الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال أنس: وقد كنت أرى ذلك المخيط في صدره (1).
بعد هذه الحادثة أشفقت مرضعته عليه فأعادته إلى أمه، وعاش صلى الله عليه وسلم عند أمه ومرت الأيام والسنين وأخذته أمه وذهبت به إلى المدينة لزيارة أخوال أبيه؛ بني عدي بن النجار وبينما هي عائدة أدركتها منيتها في الطريق، فماتت بالأبواء- قرية بين مكة والمدينة- ودفنت هناك.
عباد الله! وعاد الرسول صلى الله عليه وسلم وقد نزل من بطن أمه يتيماً لم ير أباه، وها هو قد فقد أمه، ثم عاد إلى جده عبد المطلب وكفله جده، ورق له رقةً لم تعهد له في ولده، ومرت الأعوام ثم توفي عبد المطلب وكان عمر النبي صلى الله عليه وسلم ثماني سنوات فكفله شقيق أبيه أبو طالب وكان به رحيماً وكان أبو طالب مُقلاً في الرزق، فعمل النبي صلى الله عليه وسلم برعي الغنم؛ مساعدةً منه لعمه.
فقال صلى الله عليه وسلم: "ما بعث الله نبياً إلا رعى الغنم"، فقال أصحابه: وأنت، فقال:"نعم كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة"(2).
وسئل صلى الله عليه وسلم: أكنت ترعى الغنم؟ قال: "نعم وهل من نبي إلا رعاها"(3).
ثم بعد ذلك اشتغل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتجارة.
العنصر الثاني: رسولنا صلى الله عليه وسلم في مهمة تجارية إلى بلاد الشام
.
عن أبي موسى الأشعري قال: "خرج أبو طالب إلى الشام ومعه رسول
(1)"صحيح السيرة النبوية" الألباني (ص 18).
(2)
رواه البخاري (رقم 2262).
(3)
رواه البخاري (رقم 3406)، ومسلم (2050).
الله صلى الله عليه وسلم في أشياخ من قريش، فلما أشرفوا على الراهب -يعني: بحيرى- هبطوا فحلوا رحالهم، فخرج إليهم الراهب، وكانوا قبل ذلك يمرون به فلا يخرج ولا يلتفت إليهم. قال: فنزل وهم يحلون رحالهم، فجعل يتخللهم حتى جاء فأخذ بيد النبي صلى الله عليه وسلم فقال: هذا سيد العالمين، وهذا رسول رب العالمين. يبعثه الله رحمةً للعالمين.
فقال له أشياخ من قريش: وما علمك؟ فقال: إنكم حين أشرفتم من العقبة لم يبق شجر ولا حجر إلا خر ساجداً، ولا يسجدون إلا لنبي وإني أعرفه بخاتم النبوة أسفل من غضروف كتفه، ثم رجع فصنع لهم طعاماً، فلما أتاهم به -وكان هو في رعية الإبل- فقال: أرسلوا إليه. فأقبل وغمامة تظله، فلما دنا من القوم قال: انظروا إليه عليه غمامة! فلما دنا من القوم وجدهم قد سبقوه إلى فيء الشجرة، فلما جلس مال فيء الشجرة عليه، قال: انظروا إلى فيء الشجرة مال عليه.
قال: فبينما هو قائم عليهم وهو ينشدهم ألا يذهبوا به إلى الروم، فإن الروم، إن رأوه عرفوه بالصفة فقتلوه، فالتفت، فإذا هو بسبعة نفر من الروم قد أقبلوا، قال: فاستقبلهم فقال: ما جاء بكم؟ قالوا: جئنا أن هذا النبي خارج في هذا الشهر، فلم يبق طريق إلا بعث إليه ناس، وإنا أخبرنا خبره إلى طريقك هذه.
قال: فهل خلفكم أحدٌ هو خير منكم؟ قالوا: لا، إنما أخبرنا خبره إلى طريقك هذه. قال: أفرأيتم أمراً أراد الله أن يقضيه؟ هل يستطيع أحدٌ من الناس رده؟ فقالوا: لا. قال: فبايعوا وأقاموا معه عنده قال: فقال الراهب: