الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب المكاتبة والمذاكرة
دين ابن المقفع
حضرة الأب أنستاس ماري الكرملي الآجل
سلاما واحتراما:
اسمحوا لي أن أبدي رأيي فيما بسطتم في لغة العرب (610: 6) عن دين ابن المقفع، وأنه كان زنديقا. واعتمدتم فينا ذكرتم عن زندقته على ابن خلكان إذ يذكر (في كتابه (150: 1) من طبعة بولاق: أمر (سفيان) بتنور فسجر ثم أمر بابن المقفع فقطعت أطرافه عضواً عضوا وهو يلقيها في التنور؛ وهو ينظر حتى أتى على جميع جسده. ثم أطبق عليه التنور وقال: ليس علي في هذه المثلة بك حرج لأنك (زنديق). . . فما أدرانا أنه أتهمه بهذه التهمة، ليستر أمرا حدث من ابن المقفع به تعريض يمس كرمته، أو إهانة حدت له منه، وكان يبطن ذلك، فأحب التخلص منه بهذه الوسيلة، ويستنتج ذلك من معاملته له بتقطيعه أربا أربا، وزجه بعدها بتنور. أهكذا يفعل بالزنادقة؟؟ وإلى هذا الحد يبلغ بسفيان التوحش الفظيع لو لم يكن وراء الأكمة عار أو فضيحة تستر؟! ثم أعلن سفيان قتله بوصمة الزندقة، فاغتر المسكين ابن خلكان بهذا الأمر، وسجله في كتابه. ونحن نعلم أن في ذلك العهد المظلم كان الخليفة أو أي حاكم كان، أن يفعل ما يشاء ويذيع ما يريد إذاعته، والحقيقة في الصدور!! وأنى للمؤرخين والكتبة أن يعلموا ما تكنه الأفئدة؟ كفى تأييدا لكلامنا، أن كل الخلفاء والوزراء كانوا في اتصال دائم بالروم والإفرنج سواء أكانوا في سورية أم في العراق أم في الأندلس ودليلنا على هذا، المراسلات والهدايا التي تبودلت بين شارلمان وهارون الرشيد ومع غيرهما ولم يذكرها أو لم يذكر إحداها أحد مؤرخي العرب، بل كلهم كانوا يجهلونها جهلا تاما
وعرفناها عن طريق أوربة، إذ ذكرها المؤرخون الأوربيون. وسبب هذا الجهل أنه لم يكن يسمح لأحد قط بنقلها أو شيء منها إلى الخارج وما كان يعلمها إلاّ أرباب السلطة العليا وأصحاب الديوان!! ونحن نقف الآن في حادثة ابن المقفع نفس موقفنا في تلك، فلم لا نشك في حديث ابن خلكان، ونظن أن سفيان أراد قتله لوشاية بلغته عنه، أو تعريض أصاب به واحدا من ذوي قرباه فحفظها له وأخذها عليه فلفق تهمة
الزندقة - وما أسهلها في ذلك الزمن! - ولوثه بادرانها، فذهب ضحية الظلم والعدوان كما ألبسوه حلل الرياء والكفر!!
أما من جهة دينه فليس بمقدرة أحد الآن إثبات إسلامه أو نصرانيته (كما ارتأى المأسوف عليه الأب لويس شيخو اليسوعي) أو نقض أحدهما، إذ نحتاج إلى براهين كثيرة، هي ليست بإمكان أحد، ولكن من الثابت المؤكد أنه كان دينا موحدا، وأنه لا يبطن المجوسية، وليس من اللازم أن يكون في دينه ورعا متعصبا، حتى يكون خارجا عن الزندقة. وإنما كان حافظا لأصول دينه أيا كان كما تشهد عليه بذلك كتاباته، وهي خير دليل، التي أدلى بها الفاضل محمد مهدي العلوي في لغة العرب (609: 6)، وهذا رأينا في هذه المسألة، عسى أن ينال رضاكم، وما العصمة إلاّ لله جل جلاله.
وأقبل يا أبت العلامة فائق الاحترام ومزيد الإكرام.
بركات (السودان): ميشيل سليم كميد
ملاحظات
سيدي العلامة الكبير الأب أنستاس ماري الكرملي المحترم
قرأت في الجزء العاشر من المجلد السادس من مجلتكم الغراء مقالا ممتعا بعنوان (الشيخ فخر الدين الطريحي) فراقني ما حواه ذلك المقال من الأبحاث التاريخية الموجزة التي لم يطرقها كاتب غيره، وعند تصفحي للمقال المذكور وجدت فيه أغلاطا لا ينبغي السكوت عنها وأحببت التنبيه عليها، علق الكاتب في صفحة 727 من الجزء المذكور كلمة موجزة عن الشيخ الطوسي على اسم (العلامة المحقق الحلي) ولم يذكر الشيخ الطوسي في المتن، وكم فرق بين الشيخ الطوسي والمحقق أبي القاسم جعفر بن الحسن بن أبي زكريا يحيى بن الحسن بن سعيد الهذلي
الحلي الشهير بالمحقق صاحب الشرائع والمختصر النافع والمعتبر وغيرها من الآثار المتوفى سنة 676 هـ ولعل الاشتباه إنما حصل من حيث كتاب فخر الدين المسمى (عواطف الاستبصار) الذي لم يذكره الكاتب في ضمن كتب المترجم (والاستبصار) هو للشيخ الطوسي وظني أن الكاتب ذكره وسقط حين الطبع لأن هناك أمارة على ذلك وهو وجود تعليق أحوال الشيخ الطوسي على ذلك، وعلق الكاتب أيضا نبذة من أحوال (الشيخ حسام الدين الطريحي) الذي هو ابن أخي المترجم فخر الدين على اسم
(الشيخ محمد حسام الدين الجزائري) الذي يروي عنه فخر الدين بواسطة وهو من مشايخ إجازته فكم فرق بين الاسمين، والحسامين المذكورين، وعلق الكاتب على اسم (الشيخ محيي الطريحي) نبذة أيضا من أحواله ولم يذكر تأريخ وفاته شعرا ولا نثرا، وكانت وفاته سنة 1141 هـ وقال النحوي شعرا.
والدهر أعلن بالنداء مؤرخا
…
المجد مات لموت محيي الدين
وقد شاهدت في بعض المجاميع أن للشيخ فخر الدين تأريخا لوفاته منظوما ومطلعه:
خطب أصاب حشا الهدى والدين
…
مذ فخره أودي بسهم منون
وختامه:
لا فخر حيث تضيف أصحاب الكسا
…
أرخ وطيد بعد فخر الدين
ولم أجد الكاتب قد تعرض له في آخر المقال وهناك أغلاط أخر طفيفة أعرضنا عنها لأنها لا تخفى على القارئ اللبيب والسلام عليكم.
(منتقد)
كتاب التعجب مطبوع
ذكرتم في المقال الذي نشرتموه في الجزء الثالث من المجلد السادس تحت عنوان (الكتب الخطية) أن (كتاب التعجب في علم الكلام) - تأليف الشيخ أبي الفتح محمد بن علي بن عثمان الكراجكي المتوفى سنة 449 هـ أحد مشاهير تلامذة (الشيخ المفيد والسيد المرتضى) وهو من علماء طرابلس الشام - غير مطبوع وبما أن لي العلم بأن الكتاب المذكور مطبوع في إيران مضموما إلى
كتابه (كنز الفوائد) أحببت التنبيه على ذلك ليكون القارئ على بصيرة من أمره.
النجف: عبد المولى الطريحي
نظرات
جاء في لغة العرب (159: 7) ذكر كتاب (الأستنصار في النعي على الأئمة الأطهار لأبي الفتح محمد بن علي الكراجكي المتوفى سنة 449) أنه من المخطوطات أما اليوم فأصبح من المطبوعات والكراجكي صاحب (كنز الفوائد) المطبوع في إيران وغيره من المؤلفات
الممتعة البالغ عددها (215) وقد طبع هذا العام في المطبعة العلوية في النجف سنة 1347 هـ سنة 1928م على نفقة (المطبعة) بقطع صغير يبلغ عدد صفحاته 38 وقد ضم إليه كتاب (مقتضب الأثر في النص على الأئمة الأثني عشر) تأليف الإمام العلامة ابن عياش وهو أحمد بن محمد بن عبد الله بن الحسن بن عياش بن إبراهيم بن أيوب أبي عبد الله الجوهري المتوفى سنة 401 هـ وكابن عياش هو وأبوه وجده من وجوه أهل بغداد في أيام آل حماد، والنسخة التي طبع عليها هذان الكتابان كانت من أنفس ذخائر الكتب الموجودة في خزانة العلامة الشهير السيد ميرزا حسن الشيرازي نزيل سامراء المتوفى سنة 1312 هـ ويرجع تأريخ خطها إلى القرن الخامس الهجري وكانت في غاية الصحة وجودة الخط، ومن عيوب هذين الكتابين المطبوعين عدم وجود فهرست في أخرهما يهتدي به المطالع، وجاء في صفحة 156 تحت عنوان (السيد محمد علي الشاه عبد العظيمي) أنه توفي رحمه الله في النجف (كذا) والصواب توفي في الهندية (طويريج) سنة 1335 هـ ونقل إلى النجف فدفن بها.
النجف: عبد المولى الطريحي
مراسلات أخرى
ضاق هذا الجزء عن استيعاب جميع ما وصل إلينا من المكاتبات وقد ارجأنا قسما عظيما منها إلى الأجزاء التالية. فنعتذر إلى أدبائنا عن ذلك، والعفو من شيمهم الكريمة التي عودونا إياها.