الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في ظلال الحب الشريف
الصب مرقده من الأقلاق
…
وحليفه الشوق الممض الباقي
وأنيسه ذكر الحبيبة وحدها
…
وجليسه أمل لنيل تلاقي
والحب (لاسلكي) اكتظت به
…
ساح القلوب بسائر الآفاق
قد جاء (مركوني) بلاسلكيه
…
والحب قدوته على الإحقاق
للحب جذب قاهر متناثر
…
يدني القلوب بقوة الأشواق
و (نيوتن) بالجذب جاء ولم يقل:
…
جذب الغرام لأنفس العشاق
فالحب يغزو والسلاح ملاحة
…
والصب مغزو قريح مآقي
والحسن يطوى والعيون دليله
…
والقلب ميدان لشد وثاق
قالت فبان الثغر ذا إشراق
…
وتبسمت كتبسم العشاق
قالت فأشرق ثغرها ببياضه
…
والوجه منها دائم الإشراق:
يا من توغل في الهوى فهوى به
…
ما لي أراك تنوء بالتعشاق
فكأن أشجار الحديقة دمدمت
…
بحفيفها وتساقط الأوراق
ورنت إلي بحسرة وتحنن
…
فبكت لقلبي المولع الخفاق
ذرف الدموع لدى الحبيب مترجم
…
ودليله الإيماء بالأحداق
باحت بشكواها فزاد حنينها
…
واستأذنت للحب في الإطلاق
لبست من الأخلاق ثوبا طاهرا
…
لا سيئا دنسا من الأخلاق
إن لم يكن فيها الجمال محسنا
…
فلقد سمت بدماثة الأخلاق
مأسورة للحب مثل حمائم
…
سجنت بأقفاص من الإرهاق
وقفت فكان وقوفها لي نعمة
…
يا ليتها دامت مع الإغداق
وبدت لها في الوجنتين أشعة
…
حمر فكانت بهجة المشتاق
أوهت بعينيها الدماغ تكهربا
…
فأشرت للعينين بالإطباق
فالحب ينمو بالوصال كأنه
…
خوط تعهده الخبير الساقي
وكأن قرأت علي بياض جسيما
…
آيا من الحب الشريف الراقي
حب يموج بقلبها متصادما
…
في بحره المتلاطم الدفاق
لو صار في الحسن السباق لحصلت
…
بعلا الجمال وسام الاستحقاق
ذاقت تعاذيب الغرام وأزمعت
…
كتم الهوى بالصبر والإطراق
وحنت علي بنظرة مملوءة
…
لطفا يبين غزارة الإشفاق
قلت: أرفقي بي يا (رباب) وانصفي
…
فالروح قد بلغت حدود تراقي
قالت: فصفني إن عرفت محاسني
…
فارتج قلبي خشية الإخفاق:
فمن الجمال لك العظيم فما الذي
…
أنا من أذاه المستطير ملاقى؟
وجه يشع كأنه متأجج
…
شكلاء طلعته وذو آلاق
خدان كالشفقين في أفقيهما
…
بانا بأفقي وجهك البراق
عيناء تنبثق الوداعة من سنا
…
عينيك فاعتمدي على الإنفاق
فمشت كما هب النسيم تحذرا
…
ولكي يدوم السر في الإغلاق
وتغلغلت بين (الورود) ودمعها
…
متناثر كتناثر الأوداق
قالت إلى آتي اللقاء وودعت
…
قلبي الذي لم يصطبر لفراق
ذهبت وأبقت لي خيالا ثابتا
…
فرسا بقلبي الحزن في الأعماق
الكاظمية: مصطفى جواد
شبهة هبة الله بن كمونة اليهودي
جاء في لغة العرب (6: 421): (وإلى الآن لم يرد الفقهاء اعتراضاته على الدين حتى إنها عرفت عندهم بالشبهات). اهـ. فأقول: لم يقف العلماء على سوى شبهة واحدة له وهي المعروفة في كتب الكلام والفلسفة بشبهة ابن كمونة وهذا تقريرها:
(لم لا يجوز أن يكون هناك هويتان بسيطتان مجهولتا الكنه مختلفتان بتمام الماهية يكون كل منهما واجب الوجود بذاته ويكون مفهوم واجب الوجود منتزعا منهما مقولا عليهما قولا عرضيا).
وهذه الشبهة قد ردها العلماء في كتبهم (راجعوا كتب الكلام والفلسفة في مبحث الإلهيات عند بيان: إن واجب الوجود أحدي الذات من جميع الجهات تروا فيها ردا وافيا).
سبزوار (إيران): محمد مهدي العلوي
الشعر المنثور
ويسمى الشعر الحر أو المطلق أيضا، وهذا النوع من الشعر لا يشترط فيه أن يأتي من وزن واحد وقافية واحدة، بل أن يأتي من مختلف الأوزان، أما الذي يشترط فيه فهو صوغ الجمل من الألفاظ تلك الألفاظ التي يأتلف بعضها إلى بعض في الأوزان الشعرية حتى تكون الجملة منسجمة فتبرز الحقائق مصورة في قوالب شعرية، وبعبارة أخرى لا يكتفى بجمال النغمات الشعرية فقط بل بكمال جماله وروعة حسنه بوجود الفلسفة العالية وحقائق الحياة فيه فيثير العواطف الشريفة من رقادها لتتناول الفضيلة بأسهل متناول فهو لا يقل تأثيرا عن قسيمه الشعر المنظوم. ويجب أن تراعى فيه فواصل الجمل - صغرت تلك الجمل أو كبرت أي أن تكون الجملة مستقلة في رسم الخط، ويستحسن فيه ربط الجمل بأن يؤتى بعد كل جملة أو جملتين أو ثلاث - حسبما يطلبه المقام - بجملة صغيرة متكررة لتجلب الأذهان فتكون بمثابة البيت الأخير في بعض الموشحات.
هل الشرقيون أسبق من الغربيين فيه
لو رجعنا إلى تاريخه لوجدناه منتشرا بين الأمم الشرقية قبل أن يتفشى بين الأمم الغربية نخص بالذكر منهم العبرانيين فإن أدبهم قد امتلأ منه حتى إنه من كثرة تعاطيهم إياه أتتنا كتب الدين متضمنة شطرا كبيرا منه، ولو حفظ لنا تاريخ الأدب العبري كما كان مفصلا لرأينا الشعر المنثور قد ملأ أسفارا ضخمة ولم تذهب أشعار بقية شعرائهم كإضراب داود وآساف وسليمان وإرميا فإن الذي وصلنا من هذا الشعر المنثور اتصل إلينا بواسطة كتب الدين كسفر المزامير وسفر الجامعة وسفر نشيد الأنشاد وسفر إشعيا وسفر إرميا وسفر مراثيه وغيرها من أسفار التوراة فالذي يقرأها يحكم في الحال - على رغم تشويش الترجمة التي لم تفرغ في قوالب كما يرام - إنها شعر منثور ويعترف بالروح الشعري الطافح المترقرق في ديباجتها، وأنا لو حذفنا من سفر نشيد
الأنشاد أو سفر الجامعة بعض الجمل وأبدلنا ببعض الكلمات كلمات توافق روح عصرنا هذا ووقعناها باسم أحد أدبائنا ما استبعد أن يقال أنها لهذا الأديب صاحب التوقيع.
ومن يرى أسلوب سفر نشيد الأنشاد وتوقيع نغماته يحكم بلا تردد أن ما يأتيه أدباء عصرنا (كجبران) و (مفرج) و (مي) وغيرهم منسوج على منواله ومفرغ في قوالبه ومضروب على غراره.
ورد في قاموس الكتاب المقدس في مادة شعر: (ولا تعتبر القوافي في الأشعار العبرانية ولم تنقسم إلى أوزان كالشعر العربي (المنظوم) ومع أنها قد نظمت أحيانا على الحروف الأبجدية لم يكن في شطري أبياتها عدد مرتب من التهجئات وإنما نظمت على مقابلة الأفكار) الخ.
الأوربيون اقتبسوه من الشرقيين
لما تمكنت النصرانية في القرون الوسطى من أوربة وخمد صوت الفلسفة اليونانية وأرتفع صوت الديانة النصرانية أدخلت بالطبع هذه الطريقة الشعرية الإسرائيلية في كلام الدين بل جعلت جزءا من الدين إذ لا تتم الطقوس النصرانية على وجهها المناسب ما لم ترتل هذه الأشعار كمزامير داود في المجامع والهياكل.
ولا يعقل أن هناك متنصرا ما لم يتل هذه الأسفار، فتذوق الأوربيون هذا الشعر المنثور العبري من هذه الأسفار بلذاذة فنشأ روح الشعر المنثور في بلاد الغرب.
ولما أتت القرون الحديثة بإصلاحها وجد الروح الشعري الشرقي مادا إطنابه في الأدب الأوربي، فتحور وتهذب عندهم من باب الضرورة وتصرف أولئك الناس فيه لشؤون شتى في الحياة الاجتماعية والأدبية ترى ذلك ظاهرا في أسلوب شعرائهم وهاك مثلا كتاب (بلاغة العرب) الذي يضم بين دفتيه طائفة من آثار شعرائهم (كفيكتور هوغو) و (لا مارتين) و (بيير كوريني) وغيرهم وما تنشره المجلات العربية لشعرائهم.
وجوده عند العرب
وقد وجد عند العرب وتراه في مجاميع الأدب داخلا في زمرة الكلام المنثور
كنثر بعض عرب الجاهلية وفي القرآن الكريم كثير منه فهاك مثلا (سورة الدهر) و (سورة المرسلات) واقرأهما تر أنه ينطبق عليهما كل الانطباق وأغلب الآيات القرآنية أعتبرها العرب شعرا بدليل ما حكاه القرآن عنهم من قولهم في النبي - صلى الله عليه وسلم - والقرآن (إنه قول شاعر) مع
إنهم يرونه غير موحد في الوزن ولا مقفى ومع ذلك اعتبروه شعرا فترى أنه وإن كان غير منظوم فإنهم اعتبروه شعرا فهو إذن شعر منثور.
وقد ورد منه شيء كثير عند المولدين كنثر أبي طيب المتنبي في أوائل ادعائه بالنبوة ونثر المعري في (الأيك والغصون) و (ملقى السبيل) وغيره حتى لو تطرفنا في البحث لوجدنا (الحل) والنثر قبل (العقد) الذي هو نوع من فنون البديع وهو شعر منثور.
وفي القرن الرابع عشر للميلاد أي وقت جمود الأدب العربي وجد شيء منه مثل (بند) ابن الخلفة وقد عارض تلك القصيدة النثرية أدباء عصره.
الشعر المنثور عندنا في العصر الحاضر
لقد تركه الشرقيون فالإسرائيليون غادروه وغادروا عالم الأدب كله لينصرفوا إلى عالم التجارة والكسب وذلك بعد موت الروح القومي منهم فضل كل فرد منهم ولم يبق فيه شيء يهمه سوى أمر شخصه وشأن حياته القائم بها.
وأما العرب فلم يكثروا منه ولم يستخدموه في عالم الأدب إلا لكونه نثرا فاكتفوا عنه بقسيمه الشعر المنظوم فكان ذلك منهم إغفالا مع وجود نماذج عالية عندهم واعترف المتقدمين به كما سبق بيانه.
ولما سرى روح الإصلاح والنهوض في الأمة العربية في العصر الحديث وأدخلت المدنية والعلوم والآداب العصرية الغربية فيها دخل معها في جملة ما دخلها من أنواع الآداب.
وأول من تعاطاه الريحاني فانهال أدباء العصر على اتخاذه وهكذا ردت بضاعتنا إلينا.
الشطرة: رشيد الشعرباف