الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عند الشاطئ
عن ديوان (الشفق الباكي) للدكتور أبي شادي
(1)
الأصل لصاحب الديوان:
مَرِحْنَ والماء أيضاً
…
في نشوَِةِ مِنْ مِراحْ
عرفْنَ للحُسْنِ فَرْضاً
…
إحسانهُنَّ المُباحْ
فكان في الماءِ عَوْمي
…
تجديَد فَأني الَحياةْ
والماء يُغْرِقُ هَمّي
…
إذا حُرِمْتُ الشَّفاةْ!
قدْ ذابَ فيهِ الَحَنانُ
…
ومُسْتَطابُ الضِيّاْء
فشَاق منهُ البيانُ
…
وراقَ فيهِ الرَّجاْء!
وقلتُ للَّصحْبِ: (هذا
…
شِعر للُبّي ونفسي!
لا تسألوني لماذا
…
إحساسُكْم غيرُ حِسّي
فكلَّ رُوحٍ أصابَتْ
…
مِنْ أُنْسِها ما تَراهْ
فإنْ سَلَتْ ما استطابتْ
…
مِنْ قَبْلُ وَلَّى سَنَاهْ!
و (الشّعْرُ) عندي الشَّعورُ
…
وعَطْفُ هذي (الطبيعَةْ)
وفي الَّتفاني الحُبورُ
…
ومُلْكُ نفي الَوديَعْه!)
مدينته ومنها انتقل إلى تحرير القسم العربي من جريدة (موصل) الرسمية والترجمة في مطبعة الولاية.
وعلى أثر إصابته بمرض سافر إلى حلب فنال الشفاء فلما عاد إلى مسقط رأسه وقد توفي والده تسلم أشغاله التجارية واختارته غرفة التجارة الموصلية رئيساً لكتابها براتب 500 غرش عثماني شهريا.
وعلى أثر احتلال القوات الإنكليزية لمدينة الموصل سعى علي مع الساعين في تأسيس (النادي العلمي) وهو الجمعية الأدبية في مظهرها والتي كانت تري إلى خدمة الوطن في الأدب والسياسة وانتخب المترجم عضوا في لجنته الإدارية ووكلت إليه اللجنة رئاسة تحرير مجلة النادي (النادي العلمي) وهي مجلة علمية فنية أدبية أخلاقية نصف شهرية
صدر جزئها الأول في 15 كانون الثاني سنة 1919 وتوقفت عن الصدور بعد صدور الجزء الثاني. وقد قام الجميل (بشؤون تحريرها) وكتب فيها مقالات عديدة وما لبثت السلطة الاحتلالية أن سدت النادي لما شعرت أنه يشتغل بالقضايا السياسية بنزعة وطنية. فتوظف علي رئيساً لكتاب دائرة الأوقاف. ظل في هذه الوظيفة مدة طويلة ثم اختلف مع بعض رؤسائه فاستعفى.
وقد أولع علي بالتحرير فكان يكتب المقالات في جريدة (النجاح) التي أصدرها خير الدين بك الفاروقي نائب الموصل في المجلس النيابي على أثر إعلان الدستور العثماني في الحدباء ونشر بعض آثاره القلمية في مجلة (لسان العرب) و (المنتدى الأدبي) لسان حال الجمعية العربية القومية (للمنتدى الأدبي) في الآستانة. وحرر مدة جريدة (موصل) الرسمية في قسمها العربي. وراسل جريدة (المصباح) التي كان يصدرها الحاج عبد الحسين الأزري الشاعر المجيد في بغداد قبيل الحرب العظمى وراسل بعد الحرب جريدة (العراق) مدة ولم تخل رسائله هذه من نزعة في تأثير الغرض على كتابته شأنه في كل ما كتبه في السياسة والإدارة.
وكان يحن أشد الحنين إلى مزاولة الصحافة حتى إذا شام الفرصة سانحة
بعد أن استعفى من وظيفته في دائرة الأوقاف أنشأ جريدة (صدى الجمهور) بالاشتراك مع المحامي عبد الله فائق في الموصل فظهرت في ربيع سنة 1927 وعهد برئاسة تحريرها إلى الفقيد. وكان الأمل أن تظاهر الجريدة الحركة الوطنية في الموصل ولكن سلوكها الصحفي جعلها تلبس لبعض الحالات لبوسها وتمثل سلوك منشئها السياسي وظلت تصدر مرتين في الأسبوع إلى هذه الأيام ولا نعلم مصيرها بعد وفاة صاحبها.
وقد ألف في خلال الحرب الكبرى رسالة نزولاً على رغبة الحكومة الاتحادية بعنوان (التحفة السنية في الهدية السنوسية) وطبعها في مطبعة نينوى سنة 1915 وموضوع الرسالة حركة السنوسي السياسية.
وكانت حياة الرجل تنطوي على صفحات متنوعة فبينما تراه عربيا قحا إذا هو عامل للاتحاديين يحرر الجريدة الرسمية ويسبغ على حوادث الحرب الثوب الذي يريدونه وتارة تجده حرا في فكره جريئا في أقواله وطورا تراه من أعوان السلطة مستسلما لها صاغرا
وأرى أن روحه كانت مضطربة ولم يكن له من القوة النفسية ما يقوى على الثبات في طريق واحدة فقد كتب إلي في كتاب خاص في 11 نيسان سنة 1924 يقول:
(أحب الحقائق ولكنني أصبر على أشد من الجمر. وأروم الجهر بالحق ثم أكف لساني فأسكت على مضض. فتراني معذبا أغلب الأحيان. وربما مرت علي ساعات الليالي الطوال فأسكب فيها دموعا على من لا يعرفها تخفيفا لآلامي المختفية بين جوانحي.
(يراني الناس في حالة وأرى نفسي في حالة وشتان ما بين الحالتين. لا بد للحجب أن تتمزق للألسنة أن تتفتق وللكلام أن يتدفق وللحقائق أن تلوح.
(وكم لي من أشجان مسطورة على صحف منظورة طيها الآلام محفوظة. تنطق بما تذرف له العين ويذوب منه الفؤاد ولئن ضن الزمان بنشرها الآن فسيتلوها قوم آخرون. وهناك ينجلي الصبح لذي عينين ويخرق صوت داعي الحق الأذنين. ولكل أجل (كتاب)
ولن أعلم إذا ترك مذكرات أو تآليف عالج فيها حالتنا الاجتماعية حسب
الخطة التي رسمها في السطور الآنفة الذكر أم كانت زفرته نزوة من نزوات الفؤاد وكان الرجل كاتبا مجيدا لا يمتاز بأسلوب خاص إنما ترى فيه نزعة عصرية في ديباجته نظرا إلى المدرسة الأدبية التي تخرج فيها. وولع بالنظم منذ حداثته فحفظ قصائد وأبياتاً كثيرة ونظم بعض مقاطيع وقصائد ولكنه لم يأت فيها بشيء جديد فمن نظمه قوله:
يا سراة الحي مالي
…
ورعاع جاؤوا غيا
نسبوا عشقي لليلي
…
ولسلمى ابنة ريا
أنا لا أختار ذلا
…
بعد ما كنت عليا
يا خليلي سلاها
…
ما الذي قيل عليا
نالت العذال منها
…
كلما كان قصيا
فاروها الغي رشدا
…
واروها الرشيد غيا
وقوله:
ذكرتني في دياجي الليل ليلي
…
وعلامات الحيا في وجنتيها
ثم أخفت خيفة العذال وجدا
…
وغراما قد بدا من مقلتيها
بالذي أجراك يا ريح الخزامي
…
بلغيها عظم شوقي إليها
ما عليها غير حفظ العهد دوما
…
غير حفظ العهد ما عليها
ومنها:
لست أنسى ما تقتضي من زمانك
…
فيه دارت اكؤسي من راحتيها
وليال قد قطعناها وغصن ال
…
أنس يبدو ساجدا بين يديها
وإذا ما هجم النوم علينا
…
بحنو وسدتني معصميها
وقد أثبت نماذج من نظمه في الجزء الثالث من كتاب (الأدب العصري في العراق) غير المطبوع.
وكان قد أصيب بمرض في الكلى في أثناء الحرب العالمية فقصد إلى حلب وتطبب فيها وشفي على نحو ما ذكرت هنا وفي موضع آخر. ثم أصيب في الأشهر الأخيرة بمرض نظنه مرض الكلى أو الزحار فقصد إلى حلب وهناك انطفأ سراج حياته بعد ربط (عملية جراحية) في ليلة الاثنين 1 تشرين الأول 1928 وحمل جثمانه إلى الموصل فوصلها صباح 3 تشرين الأول 1928 فدفن في المقبرة الواقعة قرب جامع النبي شيت مبكيا عليه من أصدقائه ومحبيه. ففي ذمة الله أيها الكاتب الصحفي.
رفائيل بطي