الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هذا ابن أَخيك المغيرة بن شعبة، فقال عروة: يا غُدَر (1)! ما غسلتَ رأسَك من غدرتِك بعدُ (2).
صحيح - "صحيح أَبي داود"(2470)، وهو طرف من حدث المِسْور بن مخرمة في قصة الحديبية عند البخاري نحوه.
9 - باب ما جاء في خيبر
1415 -
1697 - عن ابن عمر:
أنَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قاتلَ أَهل خيبر حتّى أَلجأهم إِلى قصرِهم، فغلب على الأَرض والنخل والزرع، فصالحوه على أَن يُجْلُوا منها؛ ولهم ما حملت ركابهم، ولرسول الله صلى الله عليه وسلم الصفراء والبيضاء، ويخرجون منها، فاشترط عليهم أَن لا يكتموا شيئًا، ولا يغيّبوا شيئًا، فإنْ فعلوا ذلك فلا ذمّة لهم ولا عصمة، فغيبوا مَسكًا (3) فيه مال وحليّ لِحُيَيِّ بن أَخطب، كانَ احتمله معه إِلى خيبر حين أُجْليت النضير، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمّ حيي:
"ما فعلَ مَسك حُيَي الذي جاء به من النضير؟ ".
فقال: أَذهبته النفقات والحروب! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"العهد قريب، والمال أَكثر من ذلك".
(1) مبالغة في وصفه بالغدر.
(2)
أشار عروة بهذا إلى ما وقع للمغيرة قبل إسلامه، وذلك أنه خرج مع ثلاثة عشر نفرًا من ثقيف من بني مالك؛ فغدر بهم وقتلهم، وأخذ أموالهم، فتهايج الفريقان بنو مالك والأحلاف رهط المغيرة، فسعى عروة بن مسعود عم المغيرة، حتى أخذوا منه دية ثلاثة عشر نفسًا واصطلحوا.
قاله ابن هشام في "السيرة"، وانظر "فتح الباري"(5/ 341).
(3)
المَسك - بفتح الميم -: الجلد، أَي: وعاء من جلد.
فدفعه رسول الله صلى الله عليه وسلم إِلى الزبير [بن العوام]؛ فمسّه بعذاب، و [قد] كان حُيَي قبل ذلك قد دخل خَرِبَةً، فقال: قد رأيتُ حُييًّا يطوف في خربة ها هنا، فذهبوا فطافوا؛ فوجدوا المَسك في الخَرِبة، فقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم ابني [أبي] حُقَيق - وأَحدهما زوج صفية بنت حيي بن أَخطب -، وسبى رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءهم وذراريهم، وقسم أَموالهم؛ للنكث الذي نكثوا، وأَراد أن يجليهم منها، فقالوا: يا محمد! دعنا نكون في هذه الأَرض نصلحها ونقوم عليها، [ولم يكن لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولا لأَصحابه غلمان يقومون عليها، وكانوا لا يتفرغون أن يقوموا عليها، فأَعطاهم (خيبر)؛ على أنَّ لهم الشطر من كلِّ نخل وزرع وشجر (1)، وما بدا لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
وكانَ عبد الله بن رواحة يأتيهم كلَّ عام يَخْرُصُها عليهم، [ثمَّ] يُضَمِّنُهم الشطر، قال: فَشَكَوْا إِلى رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم شدّة خَرصه، وأَرادوا أن يَرشوه فقال:
يا أَعداء الله! أَتطعموني السُّحت؟! والله لقد جئتكم من عند أَحبِّ الناسِ إِليّ، ولأَنتم أَبغض إِلي من عدَّتكم من القردة والخنازير، ولا يحملني بغضي إِيّاكم، وحبي إِيّاه على أَن لا أَعدل عليكم! فقالوا: بهذا قامت السماوات والأَرض.
قال: ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعيني صفية بنت حُيَي خُضرة، فقال:
"يا صفيّة! ما هذه الخضرة؟ ".
(1) الأَصل: (وسني) وفي "الإحسان": (شيء)، وكذا عند البيهقي! لكن عزاه إِليه الحافظُ في "الفتح" (5/ 13) باللفظ المثبت أَعلاه:(وشجر)، وأَرى أنّه الصواب؛ لأنّه من غير المعقول أنَّ يكون في الشروط ما هو نكرة غير معروف:(شيء)! فتأمل.
فقالت: كانَ رأسي في حِجْرِ [ابن] أَبي حُقَيق وأَنا نائمة، فرأيت كأنَّ قمرًا وقع في حجري، فأَخبرته بذلك، فلطمني وقال: تَمَنيَّن مَلِكَ يَثرب؟!
قالت: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم من أَبغض الناس إِلي، قتلَ زوجي وأَبي وأَخي، فما زالَ يعتذرُ إِليّ، ويقول:
"إنَّ أَباكِ ألَّبّ عليَّ العرب وفعل وفعل"، حتّى ذهب ذلك من نفسي.
وكانَ رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطي كلَّ امرأة من نسائه ثمانين وَسقًا من تمر كلَّ عام، وعشرين وسقًا من شعير، فلمّا كانَ زمن عمر بن الخطاب غَشُّوا المسلمين، وأَلقوا ابن عمر من فوق بيت، فقال عمر بن الخطاب: من كانَ له سهم من خيبر؛ فليحضر حتّى نقسمها بينهم، فقسمها عمر بينهم، فقال رئيسهم: لا تخرجنا، دعنا نكون فيها كما أَقرّنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأَبو بكر، فقال عمر لرئيسهم: أَتراني سقط عنّي قول رسول الله صلى الله عليه وسلم[لك]:
"كيفَ بك إِذا أَفْضَت بك راحلتك نحو الشام يومًا ثمَّ يومًا"؟!
وقسمها عمرُ بين من كانَ شهد خيبر من أَهل الحديبية.
صحيح - "صحيح أَبي داود"(2658).
1416 -
1698 - عن أَنس بن مالك، قال:
لمّا افْتَتَحَ رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر؛ قال الحجاج بن عِلاط: يا رسولَ الله! إنَّ لي بمكة مالًا، وإنَّ لي بها أَهلًا، وإِنّي أُريدُ أَن آتيهم، فأَنا في حل إن [أَنا] نِلتُ منك، أو قلتُ شيئًا؟ فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول ما شاء.
[قال:] فأتى امرأته حين قدمَ، فقال: اجمعي لي ما كانَ عندَك؛ فإنّي
أريدُ أَن أَشتري من غنائم محمد وأَصحابِه؛ فإنّهم قد استبيحوا وأُصيبت أَموالهم.
قال: وفشا ذلك بمكة؛ فأَوجع المسلمين، وأَظهر المشركون فرحًا وسرورًا، وبلغَ العباس بن عبد المطلب، فَعُقِرَ في مجلسه، وجعل لا يستطيع أَن يقوم.
قال معمر: فأَخبرني الجزريّ عن مِقْسَم، قال:
فأَخذ العباس ابنًا له - يقال له: قُثَم - وكان يشبه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستلقى فوضعه على صدرِه وهو يقول:
حِبِّي قُثَم! [حبي قثم](1)!
…
شبيه ذي الأنف الأَشم
[نبي ربّ ذي النعم]
…
برغم [أَنف] من رَغِم
قال معمر: قال ثابت: عن أَنس:
ثمَّ أَرسل غلامًا له إلى الحجاج بن عِلاط: ويلك ما جئتَ به، وماذا تقول؟! فما وعد الله خيرٌ ممّا جئتَ به، قال الحجاج لغلامِه: أقرِئ أَبا الفضل السلام، وقل له: فلْيُخْلِ لي بعض بيوته لآتيه؛ فإنَّ الخبر على ما يسره، فجاء غلامه، فلمّا بلغ الباب قال: أَبشر يا أَبا الفضل (2)! فوثبَ العباس فرحًا حتّى قبّل بين عينيه؛ [فأَخبره ما قال الحجاج، فأَعتقه](3)، ثمَّ
(1) سقطت من الأَصل، واستدركتها من "الإحسان".
وقوله بعد سطور: ثمَّ جاء الحجاج
…
كانَ الأَصل: (العباس) مكانَ: (الحجاج) فصححته منه. ولم يتنبّه لهذا الخطأ الفاحش - ولا لسقوط الجملة المذكورة - الأخ الداراني وصاحبه!!
(2)
هنا زيادة: فإنَّ الخبر على ما يسرك
…
فحذفتها لأَنّها لم ترد في "الإحسان"، ولا في المصادر الأُخرى، ولم يتنبّه لها المحققون الأربعة!!
(3)
هذه الزيادة من "المسند"(3/ 138)، والتي بعدها من "مصنف عبد الرزاق"(5/ 467).
جاء الحجاج، فأَخبره أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قد افتتح خيبر، وغنم أَموالهم، وجرت سهام الله في أَموالِهم، واصطفى رسول الله صلى الله عليه وسلم صفيّة بنت حيي، واتخذها (1) لنفسه، وخيرها بين أن يعتقها فتكون زوجته، أَو تلحق بأهلها، فاختارت أن يعتقها وتكون زوجته.
ولكنّي جئت لمال [كان] لي ها هنا؛ أَردت أَن أَجمعه وأَذهب [به]، فاستأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأَذن لي أن أقول ما شئت، فأخْفِ عني ثلاثًا، ثمَّ اذكر ما بدا لك.
قال: فجمعت امرأته ما كانَ عندها من حلي ومتاع جمعته، فدفعته إِليه، ثمَّ استمر (2)[به].
فلمّا كانَ بعد ثلاث؛ أَتى العباس امرأةَ الحجاج، فقال: ما فعل زوجك؟ فأخبرته أنّه قد ذهب، وقالت: لا يُحزِنك الله أَبا الفضل! لقد شقَّ علينا الذي بلغَك، قال: أَجل لا يحزنني الله، ولم يكن بحمد الله إِلّا ما أَحببناهُ، وقد أَخبرني الحجاج أنَّ اللهَ قد فتحَ (خيبر) على رسولِه صلى الله عليه وسلم، وجرت فيها سهام الله، واصطفى رسول الله صلى الله عليه وسلم صفيّة لنفسِه، فإن كانت لكِ حاجة في زوجك فالحقي به، قالت: أَظنّك - والله - صادقًا، قال: فإِنّي صادق، والأَمر على ما أَخبرتك.
قال: ثمَّ ذهبَ حتّى أَتى مجالسَ قريش، وهم يقولون: لا يصيبك إِلّا خير أَبا الفضل! قال: لم يصبني إِلّا خير بحمد الله، قد أَخبرني الحجاج
(1) الأصل: (فأخذها)، والتصحيح من طبعتي "الإحسان"، وغفل عنها المعلقون الأربعة.
(2)
أَي: مرَّ جادًّا، وكان الأَصل: انشمر! فصححته من "مصنف عبد الرزاق"(5/ 468)، ومن طريقه رواه ابن حبان، وهو مما غفل عنه الأربعة أيضًا!!