الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خمارويه بشيزر، فكبسهم فى المساكن ووضع فيهم السّيف، فقتل منهم مقتلة عظيمة، وسار من سلم منهم إلى دمشق على أقبح صورة. فسار المعتضد إليهم، ففارقوا دمشق وتوجّهوا إلى الرّملة، وأقاموا بها. ودخل أبو العبّاس المعتضد إلى دمشق فى شعبان سنة إحدى وسبعين ومائتين. وكتب عسكر مصر إلى خمارويه، فخرج من مصر بعساكره.
ذكر وقعة الطواحين
وفى سنة إحدى وسبعين ومائتين كانت وقعة الطّواحين «1» بين أبى العبّاس أحمد بن الموفّق، وهو المعتضد، وبين أبى الجيش خمارويه بن أحمد.
وكان سبب هذه الوقعة أنّ المعتضد لمّا ملك دمشق سار بعساكره إلى الرّملة لقصد عسكر خمارويه، فأتاه الخبر بوصول خمارويه إلى عسكره وكثرة من معه من الجموع، فهمّ المعتضد بالعود، فلم يمكّنه من معه من أصحاب ابن طولون الّذين صاروا معه. وكان المعتضد قد أوحش ابن كنداجق وابن أبى السّاج ونسبها إلى الجبن، حيث انتظراه حتّى وصل إليهما ولم يناجزا عسكر خمارويه الحرب، ففسدت نياتهما.
قال: ورحل خمارويه ونزل على الماء الّذى عليه الطواحين [عند الرملة]«2» وملكه، فنسبت الوقعة إليه. ووصل المعتضد وقد عبّأ أصحابه، وفعل خمارويه كذلك، وجعل كمينا عليهم سعد الأيسر، فحملت ميسرة المعتضد على ميمنة خمارويه فانهزمت. فلمّا رأى خمارويه ذلك، ولم يكن
رأى مصافّا قبله، ولّى منهزما فى طائفة من الأحداث الّذين لا علم لهم بالحرب، ولم يقف دون مصر.
ونزل المعتضد إلى خيام خمارويه وهو لا يشكّ فى تمام النّصر، فخرج سعد الأيسر بالكمين وانضاف إليه من بقى من الجيش، ونادوا بشعارهم، وحملوا على عسكر المعتضد وقد اشتغلوا بنهب السّواد، فوضع المصريّون السّيف فيهم. فظنّ المعتضد أنّ خمارويه قد عاد، فركب وانهزم لا يلوى على شىء، ووصل إلى دمشق فلم يفتح له أهلها، فمضى منهزما حتّى وصل طرسوس. واقتتل العسكران وليس لواحد منهما أمير [11] ، وطلب سعد الأيسر خمارويه فلم يجده. فأقام أخاه أبا العشائر مقامه. وتمّت الهزيمة على العراقيّين، وقتل منهم خلق كثير، وأسر خلق كثير.
وجاءت البشائر بالنّصر إلى مصر، فسرّ خمارويه بالظّفر، وخجل من الهزيمة، وأكثر الصّدقة، وفعل مع الأسرى ما لم يسبق إليه، وقال لأصحابه: هؤلاء أضيافكم، فأكرموهم. ثم أحضرهم بعد ذلك وقال:
من اختار المقام عندنا فله الإكرام والمواساة، ومن أراد الرّجوع جهّزناه وسيّرناه، فمنهم من أقام، ومنهم من عاد مكرّما. وسارت عساكر خمارويه إلى الشّام ففتحه أجمع، واستقر ملك خمارويه «1» .
وفى سنة اثنتين وسبعين ومائتين زلزلت مصر فى جمادى الآخرة زلزلة شديدة أخربت الدّور والمسجد الجامع، وأحصى بها فى يوم واحد ألف جنازة.