الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السرحيون أو الشرويون
الفرنسيون يسمون العرب الذين دخلوا ديار الأندلس وديارهم بالسرازين والإنكليز يكتبونها والرومان واليونانيين وقد أختلف لغويوهم في أصل هذه الكلمة وذهب أغلبهم إلى أنها محرفة عن (شرقيين) هذا ما نص عليه لغويو الفرنسيين والإنكليز والإيطاليين والأسبانيين وغيرهم. وهذا لا يمكن أن يكون، إذ لا يبعد أن يكون أول من أتخذ هذا الاسم الأجانب أو المسلمين. فإن كان الأجانب فلا يمكن لهم ذلك إذ لا يسمونهم باسم عربي وهم لا يعرفون العربية والعرب لا يعرفونه ولا ترى في كتبهم ولفظ الشرقي يشمل كل من كان في ديار الشرق الأدنى ولا يدل على المسلم وحده دون غيره، أو أنه لم يدل على هذا المعنى في أول وضعه، وأما المسلمون فأنهم فضلوا أسم المسلم على كل أسم سواه.
إذن من المحال أن يكون السرازين أو السراسين تصحيف (شرقي) ثم جاء صاحب الهلال وأثبت هذا الرأي واستحسنه فكتبنا عليه ردا قبل 25 سنة (أي في سنة 1904) في مجلة المشرق أوضحنا رأينا في أصل هذه الكلمة ولم نوافق على رأي البحاثة جرجي زيدان وهذا نصه بحرفه بعنوان (العرب أو السرحيون):
(طالعت في الهلال (297: 6) نبذة في أصل لفظة الإفرنجية فرأيته يقول:
(إن الإفرنج قد صفحوا لفظة الشرقيين إلى لفظة وأرادوا بها العرب، وهذا رأي السواد الأعظم من المستشرقين؛ ولكنه تعليل ضعيف لأن اليونان والرومان إذا سموا العرب باسم، لا يسمونهم بلفظ من لغة العرب، بل من لغتهم هم (كذا)، ويلوح لنا أنه الأقرب إلى الصواب لأن بلاد العرب ما برحت معروفة منذ القديم ببلاد المشرق وأهلها بنوا المشرق. وحيثما ورد ذكرها في التوراة سميت (قدم) أي المشرق وأهلها (بني قدم) أي بنو المشرق. والغالب أن يراد بهذا الاسم الأقسام الشمالية من جزيرة العرب. وأما
أقسامها الجنوبية فيسمونها أرض الجنوب (تيمن) وفي القاموس: التيمن الجنوب ومنها اليمن وتدل هذه اللفظة في أصل اللغات الشرقية على اليمين أو اليد اليمنى. والسبب في إطلاقها على بلاد العرب أن من يستقبل المشرق بوجهه كان الجنوب إلى يمينه. وكان العبرانيون يقيمون في شمالي جزيرة العرب وهم هناك إذا استقبلوا مشرق الشمس كانت بلاد العرب إلى يمينهم.
فسموها التيمن أي اليمن ثم تشابه المعنيان اليمين والجنوب) انتهى كلام الهلال.
ثم نقرنا عن أصل هذه الكلمة في معاجم لغويي الفرنسيين وفي كتاب حضرة الأب لامنس عن الألفاظ الفرنسية المأخوذة من العرب، فألفيناهم جميعهم يقولون مثل هذا القول، أي أن كلمة من تصحيف الكلمة العربية (شرقيين) ومع هذا كله فأننا نستبعد هذا الاشتقاق لأن الأعاجم إذا أرادوا أن يسموا قوما أجنبي الجنس أطلقوا عليه اسما مأخوذا عنهم أو عن بلادهم أو اسما يضعونه لهم أخذا عن لغتهم. والحال أن العرب لم يتسموا بالشرقيين. كما أنه يستحيل على الإفرنج أن يسموا الناطقين بالضاد باسم غير موجود في لغتهم. ولهذا إننا نوافق صاحب الهلال في كلامه الأول ونخالفه في كلامه الثاني.
ولفظة (سرزين أو سراسين قديمة الاستعمال عند الإفرنج. فقد قال ابن بطوطة في رحلته (وكانت في سنة 1333م) إلى بلاد الروم عند دخوله القسطنطينية ما نصه: (سمعتهم يقولون سراكنو، سراكنو، ومعناها المسلمون. (رحلة ابن بطوطة طبع باريس 425: 2) - وقد أشار ابن الأثير إلى أصل هذه اللفظة في الكامل (117: 1 من طبعة القاهرة) إذ قال: (وكانت الروم تسمي العرب سارقيوس) يعني عبيد سارة بسبب هاجر أم إسماعيل) اهـ. وهذا الرأي عندي أصح من قول من تقدمت الإشارة إلى ذكرهم. وليس من البعيد أن تكون اللفظة منسوبة إلى سارة وهي مما يعرفونه وموجود في لغتهم. فقالوا إذن (ساريون) أو على طريق النسبة في لسانهم (سراكينو أو سراكينوي) إشارة إلى أنهم عبيد لسارة كما تنسب إلى من يكون في خدمة الملك أو السلطان أو القيصر فتقول فيه: ملكي أو سلطاني وقيصري لأن بعض الأسماء قد يضاف إليها أو ينسب إليها لأدنى علاقة بينها وبين الأصل.
إلاّ أني أرى رأيا آخر وهو: إن لفظة سرزين منسوبة إلى (سرحة) قال
ياقوت: (سرحة بلفظ واحد السرح. . . مخلاف باليمن وهو أحد مراسي البحر هناك وهو موضع بعينه) اهـ. وهذا يوافق ما نقله بعض الإفرنج عن قدماء وطنييهم كما جاء في المعجم اليوناني الفرنسي لالكسندر قال: أهلها) اهـ.
وقال كيشرا وأ. دافلوي في معجمهما اللاتيني الفرنسي نقلا عن اميناس مرشلينس ويونيور أن أل أو جيل من عرب اليمن. وقال بواست في معجمه العام: قطر قديم في
جنوبي اليمن). فهذا القطر أو هذا المخلاف هو (سرحة) وكان فيه قبيلة من العرب تعرف باسم (بني جرم) وقد فتحوا الفتوحات الجليلة في صدر النصرانية وخافهم الرومان والفرس وسوف نرصد لهم مقالة خصوصية مسندة الروايات إلى مؤرخي الإفرنج والعرب مما يقضي منه العجب إن شاء الله.
هذا ولما كانت الحاء غير موجودة عند الإفرنج من أقدمين ومحدثين أبدلوهما من الكاف في اليونانية أي ومن في اللاتينية ومن السين أو الزاي في الفرنسية فتنقلت بهذه الصور المختلفة فتنكرت ومما يعين المتثبت على قبول هذا الرأي الجديد:
1 -
تتبع هذه اللفظة في فروع اللغة اللاتينية أو في لغياتها، فهي في الأندلسية والبرتوغالية وفي القطلونية (وهذه تقرب كثيرا من الأصل العربي) وفي البلنسية إلى غيرها.
2 -
استبعاد تسمية شعب أو أمة أو قبيلة باسم غير اسمها الذي تسمي بها نفسها أو بغير مسمى بلادها، أو باسم غير مشتق من لغة القوم الذين يطلقون على الأجانب هذه التسمية الجديدة.
3 -
لو قلنا مأخوذة من لفظ (شرقيين) فكيف نفسر قول الأقدمين من يونانيين ورومان أو أو قطر من بلاد العرب وأن أو قوم مكن عرب اليمن أو من أهل بلاد اليمن؟
4 -
يعسر قبول رأي ابن الأثير أن (سراكيوس)(كذا في الأصل المطبوع في القاهرة والأصح سراكنو كما ذكرها ابن بطوطة أو (سراكنوي) تبعا للأصل
اليوناني) أن يكون من سارة أمة (جارية) إبراهيم الخليل ثم امرأته لأن اغلب عرب اليمن من قحطان (أو يقطان كما في التوارة) لا من عدنان؛ وأولئك أقدم عبدا في اليمن من هؤلاء. ثم أن في هذا النسب مما يخالف مطرد النسب عندهم، فلو كانت اللفظة منسوبة صحيحة إلى (سارة) لقيل مثلا أو لا لأن هذه مضافة (أي سرحة) التي ذكرناها.
وبهذا القدر كفاية لمن يريد أن يسمع الحق ويراه، ويقر به، ولا يحتج بقوله أن الإفرنج لم تقل به لأن المستشرقين أو لغويي الغرب لم يوهبوا فصل الخطاب ولم يؤتوه في كل باب؛ والله أعلم بالصواب) انتهى ما كنا كتبناه في مجلة المشرق.
أما اليوم فنزيد على ما تقدم رأيا آخر نظنه أمتن من مذهبنا الأول. وإن كان ذاك حسنا في
حد نفسه، ودونك إياه:
إن كلمة منسوبة إلى السراة وفي الوقف تلفظ وهو يوافق كل الموافقة لما نطق به الأقدمون من أبناء الغرب، فقد قال الأصمعي: (السراة: الجبل الذي فيه طرف الطائف إلى بلاد أرمينية. وفي كتاب الحازمي: السراة: الجبال والأرض الحاجزة بين تهامة واليمن، ولها سعة وهي باليمن أخص. وقال الحسن بن علي بن أحمد بن يعقوب اليمني الهمداني: أما جبل السراة الذي يصل ما بين أقصى اليمن والشام، فأنه ليس بجبل واحد وإنما هي جبال متصلة على شق واحد من أقصى اليمن إلى الشام في أرض أربعة أيام في جميع طول السراة. . . اهـ. وقال أبو عمرو بن العلاء: أفصح الناس أهل السروات، وهي ثلاث، وهي الجبال المطلة على تهامة مما يلي اليمن، أولها هذيل وهي تلي السهل من تهامة، ثم بجلية وهي السراة الوسطى، وقد شركتهم ثقيف في ناحية منها، ثم سراة الأزد، أزد شنوءة، وهم بنو كعب بن الحرث بن كعب بن عبد الله بن مالك بن نصر بن الأزد اهـ.
فلا عجب بعد هذا الشرح أن يسمى العرب سرويين إذ يشمل هذا الاسم اليمانيين أي القحطانيين والحجازيين أي العدنانيين. على أن الظاهر من نقل الرومان
واليونانيين للفظة أنها كانت في أول الأمر (سراهيين) لا (سرويين) أي أنهم اعتبروا السراة اسم جمع يشمل تلك الجبال المنقادة من اليمن إلى الشام، ولما نسبوا إليها اعتبروا الهاء الأخيرة هاء مصرفة كما في سنة، فأنهم قالوا في النسبة إليها سنوي على الأصل وسنهي على اللفظ. وهكذا قالوا في السراة: سروي على الأصل وسراهي على اللفظ.
وعندنا أن هذا الرأي أرجح وأن كان ذاك حسنا أيضاً في حد نفسه فليختر القارئ ما يشاء. أما القول بأن الأصل هو شرقيون أو كما قال آخرون سراقون جمع سراق بمعنى السارق أي كثير السرقة أي الغزاة فليس فيه شيء من الحقيقة وكذلك القول أن الأصل هو صحراويون فكل ذلك غير صحيح ومبني على الوهم.
ومن الغريب أن بعض الكتبة المسيحيين في القرنين الأخيرين جهلوا أصل هذه اللفظة كل الجهل، فأخذوا يعربون الكلمة عن الغربيين بلا فكر ولا هدى. وذكروها بصورة: سراكنة وهي واردة في تراجم القديسين مثلا في سيرة القديس صفرونيوس بطريرك أورشليم. وجرى في أثرهم الخوري يوسف داود زبوني الذي أشتهر بعد ذلك باسم المطران أقليميس
داود فأنه ذكر مسلمي العرب باسم السراكسة (راجع كتاب مختصر تاريخ الكنيسة للمعلم لومون ص 322) وبعضهم ذكرهم باسم الشراكسة مع أن هؤلاء هم الشركس أو الجركس وقد نبه على هذا الغلط البطرك بولس مسعد فقد جاء في كتابه الدر المنظوم (تسمت دول العرب عموما بدول السراكسة نسبة إلى محل بين مكة ويثرب (المدينة) أو في الطريق التي تؤدي من مكة إلى القدس يدعى سوراقية أو سرقة ومسرقة وسرقا ومسريقا والشرق وهو غير اسم الشراكسة المطلق على دولة الأتراك الجركسية) اهـ.
ولكن لم يقل لنا المؤلف كيف أن سوراقية وأخواتها تنقلب سراكسة. ولا أين وجد تلك الأسماء التي في بعضها من الغرابة ما يطرد خبثاء الجن ولا جرم أن الباحث يحتاج إلى صرف جانب عظيم من مخيلته ليصل غليها والعلم لا يسلم به هذا فضلا عن أن هذه المواضع لا وجود لها في كتب البلدان ولا في الرحلات فلا ندري من أين أتى بها. والذي عندنا أنه نقلها عن الأجانب والله أعلم.
المخطوطات العراقية في المتحفة البريطانية
(لغة العرب): طلبنا إلى صديقنا الكريم العلامة فرينسس كرنكو أن يذكر لنا أسماء الكتب الخطية التي اقتنتها المتحفة البريطانية في السنن التي تلت الحرب العظمى فكتبت لنا ما يأتي:
نسخة خطية رقم 8073
كتب في الفهرسة: تاريخ العراق تحت حكومة مراد بك.
هذا خطأ واضح لأن النسخة تشتمل على وقائع حدثت في اليمن من سنة 1047 إلى 1080 وعنوان الكتاب: (طبق الحلوى وصحائف المن والبلوى). ومؤلفه العلامة عبد الله بن علي الوزير. هذه النسخة ناقصة من الأول وهي في القطع الربع وتحتوي 51 صحيفة فقط والمؤلف شافعي المذهب ومعاصر للوقائع.
نسخة خطية 8863 في القطع الربع 84 صحيفة
تاريخ أولياء بغداد
قال المؤلف في المقدمة ما نصه بحرفه:
فهذه رسالة لطيفة ونسخة مشتملة على مناقب عدة أنبياء، وجملة أولياء وفرقة مشائخ أنقباء (كذا لعلها أتقياء أو أنقياء أو نقباء) وزمرة علماء عالمين وصلحاء واصلين الذين هم في داخل بغداد وخارجها وملحقاتها ظاهرين (كذا) المراقد والآثار، باهرين (كذا) الفيض والأنوار. كانت هذه الرسالة من قبل مؤلفها تأليفا لطيفا بلسان (كذا) التركي، بعبارة فائقة، ونكت رائقة. المنشئ لها رجل من أعزة بغداد فاضل كامل العرفان والاستعداد المعروف بزمانه بين أقرانه بحسن العبارة والإنشاء كاتب بارع لطيف التأليف عذب الأداء (مرتضى أفندي الشهير بنظمي زاده) رحمه الله. قد ذكر عن سبب تأليفه وترجمته هؤلاء الرجال الكمل
الأولياء رضي الله عنهم ونفعنا بهم بأنه قد قدم بغداد واليا عليها في تاريخ اثنين وتسعين وألف وزير دولت (كذا) العثمانية حضرت (كذا) إبراهيم باشا المرحوم وكان وزيرا فاضلا كيسا عاقلا محبا للصلحاء راغبا غاية الرغبة لسماع (كذا) مناقب الأولياء زائرا مراقدهم مترددا لمشاهدهم فأمر منشئ النسخة التوركية (كذا) بهذه (كذا) التأليف والترتيب ورتب على نمط ما سنترجمه بالعربي شكر الله تعالى سعيه. ثم وصلت النسخة التركية ما نظر الأمير الكبير (وهاهنا طوفان من الألقاب الدالة على سوء ذوق) أعني به سعد الله بيك (كذا) المحترم سعد جده، وجد سعده، فهو نجل الوزير الشهير (سيل آخر من الألقاب) حضرت (كذا) المرحوم المغفور له الحاج حسين باشا رحمة الله. . . فرغب المشار إليه البك المكرم لترجمة النسخة المذكورة بالعربية حيث كانت (كذا) أشرف الألسن. . . وأشار لهذا المخلص الداعي أحمد ابن السيد حامد فخري زاده الموصلي بالترجمة فأنتهز الفقير الفرصة وشرع في المقصود مستعينا بالله تعالى الودود فقال مترجما) الخ. . .
بعد هذه الترجمة يجيء المؤلف بتراجم مختصرة لأولياء عديدين مع إشارة في الترجمة إلى موضع المزارات في بغداد ونواحيها ولكن نادرا ما تجد تواريخ وفيات أصحاب التراجم وكل ترجمة تبتدئ بلفظ (مبحث) وفي أول الكتاب تراجم بعض المشاهير الذين ليس مرقدهم في بغداد مثلا: - 1 - مبحث في ذكر مرقد آدم ونوح - 2 - مبحث نبي الله يوشع - 3 - مبحث حضرت ذو الكفل (كذا) - 4 - مبحث رابع الخلفاء علي المرتضى رضي الله عنه 5 - مبحث سيد الشهداء الإمام حسين رضي الله عنه 6 - مبحث
سلمان الفارسي رضي الله عنه الخ. .
ظني أن أكثر الفائدة من هذا التأليف ضبط الأماكن لمراقد الأولياء في بغداد ونواحيها حيث ذكر المؤلف عدة من القرى وغيرها في أثناء التراجم ومع هذا أخاف أنه كان رجلا صالحا أكثر منه عالما مؤرخا. والنسخة جيدة في حد نفسها ولكن لا يخفى على القارئ أن الكاتب أو المؤلف كان جاهلا وليس له معرفة بقواعد العربية.
بكنهام (إنكلترة): ف. كرنكو