى الله عليه وسلم فقال للمسلمين حوله: "ائتوني أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده" فتنازعوا، وما ينبغي عند نبي تنازع .. فقال لهم "دعوني فالذي أنا فيه خير"(1).

ثم أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يخرج للخطبة. فقال لأهله: "أهريقوا علي من سبع قرب لم تُحَلُ أوكيتها، لعلي أعهد إلى الناس".

تقول عائشة رضي الله عنها "فأجلسناه في مخصب لحفصة، ثم طفقنا نصب عليه من تلك القرب، حتى طفق يشير إلينا بيده" أن قد فعلتن، تقول رضي الله عنها ثم خرج إلى الناس فصلى بهم وخطبهم (2).

يقول أبو سعيد الخدري رضي الله عنه "خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس فقال: "إن الله خير عبداً بين الدنيا وبين ما عنده، فاختار ذلك العبد ما عند الله".

قال أبو سعيد: "فبكى أبو بكر، فعجبنا لبكائه أن يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عبد خير، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المُخَيرُ، وكان أبو بكر أعلمنا".

فقال صلى الله عليه وسلم: "إن أمنَّ الناس علي في صحبته وماله أبو بكر، ولو كنت متخذاً خليلاً غير ربي لاتخذت أبا بكر، ولكن أخوة الإِسلام ومودته، لا يبقين في المسجد باب إلا سد، إلا باب أبي بكر"(3).

عباد الله! اشتد الوجع برسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ يوصي أمته وأصحابه في

(1) متفق عليه، رواه البخاري (رقم 4432)، ومسلم (رقم 1637).

(2)

رواه البخاري (رقم 198).

(3)

متفق عليه، رواه البخاري (رقم 466)، ومسلم (رقم 2382).

ص: 568

الأيام الأخيرة من عمره بما يلي:

أولاً: أوصى أمته بإخراج المشركين في جزيرة العرب، فقال صلى الله عليه وسلم قبل موته بخمس:"أوصيكم بثلاث ثم ذكر منها: أخرجوا المشركين من جزيرة العرب"(1).

ثانياً: وأوصى أن تغلق الأبواب المفتوحة على المسجد إلا باب أبي بكر فقال- صلى الله عليه وسلم: "لا يبقين في المسجد باب إلا سد، إلا باب أبي بكر" وهذه من الإشارات لاستخلافه رضي الله عنه (2).

ثالثاً: وأوصى صلى الله عليه وسلم بالأنصار خيراً.

يقول أنس رضي الله عنه: "مر أبو بكر والعباس رضي الله عنهما بمجلس من مجالس الأنصار وهم يبكون فقال: ما يُبكيكم؟ قالوا: ذكرنا مجلس النبي صلى الله عليه وسلم فينا فدخل على النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بذلك. قال: فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وقد عصب على رأسه حاشية برد، فصعد المنبر- ولم يصعده بعد ذلك اليوم- فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: "أوصيكم بالأنصار فإنهم كرشي وعيبتي -أي: موضع سري وأمانتي-، وقد قضوا الذي عليهم، وبقي الذي لهم فاقبلوا من محسنهم، وتجاوزوا عن مسيئهم" (3).

رابعاً: وأوصى صلى الله عليه وسلم بتعظيم الرب عز وجل في الركوع، والاجتهاد في الدعاء في السجود يقول: ابن عباس رضي الله عنهما: كشف رسول الله صلى الله عليه وسلم الستارة والناس صفوف خلف أبي بكر فقال: "أيها الناس، إنه لم يبق

(1) رواه البخاري (رقم 3168).

(2)

مضى قريباً.

(3)

رواه البخاري (رقم 3799).

ص: 569

من مبشرات النبوة إلا الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له، ألا وأني نهيت أن أقرأ القرآن راكعاً أو ساجداً، فأما الركوع فعظموا فيه الرب عز وجل، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فقمن -أي: حقيق وجدير- أن يستجاب لكم" (1).

خامساً: أوصى صلى الله عليه وسلم أمته بالصلاة

يقول علي رضي الله عنه: كان آخر كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم "الصلاة، الصلاة، واتقوا الله فيما ملكت أيمانكم"(2).

سادساً: ووصى صلى الله عليه وسلم أمته أن تحسن الظن بالله.

يقول جابر رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول قبل موته بثلاث: "لا يموت أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله عز وجل"(3).

سابعاً: نهى صلى الله عليه وسلم أمته عن بناء المساجد على القبور، تقول عائشة وابن عباس رضي الله عنهم: إن رسول الله- صلى الله عليه وسلم لما حضرته الوفاة جعل يلقى على وجهه طرف خميصة، فإذا اغتم كشفها عن وجهه وهو يقول:"لعنة الله على اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد".

تقول عائشة: "يُحَذّرُ مثل الذي صنعوا"(4).

عباد الله! اشتد الوجع برسول الله صلى الله عليه وسلم، وانقطع عن أصحابه بقية يوم

(1) رواه مسلم (رقم 479).

(2)

انظر "إرواء الغليل"(رقم 2178).

(3)

رواه مسلم (رقم 2877).

(4)

رواه البخاري (رقم 4441).

ص: 570

الخميس، والجمعة والسبت والأحد، وبينما هم في صلاة الفجر من يوم الاثنين، وأبو بكر يصلي بالناس، لم يفجأهم إلا ورسول الله صلى الله عليه وسلم قد كشف ستر حجرة عائشة؛ فنظر إليهم وهم صفوف في الصلاة ثم ابتسم يضحك، فنكص أبو بكر على عقبيه ليصل الصف، وظن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد أن يخرج إلى الصلاة.

يقول أنس رضي الله عنه: وهم المسلمون أن يفتنوا في صلاتهم فرحاً برسول الله صلى الله عليه وسلم، فأشار إليهم بيده أن أتموا صلاتكم، ثم دخل- صلى الله عليه وسلم الحجرة وأرخى الستر، ثم مات صلى الله عليه وسلم ضحى ذلك اليوم الاثنين (1).

عباد الله! وفي يوم الاثنين اشتد المرض برسول الله صلى الله عليه وسلم

تقول عائشة رضي الله عنها: لا أكره شدة الموت لأحد أبداً بعد ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم (2).

ويقول ابن مسعود رضي الله عنه: "دخلت على رسول الله- صلى الله عليه وسلم وهو يوعك، فقلت: يا رسول الله، إنك توعك وعكاً شديداً".

قال- صلى الله عليه وسلم: أجل، إني أوعك كما يوعك رجلان منكم.

قلت: ذلك أن لك أجرين؟

قال صلى الله عليه وسلم: أجل، ذلك كذلك.

ثم قال صلى الله عليه وسلم: "ما من مسلم يصيبه أذى، شوكة فما فوقها، إلا كفر الله بها

(1) متفق عليه، رواه البخاري (رقم 680)، ومسلم (رقم 419).

(2)

رواه البخاري (رقم 4445).

ص: 571

سيئاته، كما تحط الشجرة ورقها" (1).

وتقول عائشة رضي الله عنها "لما نزل برسول الله صلى الله عليه وسلم -أي: وجع الموت- طفق يطرح خميصة له على وجهه، فإذا اغتم كشفها عن وجهه، ويقول: "لعن الله اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" تقول عائشة رضي الله عنها: لولا ذلك لأبرز قبره، خشي أن يتخذ مسجداً (2).

ويقول أنس رضي الله عنه لما ثقل النبي صلى الله عليه وسلم جعل يتغشاه الكرب فقالت فاطمة- رضي الله عنها "واكرب ابتاه! قال صلى الله عليه وسلم: "ليست على أبيك كرب بعد اليوم" (3).

وتقول عائشة رضي الله عنها "إن من نعم الله علي، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي في بيتي ويومي، وبين سحري ونحري، وأن الله جمع بين ريقى وريقه عند موته.

تقول رضي الله عنها: دخل علي عبد الرحمن بن أبي بكر وبيده سواك - وأنا مسندة رسول الله صلى الله عليه وسلم - فرأيته ينظر إليه، وعرفت أنه يحب السواك، فقلت: آخذه لك؟ فأشار برأسه أن نعم.

فتناوله فاشتد عليه، فقلت: ألينه لك؟ فأشار برأسه أن نعم. فلينته فأمرّه -أي استاك به- تقول رضي الله عنها "وبين يديه ركوة فيها ماء، فجعل يدخل يديه في الماء، فيمسح بها وجهه ويقول: لا إله إلا الله، إن للموت سكرات"، ثم نصب يده فجعل يقول:"في الرفيق الأعلى"، حتى قبض

(1) متفق عليه، رواه البخاري (رقم 5647)، ومسلم (رقم 2571).

(2)

متفق عليه، رواه البخاري (رقم 1330)، ومسلم (رقم 529).

(3)

رواه البخاري (رقم 4462).

ص: 572

فمالت يده (1).

يقول أنس رضي الله عنه، لما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت فاطمة رضي الله عنها:

يا أبتاه! أجاب رباً دعاه.

يا أبتاه! جنة الفردوس مأواه.

يا أبتاه! إلى جبريل ننعاه" (2).

عباد الله! لما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وضعت عائشة رضي الله عنها رأسه على وسادة، وسجته -أي: غطته- ببردة.

عباد الله! عائشة تبكي، وفاطمة تبكي، والكل يبكي على فراق رسول الله صلى الله عليه وسلم، والخبر ينتشر هنا وهناك، فمن المسلمين من يقول: مات رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومنهم من يقول: لا ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا الفاروق عمر رضي الله عنه يتوعد من قال مات رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقتل والقطع.

عباد الله! وصل الخبر إلى أبي بكر رضي الله عنه، فجاء على فرسه، ثم دخل فكشف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقبله وقال: بأبي أنت وأمي طبت حياً وميتاً، والذي نفسي بيده لا يذيقك الله الموتتين أبداً، ثم خرج وعمر يكلم الناس، فقال: اجلس يا عمر، فأبى عمر أن يجلس، فقال: اجلس يا عمر، فأبى عمر أن يجلس، فلما تكلم أبو بكر جلس عمر، فحمد الله وأثنى عليه وقال: ألا من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت، قال تعالى:{إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (30)} [الزمر: 30].

(1) متفق عليه، رواه البخاري (رقم 4450)، ومسلم (رقم 2443).

(2)

رواه البخاري (رقم 4462).

ص: 573