الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فأرسلت عمّة الفائز أخت الظّافر شعور أهل القصر طىّ الكتب إلى الأمير طلائع ابن رزّيك، وهو إذ ذاك متولّى الأعمال السّيوطية، وقيل كان متولّى منية بنى خصيب «1» ، وسألوه الانتصار لمولاه فجمع العربان والأجناد ومقطعى البلاد، وسار إلى القاهرة، فوصل إليها فى تاسع عشر شهر ربيع الأول من السّنة، وخرج النّاس للقائه.
فاستشار عبّاس أسامة بن منقد فأشار عليه باللّحاق بالشّام. فدخل إلى القصر وأخذ فى [جمع]«2» تحفه وحمل أمواله، وسار هو وأسامة بن منقذ إلى الشّام على طريق أيلة. فأرسلت عمّة الفائز إلى الفرنج بعسقلان رسلا على البريد تعلمهم الحال وتبذل لهم الأموال فى الخروج على عبّاس وأخذ ما معه. فخرجوا إليه وقاتلوه، فتخاذل عنه أصحابه، ونهبوا ما معه فأسره الفرنج وحملوه إلى عسقلان؛ ونجا أسامة إلى دمشق «3» .
وقيل إن الفرنج قتلوا عبّاسا وأسروا ابنه نصرا ففداه الصّالح بن رزّيك، وأحضره إلى القاهرة وضرب عنقه.
ذكر وزارة الصّالح أبى الغارات طلائع بن رزيك
قال المؤرخ: لمّا توجّه عبّاس نحو الشّام وافق ذلك قدوم طلائع بن رزيك، فخرج الأمراء والعساكر إليه. فمن الأمراء من شهر سلاحه
وقاتله، ومنهم من التحق به؛ ثم انجلى الأمر بعد ساعة عن دخول طلائع إلى القاهرة والعساكر بين يديه. وشقّ القاهرة وهو لابس السّواد، وأعلامه سود كذلك حزنا على الظّافر، وشعور نساء القصر التى سيّرت إليه على الرّماح «1» .
ونزل طلائع دار المأمون الّتى كان بها نصر بن عبّاس، وأحضر الخادم الذى كان مع الظّافر لمّا قتل وأعلمهم بمكانه، فأخرج وغسّل وكفّن، وحمل فى تابوت على أعناق الأمراء والأستاذين، وابن رزّيك يمشى أمام التّابوت. وأتوا به إلى القصر فصلّى عليه ابنه الفائز ودفن فى تربتهم بالقصر وجلس الفائز فى بقيّة النّهار، وخلع على ابن رزّيك بالموشّح والعقد، وعلى ولده وإخوته وحاشيته، وقرئ سجلّه «2» بالوزارة، ونعت بالملك الصّالح. وقبض على جماعة من الأمراء وقتلهم، فى ثالث عشرى شهر ربيع الأول من السنة وفى سنة خمسين وخمسمائة خرج الأمير تميم «3» ، متولّى إخميم وأسيوط، على الصّالح، وجمع جمعا صالحا «4» ، فأخرج إليه الصّالح عسكرا، فالتقوا واقتتلوا، فقتل تميم فى سابع عشر رجب.
وفى سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة انفسخت الهدنة بين الصّالح بن رزّيك والفرنج، فجهّز الصّالح الجيوش والسّرايا إلى بلاد الفرنج.
فوصلت سريّة إلى عسقلان وغنمت وعادت سالمة. وجهّز المراكب فى
البحر إلى نحو بيروت، فأوقعت بمراكب الفرنج. وجهّز سريّة إلى جهة الشّوبك «1» فعاثوا فى تلك النّواحى، وعادوا سالمين بالغنائم والأسرى.
وفى يوم الثلاثاء تاسع عشر ذى الحجّة سنة اثنتين وخمسين قبض الصّالح ابن رزّيك على الأمير ناصر الدّولة ياقوت وأولاده واعتقلهم؛ وسبب ذلك أنّه بلغه أنّه كاتب أخت الظّافر وقصد القيام على الصّالح، وكان واليا عاملا على الأعمال القوصيّة، وهو بالقاهرة. ولم يزل فى حبسه إلى أن توفى فى شهر رجب سنة ثلاث وخمسين.
وفى سنة أربع وخمسين ثار على الصّالح طرخان بن سليط بن ظريف، متولّى الإسكندريّة، وجمع جموعا من العربان وغيرها؛ وتقدّم بها لحربه؛ فندب الصّالح إليه الأمير عزّ الدّين حسام بن فضّة بعسكر، فالتقوا واقتتلوا، فهزم حسام جيوشه وظفر به؛ فاعتقله الصّالح.
فلمّا كان فى المحرّم سنة خمس وخمسين ثار أخوه إسماعيل طلبا لثأره، وتلقّب بالملك الهادى؛ فندب الصّالح [96] إليه الجيوش. فلمّا هجمت عليه هرب وأتى الجيزة، واستتر عند بعض العربان. فلمّا كان فى يوم الثلاثاء رابع شهر ربيع الآخر هرب طرخان من الاعتقال هو والموكل به، فقبض عليه فى السّادس من الشهر وصلب على باب زويلة، ورمى بالنشّاب، ثم مسك أخوه إسماعيل وصلب إلى جانبه بعد ضرب عنقه «2» .
وفى سنة أربع وخمسين بنى الصّالح حصنا من اللبن على مدينة بلبيس «3» .