الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفيها مرض الحاكم فداواه بن معشر، فأعطاه عشرة آلاف دينار.
وفيها سخط الحاكم على وزيره ابن المغربى وقتله، وقتل أخاه وابنه، وهرب ابنه الآخر إلى الشام.
وفيها فى تاسع عشر ذى الحجّة أمر الحاكم بهدم كنائس القنطرة التى فى طريق المقس وكنائس حارة الرّوم، فهدم جميع ذلك.
وفى سنة أربعمائة، فى يوم الخميس حادى عشر شهر رمضان، جمع الأولياء. وأصحاب الدواوين فى صحن الإيوان بالقصر، وخلع على أبى نصر بن عبدون، وقرئ سجله، ولقّب بالكافى، وولى مكان صالح بن على بن صالح الروزبارى. وكانت مدّة ولاية صالح سنتين وأربعة عشر يوما.
ذكر خروج آل الجرّاح على الحاكم ومتابعتهم لأبى الفتوح الحسن بن جعفر الحسنى وما كان من أمرهم
كان سبب ذلك أنّ نصر بن عبدون كان بينه وبين بنى المغربى عداوة متمكنة، فسعى بهم عند الحاكم وأغراه، إلى أن أمر بضرب أعناقهم، وذلك فى ثالث ذى القعدة سنة أربعمائة؛ فقتل أخوى الوزير وولده وثلاثة من أهل بيته، واستتر الوزير أبو القاسم بن المغربى وهرب إلى الشام، فى تاسع ذى القعدة منها، والتجأ إلى حسّان بن المفرج بن دغفل بن الجرّاح، واستجار به فأجاره؛ وأنشده عند دخوله عليه:
أمّا وقد خيّمت وسط الغاب
…
فليقسونّ على الزّمان عتابى
يترنّم الفولاذ دون مخيّمى
…
وتزعزع الخرصان دون قبابى
وإذا بنيت على الثّنيّة خيمة
…
شدّت إلى كسر القنا أطنابى
وهى قصيدة مطولة مدح بها آل الجرّاح. فلما سمعها حسّان هشّ لها وجدّد من القول ما طاب به قلب الوزير وسكن جأشه.
ثم حسّن ابن المغربى لبنى الجراح أنّ يخرجوا عن طاعة الحاكم، فوافقوه على ذلك، وقتلوا نارتكين أحد الأمراء الحاكميّة المقيم بالرّملة؛ ثم حسّن لهم أن يقيموا أبا الفتوح الحسن بن جعفر الحسنى خليفة، وهو أمير الحرمين يومئذ «1» ، وأن يحضروه من مكّة؛ فأجابوه إلى ذلك، وأسلوا إلى مكّة وأحضروه إليهم. فلمّا قرب أبو الفتوح من ديار بنى الجرّاح خرجوا إليه وتلقّوه، وقبّلوا الأرض بين يديه، وبايعوه بالخلافة ولقبوه الرّاشد بالله.
فحينئذ صعد أبو القاسم بن المغربى المنبر وخطب خطبة يحرّض الناس فيها على الخروج على الحاكم، فأشار إلى مصر وقرأ: طسم* تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ* نَتْلُوا عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ* إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَها شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْناءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ إِنَّهُ كانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ* وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ* وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي
الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما [مِنْهُمْ]«1» ما كانُوا يَحْذَرُونَ
«2» .
فلمّا سمع الحاكم ذلك أزعجه، فندب الجيوش لقتالهم، مع ياروخ تكين العزيزى، فاعترضه حسّان بين رفح والدّاروم «3» ، والتقوا واقتتلوا، فانهزمت أصحاب ياروخ تكين، وأسر هو ونقل إلى الرّملة، وسمع غناء جواريه وحظاياه بحضوره وهو مقيّد معه فى المجلس، وارتكب معه الفواحش العظيمة، ثم قتله صبرا بين يديه.
وبقى الشّام لبنى الجرّاح. فشرع الحاكم [56] يأخذهم بالملاطفة، وراسلهم، وبذل لهم الرّغائب والأموال، والأقمشة والجوارى، وقرّر لكلّ واحد منهم خمسين ألف دينار عينا، واستمالهم عن أبى الفتوح. فاتصل ذلك بأبى الفتوح، فقال لهم: إن أخى قد خرج بمكة، وأخاف أن يستأصل ملكى بها. فأعادوه إلى مكّة فى شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وأربعمائة. وكان الحاكم قد أرسل إلى الوزير أبى القاسم بن المغربى وكتب له أمانا واستماله، وبنى على أهله تربا فى القرافة وهى «4» ستّ ترب، وتعرف بالسبع قباب إلى هذا الوقت.
ولما ورد أمان الحاكم على أبى القاسم وهو مقيم عند بنى الجراح أجابه برسالة وضمّن أولها بيتين: