الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فيكون جمع غلاف، كحجاب وحجب، وكتاب وكتب، ومعناه: قلوبنا أوعية لكل علم فلا نحتاج إلى علمك وكتابك.
و (قليلاً) صفة لمحذوف أي: فإيماناً قليلاً، أو عدداً قليلاً يؤمنون، أو ظرف لأنه من صفة الأحيان، والعامل فيه ما يليه، و (ما) لتأكيد القلة، أي: في قليل من الأحيان يؤمنون، أو حال من الواو في (يؤمنون) أي: فيؤمنون في حال قلتهم.
يقول الحق جل جلاله: قالت اليهود استهزاء بما تدعوهم إليه: قُلُوبُنا مغلفة ومغشاة فلا نفقه ما تقول، أو أوعية للعلوم فلا تحتاج إلى علمك، قال الله تعالى: بَلْ لا غطاء على قلوبهم حساً، بل هي على الفطرة لكن لَعَنَهُمُ اللَّهُ وطردهم وخذلهم بسبب بِكُفْرِهِمْ فأبطل استعدادها للعلم، فَقَلِيلًا مَّا يُؤْمِنُونَ أي: فإيماناً قليلاً يؤمنون كإيمانهم ببعض الكتاب، أو فلا يؤمن إلا قليل منهم كعبد الله بن سلام وأصحابه، والله تعالى أعلم.
الإشارة: إذا أمر الدعاة إلى الله أهل الدنيا بذبح النفوس وحط الرءوس ودفع النفوس، ليتأهلوا به لدخول حضرة القدوس، أو أمروهم بخرق العوائد، لتخرق لهم العوائد «1» ، أنفوا وعنفوا وقالوا: قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه، فيقال لهم: بل سبق لكم من الله البعد والحرمان، فأنكرتم أسباب الشهود والعيان، لكن مَن سبقت له من الله العناية، وهبَّ عليه نسيم الهداية، فلا تضره الجناية، فقد يلتحق بالخصوص، وإن كان من أعظم اللصوص، وهو قليل بالنسبة إلى من جاهد نفسه في طلب السبيل، وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً.
ثم وبخهم ولعنهم على عدم الإيمان بالقرآن مع إقرارهم به قبل الإتيان، فقال:
[سورة البقرة (2) : آية 89]
وَلَمَّا جاءَهُمْ كِتابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكافِرِينَ (89)
قلت: (لمَّا) حرف وجود لوجود إذا وليها الماضي، ولها شرط وجواب، وهو هنا محذوف دلّ عليه جواب (لما) الثانية، أي: ولما جاءهم كتاب من عند الله كفروا به، أو (لما) الثانية تأكيد للأولى. والجواب:(كفروا به) ، أو فلما وجوابها جواب الأولى، كقوله فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنِ اتَّبَعَ
…
الآية، و (يستفتحون) ينتصرون، وفي الحديث:«أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يَستَفْتِحُ بِصعَالِيكِ المُهَاجِرينَ» ، الذين لا مال لهم.
(1) خرق العوائد الأولى هى خرق الحجب، من غفلة وظلمة قلب، وغير ذلك، وقد يعنى بها الكرامات، وخرق العوائد الثانية هى خرق ما تعودته النفس وألفته حتى صعب خروجها عنه، ككثرة الأكل والشرب، وحب الجاه والرئاسة والمدح.