المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌اليزيدية 1 - إذا طرق العلامة أحمد تيمور باشا موضوعا تاريخيا - مجلة لغة العرب العراقية - جـ ٧

[أنستاس الكرملي]

فهرس الكتاب

- ‌العدد 65

- ‌سنتنا السابعة

- ‌في يوبيل أنستانس الذهبي

- ‌لجنة اليوبيل الكرملي

- ‌دعوة الزهاوي

- ‌حفلة يوبيل العلامة الكرملي

- ‌رسالة المجمع العلمي العربي في دمشق

- ‌برقيات المستشرقين

- ‌لغة العرب

- ‌العلامة الكرملي في حفلة تكريمه

- ‌تقدير النبوغ والعبقرية

- ‌في موقف التكريم

- ‌نشيد وتفنيد

- ‌أقوال الصحف

- ‌العدد 66

- ‌اللغة العربية والتجدد

- ‌عند الشاطئ

- ‌رشيد الدين

- ‌البعيم

- ‌لواء الموصل

- ‌عوض

- ‌الأرملة المرضعة

- ‌يا محب الشرق

- ‌قبر الإمام أبي يوسف

- ‌اليوبيل

- ‌ثياب الشرق في بلاد الغرب

- ‌السيد محمد علي الشاه عبد العظيمي

- ‌نظرة في تاريخ مساجد بغداد

- ‌خزائن كتب إيران

- ‌صدى اليوبيل

- ‌فوائد لغوية

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 67

- ‌الشمسية

- ‌صفحة من تاريخ التطعيم

- ‌اللغة العربية والتجدد

- ‌معجم الشعراء للمزرباني

- ‌دار ابن الجوزي وقبره ببغداد

- ‌ثمار القلوب في المضاف والمنسوب

- ‌خزائن كتب إيران

- ‌جامع قمرية والمدرسة العمرية

- ‌عشائر لواء الموصل

- ‌فوائد لغوية

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 68

- ‌حضارة الإسلام ومفكروه

- ‌قبر الإمام أحمد بن حنبل

- ‌أسماء القبائل وأنسابهم

- ‌السرحيون أو الشرويون

- ‌على يفعول

- ‌من أوهام المنجد

- ‌الحامض وأنواعه

- ‌نصرة الحق واجبة

- ‌اليزيدية

- ‌صدى اليوبيل

- ‌فوائد لغوية

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 69

- ‌حضارة الإسلام ومفكروه

- ‌في ظلال الحب الشريف

- ‌قبر ابن الجوزي وقصور الخليفة

- ‌معجم المرزباني

- ‌صفحة منسية من تاريخ نادر شاه

- ‌المدرسة البشيرية

- ‌لواء الدليم

- ‌فوائد لغوية

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌الشفق الباكي

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 70

- ‌اليزيدية

- ‌كحل الإخفاء

- ‌إلياس صالح اللاذقي

- ‌نسخ كتاب الدرر الكامنة

- ‌أرجوزة الظاء والضاد

- ‌المطبوعات الحديثة في النجف

- ‌اللباب ورباعيات الخيام

- ‌صدى اليوبيل

- ‌فوائد لغوية

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 71

- ‌القلم حاجية

- ‌الكشافة

- ‌نكبة الفلاح

- ‌لواء ديالي

- ‌قبر رابعة

- ‌الشيخ سكران

- ‌هولاكو في بغداد

- ‌من مشاهير رجال المائة السابعة للهجرة

- ‌تتمة عن اليزيدية

- ‌فوائد لغوية

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 72

- ‌فضل العربية على سائر اللغات

- ‌بسمى أو أدب

- ‌جامع قمرية

- ‌ما فوق باب اورتمه من الكتابة

- ‌رسالة في تراجم أحوال الرجال

- ‌الحاج الميرزا معصوم العلوي

- ‌مندلي الحالية

- ‌الشعر في مصر

- ‌السريطاء أو السويطاء

- ‌فوائد لغوية

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 73

- ‌الحالة الاجتماعية للعشائر العراقية

- ‌حرف الضاد واللغة المالطية

- ‌الكتابة التي فوق باب جامع مرجان

- ‌بسمى أو أدب القديمة

- ‌وزن الفعل الثلاثي بتداخل اللغتين

- ‌تكلم جبر ضومط

- ‌فوائد لغوية

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 74

- ‌ترجمة فنان عراقي

- ‌مندلي الحالية

- ‌عبرة أولي الأبصار في ملوك الأمصار

- ‌مشاهير جمع مشهور

- ‌الأغاني

- ‌الشعر في مصر

- ‌شرح لسقط الزند

- ‌فوائد لغوية

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 75

- ‌معجمنا أو ذيل لسان العرب

- ‌أدب ومعناها

- ‌المولى في لغة العرب

- ‌كتاب الجيم في اللغة

- ‌أكان السموأل نصرانيا

- ‌علاج بدو العراق للزهري

- ‌أصل كلمة إبليس

- ‌تاريخ بغداد

- ‌الجري والجريث

- ‌فوائد لغوية

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

الفصل: ‌ ‌اليزيدية 1 - إذا طرق العلامة أحمد تيمور باشا موضوعا تاريخيا

‌اليزيدية

1 -

إذا طرق العلامة أحمد تيمور باشا موضوعا تاريخيا لا يكتفي بما يسهل الحصول عليه من المصادر بل يرجع إلى ما هو عزيز المنال في خزانته العامرة الشيء الوافر. ثم يشجع البحث تدقيقا وتمحيصا ويوفيه حقه. ومما نشرته له أخيرا المطبعة السلفية بمصر رسالة في (اليزيدية ومنشأ نحلتهم) جمع فيها المؤلف شوارد عنهم لا يأتي بها إلاّ من تجشم عرق القربة فأبان أنهم كانوا في مبدأ أمرهم مسلمين من الصوفية يسمون عدوية ثم ضلوا عن الإسلام.

وإذ كان من الأخبار ما هو في مواطن قد لا تظن فيها أو لاتصل إليها اليد أو غير ذلك فالعالم المتروي لا يرى أنه قد استقصى كل نبأ فيديم النشدة والتطلب. ولا شك أن سعادة الباشا في طليعة هذه الطبقة الفاضلة. وكفانا شاهدا رغبته في الاستمرار على التنقيب إذ يقول في رسالته (ص 43): ولعل موالاة البحث تكشف عنها (عن تسمية العدوية باليزيدية) فيما بعد) اهـ.

ومما ذكرته الرسالة (ص 43) قوله: (أما تسميتها (تسمية العدوية) بعد ذلك باليزيدية فلم نقف على زمنها والظاهر أنها حدثت في القرون الخيرة. . .) اهـ.

وذكرت الرسالة أيضا شرف الدين محمد (ص 22) وقالت عنه: ولم تعلم من خبره إلاّ ما رواه ابن العبري في تاريخ مختصر الدول فقد ذكره عرضا باسم شرف الدين محمد ابن الشيخ عدي في حوادث سنة 655) اهـ. (1257م) ورجحت أنه شرف الدين محمد الذي جاء اسمه في نسب زين الدين يوسف دفين مصر.

وقبل الشروع في الموضوع أستأذن سعادته في الرد على قوله (ص 4) بوجود طائفة من اليزيدية في نواحي بغداد فأنهم ليسوا فيها ويبتدئ وجودهم في شمال

ص: 307

الموصل ثم أتصدى لتحديد قوله: (القرون الأخيرة) التي أطلقت بدون تقييد فأبدي أن تسميتهم باليزيدية كانت معروفة في الربع الأول من القرن العاشر للهجرة بل على الظاهر في النصف الأول من القرن التاسع على أقل تقدير. وأبين أن لشرف الدين محمد ذكرا غير ما ذكره في تاريخ

ابن العبري وفي غير نسب زين الدين يوسف. ومع هذا لا يبعد من أن الذكر الذي أريد إيراده أن يكون مصدره ابن العبري وعلى كل حال فإيراده لا يخلو من الفائدة.

وبعد البحث عن اسم اليزيدية وعن شرف الدين محمد سأخرج عن الخطة المرسومة في الرسالة قليلا متوخيا بعض الزيادة في النفع على فرض الحصول عليه في ما أكتبه.

ومما ساقني إلى هذا البحث مقالتان لأديبين فاضلين مقالة السهروردي ومقالة الدملوجي اللتان نشرتا في الأشهر القريبة جريدة (العراق) ومقالة الفاضل الأديب الحسني تلك المقالة التي جاءت في أثرهما وقد نشرها في مجلة المرشد (البغدادية) ثم أبرزها في كراسة وكتب منها نبذا في مجلة الهلال مع تصاوير وكثيرا ما استقى بعض هؤلاء الأفاضل عن أصل اليزيدية من كراسة سعادة الباشا.

اسم اليزيدية في النصف الأول من القرن التاسع للهجرة

إن بضاعتي بشأن تسمية هذه النحاة في الربع الأول من القرن العاشر للهجرة بل في النصف الأول من القرن التاسع هي استشهادي ثلاثة مصادر منبعها مختلفة أولها درر الحبب وثانيها (شرفنامه) وثالثها صورة مخطوط بالآرامية لراميشوع الراهب نشره المستشرق نو (بفتح النون) ونشرت بعضه وطبعته دار السلام.

ص: 308

المصدر الأول

قال الأستاذ الطباخ في تاريخه إعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء (525: 5) نقلا عن درر الحبب للرضي الحنبلي (الطباخ 355: 5 ح) وهو من رجال منتصف ذلك القرن العاشر.

عز الدين بن يوسف الكردي المتوفى سنة 948

(عز الدين بن يوسف الكردي العدوي أمير لواء حلب في آخر الدولة الجركسية وأوائل الدولة العثمانية - كان من طائفة ينتسبون إلى الشيخ عدي ابن مسافر رضي الله عنه ويعرفون ببيت الشيخ مند - الذي كان يأتيه من لدغته الحية فيطعمه من خبز رقي عليه ونفث فيه فيأكله فيبرأ بأذن الله تعالى. وكان الأمير عز الدين شهيرا بهذه الخاصية بين الأكراد مع إدمانه على شرب الخمر وقتل النفوس سياسة وكان لهم غلو زائد فيه حتى كانوا يلقبونه بالشيخ عز الدين. وربما قيل للواحد منهم: أنت من أكراد ربنا أو من أكراد عز

الدين؟ فيقول: من أكراد عز الدين. وكان شيخا معمرا يصبغ لحيته بالسواد وله شهامة ووصلة أكيدة بخير بك كافل حلب في آخر الدولة الجركسية.

(وفي أيامه كان صلب الأمير حبيب بن عربو تحت قلعة حلب وذلك أنه كان بين الأمير عز الدين وبين أولاد عربو - طائفة معتبرة من أمراء القصير - عداوة بينه من جهة الدنيا وكذا من جهة الدين لأن بيت عربو كانوا من أهل السنة والجماعة رضي الله عنهم وبيت الشيخ مند كانوا يزيدية فكان (عز الدين) يغدر بهم (ببيت عربو) حتى سعى في قتل جماعة منهم كالأمير حبيب وكأخيه الأمير قاسم. وكان قتله (قتل قاسم) بالباب العالي السليمي عن عرض عرضه أحمد باشا المشهور بقراجا (قره جه - الأسيود) باشا أول من كان باشا بحلب في الدولة العثمانية السليمية. وذكر فيه أنه جمع بين تسع نسوة في زمن واحد بمكر عز الدين به عنده وهذا الحوض الكبير داخل آغيول (آق يول - الطريق الأبيض) من إنشاء الأمير عز الدين. وكان يزعم أنه عمره من حلال مال والده. توفي الأمير عز الدين سنة ثمان وأربعين) (بعد الألف الهجري -

ص: 309

1541 م) اهـ.

وقال الطباخ (87: 6) ما بعضه:

جان بلاط بن عربو المتوفى في أواخر هذا القرن (العاشر)

(جان بلاط ك ابن الأمير قاسم الكردي القصيري المشهور بابن عربو أمير أكراد حلب. كان منصبه هذا أولا بيد الأمير عز الدين ابن الشيخ مند ثم بيد واحد من ذرية الملك خليل ثم كان بيده وذلك أنه لما غدر الأمير عز الدين بأبيه (بوالد جان بلاط الأمير قاسم) عند قراجا باشا أول من كان باشا حلب في الدولة العثمانية السليمية - على ما ذكر في ترجمة عز الدين - رفعه الباشا إلى جن قلعة حلب. . .) حتى قال: فسفك (جان بلاط) دماء جمع جم من الأكراد اليزيدية من قطاع الطريق اللصوص وجعل لهؤلاء سجنا هو بئر عميقة وأشبعهم بلاء حتى حسم مادة المفسدين منهم. . . وتمكن (جان بلاط) من منصب الأمير عز الدين عدو أبيه ومن شيعته اليزيدية ودوره التي بناها بكلز (بكلس) وحلب ومن زوجته. . .) اهـ.

المصدر الثاني

وثاني المصدرين - كما قلت - كتاب شرفنامه فأنه ذكر الشيخ عز الدين وقال عنه - كما قال الرضي الحنبلي - أنه كان يزيديا. وهذا تعريب ما في شرفنامه (ص 220 - 223) عن الشيخ عز الدين وبيت مند ببعض التصرف:

في ذكر حكام كلس (أوكلز)

غير خفي على ذوي الفطنة الواقفين على السلالة الهاشمية أن سلسلة حكام كلس - على ما يزعمون - تنتهي بأحد أولاد العباس رضي الله عنه. ويروون رواية صحيحة أنهم هم وحكام حكاري (هكاري) وحكام العمادية أبناء عم بعضهم لبعض. ويقولون في هذا الصدد أن شمس الدين وبهاء الدين ومنتشا، هم أخوة ثلاثة وأن حكام حكاري - وهم من نسل شمس الدين - يسمون باصطلاح الأكراد (شمو) وحكام العمادية (بهدين) وهم من نسل بهاء الدين وحكام كلس (مندا) وهم من نسل منتشا.

وعلى كل تقدير فقد أجتمع في بادئ أمر مند تحت أوائه جماعة من طائفة الأكراد فذهب إلى جهة مصر والشام وأختار هناك ملازمة السلاطين الأيوبية.

ص: 310

فعين للواء مند هؤلاء السلاطين العادلون ناحية القصير القريبة من ولاية إنطاكية فأضحت مشتى لأتباع مند وأنضم إلى لوائه جماعة اليزيدية من الأكراد المتوطنين هذه الديار.

وكانت تظهر في مند يوما فيوما آثار المقدرة والسداد وتتزايد فيه علامة الشهامة والرشاد فقصده أكراد (حوم) و (كلس) جميعهم وشملته عناية السلاطين الأيوبية وكفلت آماله وافتخرت به إمارات أكراد الشام وحلب امتدت يده في القبض والبسط والرتق والفتق فظهرت حكومة هذه الجماعة قوية فرفعت (مند) إلى مرتبة عالية ممتازة بين الأقران.

وفي أول الأمر نازع مند على سرير حكومة الأكراد بعض شيوخ اليزيدية الساكنين ما بين حماة ومرعش، فكان يقع بعض الأحيان جدال يسبب الحرب والقتال. وفي آخر الأمر أطلع هؤلاء مند وانقادوا إليه يقهره وتعنيفه إياهم ولطفه بهم وإحسانه عليهم فأدخل جميع أكراد هذه الديار رقابهم في رباق طاعة مند.

وحينما توفي مند تصدى لأمر الحكم ابنه عرب بك ولما وفي هذا قام مقامه ابنه جمال بك ثم خلفه أحمد بك وفي عهد حكومته طوت يد القضاء بساط حكومة آل أيوب وانتقلت

دولتهم إلى الغلمان الجراكسة الذين لم يطعمهم أحمد بك فقام حبيب بك مقام أبيه فاستمالته السلاطين الجراكسة بالخدمة فدعوه إلى حلب وقتلوه.

ثم ضبط وحكم قاسم بك الأكراد بحسب الإرث وبمقدرته إلاّ أن السلاطين الجراكسة فوضوا حكومة الأكراد إلى المدعو عز الدين من أولاد شيوخ اليزيدية فتبعه بعض هؤلاء. ووجه شهريار بك رمضانلو قائدا ومعه متجندة

ص: 311

حلب لدفع قاسم بك فتحصن هذا وعشائره وقبائله في جبل صهيون. وأرسل من جهة أخرى السلطان غوري ابن أخته مع جمع غفير من متجندة حلب لمقاتلة قاسم بك الذي قابلهم عدة دفعات وفي كل منها كانت الخيبة نصيب جنود الجراكسة.

وحينما عزم السلطان سليم خان على تسخير عربستان وولاية مصر والشام ودفع الجراكسة وعطف عنان سفره إلى هذه الجهات، سار إذ ذاك قاسم بك وخيري بك الجركسي إلى تقديم طاعتهما إلى السلطان وفازا بشرف المثول بين يديه وبعد أن فتح السلطان ديار مصر والشام وحلب توجه قاسم بك إلى الآستانة مع ابنه جان فولاد البالغ من العمر اثنتي عشرة سنة من الركاب الملكي المظفر.

أما الشيخ عز الدين اليزيدي بادر للحضور خدمة قراجه باشا ميرميران حلب وبإغواء بعض المفسدين وبكلماته ذات الأغراض أبان للباشا خيانة قاسم بك وعصيانه فعرف الباشا بعض ملازمي سرير الخلافة بالخبر مبالغا فيه. من ذلك قوله: إن عودة قاسم بك إلى حلب تبعث الفساد فأصدر السلطان أمره بقتل قاسم بك ونفذ الأمر فورا وجعل ابنه جان فولاد في السراي العامر مع غلمان الخزينة وكفلت بتربيته وحفظه. وفوضت إمارة الأكراد إلى الشيخ عز الدين اعتمادا على طلب قراجه باشا من ديوان السلطان سليم خان) اهـ.

ص: 312

ولليزيدية ذكر أيضا في هذا المجلد من شرفنامه في الصحائف الآتية: 14 و117 و307 و310.

المصدر الثالث

هو مستند بالآرامية نشرته بحروفه مجموعة نو وقد أخبرنا فيه أنه منقول عن أصل قديم كان قد وضعه كاتبه في سنة 1452م (855 هـ). وهذا تعريب لجزء من هذا المستند عن الترجمة الفرنسية حيث ذكر اليزيدية. وإني لأكتفي بهذا القسم دون غيره وإليك المطلوب:

وكان اسم الوالد الطبيعي لعادي مسافرا بن أحمد وهو من الأكراد التيراهية الذي كانوا يقضون اعتياديا فصل الصيف في زوزان وينزلون منه شتاء إلى ضواحي الموصل. وكان في ذلك العهد عشيرة اليزيدية جدوده (جدود عادي) سكنة زوزان - تبع أقارب عادي في ذهابهم إلى جبال زوزان وإيابهم منها وكان النظر إليهم كخدمة لهذه الأسرة الكبيرة.

وحينما كان يرجع اليزيدية من زوزان في أول تشرين الثاني كانوا في طريقهم يجتازون بعادي ابن أميرهم ومعهم هدايا وعطايا ثمينة فكان عادي يكافئهم عنها بالضيافة من ماكول ومشروب مع أفراح على ضروب كثيرة. وكان هؤلاء يحبون الشرب (أي الخمر) وكان عددهم 650 بيتا (أسرة). أما رجال عادي الذين كانوا مسلمين وهم أكراد تيراهية فكان عدد خيامهم (أسرهم) يتجاوز الألف) اهـ.

وكانت قد جاءتنا وضيعة دار السلام (3 (1920): 321) التي كانت تصدر في مدينتنا دار السلام بأن عند القس ماروثا مخطوطا نفيسا قديما باللغة الآرامية مقطوعا من كتاب كبير ترجمة لها القس إلى الفرنسية فعربته للقراء وهو القسم العظم لما نشره نو وفيه نقص في الوسط. وقد وجدت باستعانة من

ص: 313

يعرف الآرامية أن ترجمة نو مقاربة كل المقاربة للأصل الآرامي إلا قوله (الوالد الطبيعي) فأن كلمة: (طبيعي) ليست في الأصل. أما الترجمة الفرنسية التي عربتها دار السلام فالظاهر فيها أن للمترجم إلى الفرنسية غلطات واضحة من ذلك أنه قال: (مسافر من أولاد أومية (وفي الأصل من بني أومية) وقال (قبيلة زدنايا). ويبين أنه كان في نصه كلمتا (اومثة) و (يزيدنايا)(والألف الأخيرة بالإمالة) - وهما في نص نو - فقرأهما (أومية) و (زدنايا) وأعتبر (اومثة) علماً مع أنها نكرة ومعناها (أمة) وقد ترجمت في مجموعة نو بكلمة أي عشيرة. وحذف مترجم دار السلام الياء الأولى من (يزيدنايا)(أي اليزيديين بالنسبة والجمع) فقال (زدنايا).

والذي أوجب هذا التنبيه على ما في دار السلام هو ملاحظتي أنه قد يصعب على بعض الكتاب الوقوف على ما نشره نو فيرجع إلى دار السلام ويبني كلامه على ترجمة القس ماروثا فيزيد الإشكال في معرفة الحقائق.

والفرصة سانحة لأن أذكر أن كتاب مخطوطات الموصل للأديب البارع الدكتور داود الجلبي عرفنا (في ص 264) (بفتوى بالتركية وترجمتها بالعربية في تحليل قتل اليزيدية

أصدرها أبو السعود بأمر السلطان سليمان). وكانت وفاة السلطان في سنة 974 هـ (1596م). وفيه (ص 139) ذكر كتاب يبحث عن اليزيدية لأحمد أفندي الخياط من رجال الثلث الأخير من القرن الثالث عشر للهجرة. وفيه أيضا (ص 274) أن في مجموعة من المجاميع رسالة في بيان مذهب الطائفة اليزيدية وحكم أموالهم للشيخ حسن الشفكي الموصلي.

شرف الدين محمد في مستند قديم

وإذ انتهيت من الكلام عن تسمية اليزيدية وجب علي أن أبين أن لشرف الدين محمد ذكرا في غير تاريخ ابن العبري وفي غير نسب زين الدين يوسف دفين مصر فهو مذكور في المستند الذي نشره نو ودار السلام. ومما رواه

ص: 314

هذا المستند أن شرف الدين محمدا هو ابن لعدي بن مسافر وذكره منتصرا لعز الدين صاحب أيقونية كما قال ابن العبري. ولعل ذلك منقول عن ابن العبري نفسه مع إلحاق المستند بنوة عدي بمسافر، ثم ذكر مستندنا قتله شرف الدين محمد في موضع اسمه (قماح) وإذ كانت كتابة المستند المنوه به في سنة 855 هـ (1452م) كانت تلك الكتابة بعد وفاة عدي بن مسافر بثلاثة قرون فجاء واضعها يخبط خبط عشواء من تقديم وتأخير وغير ذلك ما شوه تاريخ وقائع لا جدال فيها. ومن تلك الحوادث أنه رأى عدي بن مسافر وشرف الدين محمد معاصرين لعز الدين صاحب أيقونية في حادثة وقعت يوم ذاك. وكانت هذه الحادثة في سنة 655 هـ (1257م) على ما أطلعنا عليه ابن العبري. وإذ كان قد مر عامئذ على وفاة عدي بن مسافر قرن كامل فمن البعيد أن يكون (شرف الدين محمد) أبنا صلبيا لعدي بن مسافر فضلا عن أن عديا هذا لم يكن له ابن فشرف الدين محمد المذكور في ابن العبري وفي المستند يوافق عصره شرف الدين محمد بن شمس الدين حسن بن شرف الدين عدي ابن أبي البركات الخ الذي ذكرته الرسالة (ص 23 و32) في نسب زين الدين يوسف دفين مصر في عام 697 هـ (1297م). ولقد أحسن سعادة الباشا بأن رجح أن شرف الدين محمد المنوه به في ابن العبري هو الذي ورد أسمه في نسب زين الدين. وعندي على ذلك دليل آخر سيأتي.

ولي كلمة حول شرف الدين عدي أنقلها من تاريخ الموصل للقس الفاضل سليمان الصائغ (300: 1) تلخيصا عن قلائد الجواهر للشيخ محمد الحنبلي قال القس:

(بعد وفاة الشيخ عدي بن مسافر الأموي خلفه ابن أخيه الشيخ أبو البركات بن صخر بن مسافر الأموي. وكان هذا الرجل أيضا من المشايخ الكمل العظام وصحب عمه استفاد من يمن أنفاسه. وخلفه بعده ولده أبو المفاخر

ص: 315

عدي بن أبي البركات بن صخر بن مسافر الأموي الشامي الأصل الهكاري المولود والدار. وكان له اعتبار وقدر زائد) اهـ.

وإذ قد رأينا هنا أبا المفاخر عديا فلا يبعد أن ابن العبري عند كلامه عن شرف الدين محمد ابن الشيخ عدي أراد بابن الشيخ عدي - ولم يقل ابن الشيخ عدي بن مسافر - ابن أبي المفاخر عدي وهو شرف الدين عدي الوارد اسمه في ترجمة ابنه الحسن (شمس الدين) في ابن شاكر (الرسالة ص 18) وفي كلام السخاوي عن زين الدين (الرسالة ص 24). وهذا الدليل الثاني الذي أشرت إليه في ما تقدم. وقد لا يدحض دليلي بالقول أن شرف الدين محمدا كان أبنا لشمس الدين حسن فلم يكن صلبيا لأبي المفاخر شرف الدين عدي بل حفيدا له فقد يجوز أن الحفيد أشتهر ببنوته لجده دون أبيه. ويجوز أيضا أنه تغلبت على شرف الدين محمد البنوة لعدي بن مسافر لصلته به قرابة وطريقة فأطلق عليه ابن العبري شرف الدين محمدا ابن الشيخ عدي من باب التوسع وكل حفيد هو ابن.

النتيجة

يبين مما مررنا به عن هذه النحلة التي قيل عنها في الرسالة (ص 43) أنها سميت على الظاهر يزيدية في القرون الخيرة أنها كانت تسمى بهذا الاسم في عهد السلطان سليم الأول وهو المتوفى في سنة 926هـ (1519م) فأننا رأينا في الطباخ في عصر هذا السلطان أن عز الدين بن يوسف الكردي العدوي كان يزيديا بل كان اسم اليزيدية شائعا على أقل تقدير في سنة 850 هـ (1446م) إذا صح ترجيحي أن حبيب بن عربو المذكور في الطباخ هو حبيب بك ابن جمال بك ابن عرب بك (وعلى لهجة الأكراد عربو) ابن مند وعندئذ يكون مند من رجال النصف الأول من القرن التاسع وقد رأينا أيضا في شرفنامه أن أسم اليزيدية كان معروفا في أيام مند. وفضلا عن ذلك أن المستند الآرامي - على فرض صحة كتابته في سنة 855 يسميهم (يزيدناييا)(بالإمالة)(اليزيدين بالنسبة والجمع) - حتى أنه يرقي هذا الاسم إلى زمن عدي بن مسافر وهو الأمر الذي لا يمكن التسليم به لمجرد قوله لبعده عن زمن عدي بن مسافر.

ص: 316

هذا ما كان من أمر تسمية اليزيدية أما ذكر شرف الدين محمد الذي لم تقف الرسالة (ص 22) على ترجمة له في كتب التراجم إلا ما رواه ابن العبري في تاريخ مختصر الدول فأننا رأيناه في المستند الآرامي ولعل هذا المصدر أخذ شيئا عن ابن العبري.

بغداد: يعقوب نعوم سركيس

(لغة العرب) حضرة صديقنا الكريم يعقوب نعوم سركيس مغرم بمطالعة ما يكتبه سعادة المحقق الكبير أحمد تيمور باشا. ونحن مولعون بمطالعة ما يكتبه الصديقان العزيزان اللذان هما فرسا رهان. وللأديب ناشر هذه المقالة النفيسة مقالات ظهر وشيها في هذه المجلة وفي غيرها تدل على علة كعبه في تفلية الأحداث والوقائع ولا يتكلم إلاّ عن إمعان في التحقيق والتدقيق ونحن نشكره على ما أتحفنا به من المباحث الجليلة والتدقيقات البديعة التي دفعت جماعة من أدباء أوربة ومستشرقيها إلى أن يعرفوا شيئا من ترجمته ومحل تلقيه العلوم. والذي نستطيع أن نقوله الآن أن حضرته منعنا إلى الآن من نشر شيء عنه. فعسى أن تكون هذه المباحث الدقيقة كافية للدلالة على رفيع منزلته من أدب العراق وتاريخه والتنقيب عن بلدانه وآثاره ورجاله. إذ كل ذلك يبين من خلال السطور التي تخطها بنانه. متعنا الله بعمره طويلا!

والذي يشكر عليه حضرة صديقنا أنه جمع لنفسه خزانة من أفخر خزائن الكتب وذلك أنه خزن فيها جميع التصانيف التي تبحث عن العراق وتاريخه وبلدانه ورجاله من مطبوعة ومخطوطة من حديثة وقديمة من أي لسان كان، فأنك ترى فيها مؤلفات بالعربية والفارسية والتركية والفرنسية والإيطالية والأسبانية والبرتغالية واللاتينية والإنكليزية والألمانية والفلمنكية إلى غيرها مما نجهله. ولا جرم أن بين مخطوطاته مؤلفات لا نظير لها في خزائن أوربة وديار الناطقين بالضاد إلاّ أن هذه ليست بكثيرة لعز أمثالها ومناعتها وأحسن شاهد على ما نقول تلك المقالات المطبوعة بطابع التحقيق الموشاة بالشواهد المختلفة والحواشي البديعة فعسى أن لا يحرم قراء هذه المجلة فوائد تلك الدواوين والأسفار الجليلة التي بيده.

ص: 317