الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سريع البطش؛ قتل خلقا كثيرا من أكابر المصريّين وقوّادهم وكتّابهم؛ وعلى يديه صلحت الدّيار المصريّة بعد أن خربت. وكان له نحو الثّمانين سنة.
وكان أرمنىّ الجنس مملوكا لجمالىّ الدّولة بن عمار وإليه ينسب. وتولّى إمرة الشّام والسّاحل.
ولما كان يلى دمشق جرت فتنة من عسكره وأحداث البلد خرب بسببها قصر الإمارة والجامع الأموى.
ذكر وفاة المستنصر بالله وشىء من أخباره
قال المؤرخ: ولمّا ولى مصر أطلق الخراج للمزارعين ثلاث سنين إلى أن تمّت أحوالهم واتّسعت أموالهم. وكانت إمارته بمصر إحدى وعشرين سنة.
ولمّا توفى ولى بعده الوزارة ولده الأفضل، ونعت بنعوت أبيه، وقبض على جماعة من الأمراء كانوا قد ثاروا عليه.
كانت وفاته فى ليلة الخميس الثامن عشر من ذى الحجّة سنة سبع وثمانين وأربعمائة، ومولده فى يوم الأحد سادس عشر جمادى الآخرة سنة عشرين وأربعمائة، فكانت مدّة حياته سبعا وستين سنة وستة أشهر وثلاثة أيام، ومدة ولايته ستّين سنة وأربعة أشهر.
ولقى فى ولايته أهوالا عظيمة وشدائد كثيرة وفاقة متمكّنة حتى جلس على نخّ «1» وكانت أيّامه ما بين غلاء ووباء وفتن، على ما نذكره. وكان قد عتا وتجبّر واشتهر، وذلك أنه اشتهر عنه أنه نصب خركاه فى القصور التى بعين
شمس وبنى فسقيّة عظيمة وحمل إليها الخمر فى الرّوايا وأخرج جميع من فى قصره من الملاهى والقيان إلى الخركاة وهم يغنون بأصوات مرتفعة ويستقون من فسقيّة الخمر، ويطوفون بالخركاة، يضاهون بذلك البيت المعظّم وزمزم، ويقول: هذا أطيب من زيارة حجارة، وسماع صوت كريه، وشرب ماء آسن. فآخذه الله تعالى وعجّل العقوبة، وأراه الذّلّ مع قيام سلطانه، وسلّط عليه أنصار دولته حتّى نهبوا أمواله واستولوا على قصره، ولم يبق له إلّا بساط فجذبوه من تحته. وصار إذا ركب لا يجد ما يركبه حامل مظلّته إلّا أن يستعار له بغلة ابن هبة، صاحب ديوان الإنشّاء، وكلّ خواصّه مشاة ليس لهم دواب يركبونها؛ وكانوا إذا مشوا يتساقطون فى الطّرفات من الجوع. وكانت ابنة بابشاذ تبعث إليه برغيفين فى كلّ يوم «1» . وهذه عاقبة الطغيان والاستهتار.
وكان له أولاد منهم: أبو القاسم أحمد، وأبو المنصور نزار، وأبو القاسم محمد، وأبو الحسين جعفر «2» ، وغيرهم.
ووزر له جماعة «3» وهم: أبو القاسم الجرجرائى الأقطع، وزير والده، إلى أن توفّى، فاستوزر من ذكرناهم [72] إلى آخر سنة أربع وخمسين.
وتكرّر بعضهم فى الوزارة مرارا واستوزر ابا غالب عبد الظّاهر بن فضل العجمى غير مرّة، دفعة فى جمادى الأولى سنة خمس وخمسين وصرف بعد
ثلاثة أشهر، ودفعة فى شهر ربيع الآخر سنة ستّ وخمسين وصرف بعد ثلاثة وأربعين يوما، ثم وليها ثالثة فى أيام الفتنة ولقّب تاج الملوك شادى، وقتل فى سنة خمس وستين. وولى له الحسن بن ثقة الدولة بن أبى كدينة القضاء والوزارة، كلّ منصب منها خمس دفعات، ويقال إنه من ولد عبد الرحمن ابن ملجم قاتل على بن أبى طالب رضى الله عنه. ولمّا وصل أمير الجيوش بدر الجمالى أرسله إلى دمياط وأمر بضرب عنقه، فدخل عليه السيّاف بسيف كليل «1» فضربه عدّة ضربات حتى أبان رأسه، وكان عدّة ما ضربه عدّة ولاياته الحكم والوزارة. وولى أبو المكارم أسعد ثم قتله أمير الجيوش، ووزر بعده أبو على الحسن بن أبى سعد إبراهيم بن سهل التّسترى عشرة أيام ثم استعفى، وكان يهوديا فأسلم، وولى أبو القاسم هبة الله محمد الرعبانى دفعتين كلّ دفعة عشرة أيام. ووزر الأثير أبو الحسن بن الأنبارى أياما وصرف، ووزر أبو على الحسين بن سديد الدولة الماسكى مرة ثانية أيّاما ثم صرف، ووزر أبو شجاع محمد بن الأشرف بن فخر الملك، وفخر الملك هو الذى وزر لبهاء الدولة ابن بويه، فصرف وسار إلى الشّام فقتله أمير الجيوش فى مسيره.
واستوزر أبا الحسن طاهر ابن الوزير الطرابلسى، من طرابلس الشّام، ثم صرفه، وكان أحد الكتّاب بديوان الإنشاء، واستوزر أبا عبد الله محمد بن أبى حامد السيسى يوما واحدا ثم قتل، فاستوزر أبا سعد منصور بن أبى اليمن سورس بن مكرواه بن زنبور. وكان نصرانيّا ثم أسلم، والنصارى ينكرون إسلامه. واستوزر أبا العلاء عبد الغنى بن نصر بن سعيد وصرف وبقى أيّاما وقتله أمير الجيوش. ثم قدم أمير الجيوش بدر الجمالى من عكا ووزر