الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فوائد لغوية
الأوهام الشائعة
15 -
قال قائل (فجاء عملهم السريع هذا مكينيا) بريد النسبة إلى (مكينة) وهو مخطئ لأن المكينة على وزن (فعيلة) وهذه يجب حذف الياء منها عند النسبة إليها بشرط أن لا تكون مضعفة مثل دقيقة ولا (واوية العين) مثل طويلة. فالصواب (فجاء عملهم السريع هذا مكنيا) وفيه فائدة أخرى هي عدم التباس هذا المنسوب (بالمكيني) نسبة إلى (مكين) على إن كل هذا لا ينطق به إلا ذوو الهجنة فما ضره لو قال (بلا ترو).
16 -
وقال أحدهم مدعيا إن الإنشاء يصلح ويروق بأن يهجر المنشئ (الجمل (المغلوطة) التي تخالف قواعد الصرف والنحو) فأقول (قوله مغلوطة) مخالف لقواعد الصرف لأن هذا مصوغ من الفعل اللازم (غلط) ولا يصاغ منه اسم مفعول إلا مع حرف الجر. وإذا أجزنا ذلك قال الناس (مفروح ومخروج ومطروب ومعروج ومجلوس) وبذلك تعم الفوضى وتموت اللغة العربية. وليس من الإنصاف أن نضحي بلغة من أجل (كلمة واحدة) والصواب (المغلوط فيها).
17 -
وقال مدع (ومنها (المسببية) في قولك: غليت القهوة وأنت لم تغل إلا الماء) وهو مخطئ في موضعين الأول قوله (غليت القهوة) لأن الفعل هذا لازم فالصواب (أغليت القهوة) بجعل الفعل متعديا بالهمزة. والثاني: إرادته بهذا المثل (المجاز المرسل) الذي علاقته (المسببية) وهو لا يصلح لذلك أبدا لأن (أغلا الماء لا يستلزم نشوء القهوة منه) إلا بإضافة البن المدقوق. أما المثل الصحيح لذلك فهو أن يقال (أمطرت السماء نباتا) لأن المطر يستلزم نشوء النبات ولإن الكلام خاص لا عام. وقول هذا القائل يشبه قول أحدهم (سار القطار) ولم يضغط إلا البخار فالمستبعد لا يكون مجازا.
18 -
وقال ناقل (السببية: من قولك: لك عندي يد بيضاء أي نعمة لأن
سبب النعمة هي اليد التي تسديها) فقوله (تسديها) غير ظاهر لأن معنى الفعل (تهملها) والفرق الكبير ظاهر ولا ينصرف هذا الفعل إلى معنى (الإحسان) إلا بأن تليه (إلى) والضمير فالصواب (لأن سبب النعمة اليد التي أسدتها إليك) وقد حذفت أنا (هي) لأن اسم أن (مذكر) ولا يصح هذا
الضمير أن يكون مبتدأ ثانيا مفسرا له ولأننا لو وضعنا (هي) لعاد الضمير إلى متأخر عنه لفظا ورتبة عودا ممنوعا لا جائزا.
19 -
وقال واحد (وكنت فيها (أتردد على) المكتب العربي) والصواب الشهير (أتردد إلى المكتب العربي) لأن التعبير الأول عامي.
20 -
وادعى أحد العابثين إن أحسن قول بلاغة وإمتاعا وتنوعا وانطباقا على مقتضى الحال هو قول الشاعر:
الطير تقرأ والغدير صحيفة
…
والريح تكتب والسحاب ينقط
ولو كان للشاعر ذوق حساس جميل لما قال هذا البيت ولو كان للكويتب إحساس لطيف لما أستحسن قول الشاعر ذلك لأن الطير تصمت وتختفي عند تهطال المطر وهبوب الريح. حتى إن الغربيين أخذوا يستكشفون أحوال الجو من سكوت الطير وانزوائها.
21 -
وقال مدع (إنه ليعطي جزءا كبيرا من ثروته التي جمعها بشق الأنفس (إلى الفقراء) والصواب (ليعطي الفقراء جزءا. . .) لأن (يعطي) متعدي إلى مفعولين. والفقراء مفعول ثان.
22 -
وقال أحد الغفلة (يحذف المسند إليه. . . لإخفاء الأمر عن المخاطب كقولك: انشأ مقالة (وأنت تريد قيسا مثلا) فأقول لو كان المتكلم يحذف المسند إليه ليخفي الأمر عن المتكلم معه لصار كلامه جنونا وهو معتوها فالصواب الذي لا منتدح عنه (لإخفاء الأمر (عن غير) المخاطب. وهكذا قال العلماء صغيرهم وكبيرهم ودل عليه الواقع.
23 -
وقال أحد الذين لم يتعلموا العربية (للاستفهام لفظتان الهمزة وهل) فلذلك يجب أن نعلمه أن في العربية (ألفاظ استفهام) غير هتين هي (من وما ومتى وأيان وأين وكيف وأنى وكم وأي ومهيم) فلينتبه
24 -
وقال (والوجه الصحيح أن تستعمل (إن) الشرطية في الأحوال التي يندر وقوعها ويتلوها المضارع لاحتمال وقوعه) فأقول يا أسفا من هذا ألم ير إلى قوله تعالى (إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله) و (إن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله) وقوله في العاجزين عن محاكاة القرآن (فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار. . .) فهذا وجه غير صحيح؟ إنه كان حرى أن يقول (فالوجه الغالب) تجنبا لذلك الخبط والخلط.
25 -
وقال (لو كان فيها آلهة إلا الله لفسدتا) والأصل في القرآن العظيم (لو كان فيهما) وذلك ظاهر أيضا لكل واحد حتى لغلف القلوب من قوله (لفسدتا) بإسناد الفعل إلى (ألف الاثنتين).
26 -
وقال (لم لنفي الماضي مطلقا، (ولما) لنفيه ممتدا إلى ما بعد زمن التكلم) فأقول إذا كان نفي (لما) ممتدا إلى الزمن الذي بعد التكلم فهو ممتد إلى الاستقبال إذن. وهذا جهل لا يرتكبه التلامذة الصغار فالصواب (ممتدا إلى زمن التكلم أي الحال) كما قال المطلعون.
27 -
وتفيهق فقال (من المضحكات إدخال ضعاف الطلاب (لم) على الماضي فيكتبون (لم فهمت الدرس (لم يأتني) منك كتاب) أقول: إن قول هذا الكويتب سيكون ضحكة للطلاب لأن صاحبه لم يعرف أن (يأتني) فعل مضارع وإن (لم يأتني منك كتاب) من الكلام الفصيح المليح. اللهم لا تجعلنا من هؤلاء المغرورين بجهلهم.
28 -
وقال (فلا يصح أن تكتب. . . أنا قوال بل فعال) قلت وهذا جهل مخز لأن (بل) تعطف على النفي والإثبات لا النفي وحده كما غلط الكويتب قال ابن مالك عن (بل):
وأنقل بها للثاني حكم الأول
…
في الخبر المثبت والأمر الجلي
فالكلام الذي عده غلطا هو من فصيح الكلام لأن (بل) إذا عطف بها على الجملة الخبرية المثبتة صارت هذه الجملة كأنها مسكوت عنها ومثل ذلك العطف على فعل الأمر بها. تقول: أنا أقول بل فعال. وكن قوالا بل فعالا.
مصطفى جواد