الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رجب. وكان يوما مشهودا، ورفعت الأعلام الإسلامية على الأسوار «1» ، ورتّب السّلطان على أبواب البلد أمناء من الأمراء يأخذون من أهله ما استقرّ عليهم، فخانوا، ولو أدّوا الأمانة لامتلأت الخزائن.
قال: وصلّى الملك النّاصر الجمعة الثّانية فى رابع شعبان فى قبّة الصّخرة، وكان الخطيب والإمام القاضى محيى الدّين ابن الزّكى قاضى دمشق «2» .
ثم رتّب له خطيبا وإماما ونقل إليه المنبر الذى كان عمله الملك العادل نور الدّين بحلب برسم البيت المقدّس إذا فتحه. وكان بين عمله وفتح البيت المقدّس ما يزيد على عشرين سنة.
ثمّ تقدّم أمر السّلطان بعمارة المسجد الأقصى ومحو ما كان الفرنج صنعوه من الصّور على عادتهم، ونقل إليه المصاحف، وطهّره من أدناس الكفر، رحمه الله تعالى، وتقدّم بعمل الرّبط والمدارس، وجعل دار الأسبتار مدرسة للشّافعيّة» .
ذكر رحيله ومحاصرة صور
قال المؤرّخ: وأقام السّلطان الملك النّاصر بالبيت المقدّس إلى الخامس والعشرين من شعبان من السّنة، ثمّ سار لقصد محاصرة صور وقد اجتمع فيها خلق كثير من الفرنج. وقدم إليها المركيس «4» فى
البحر بأموال عظيمة؛ وكانت عادته أن يحضر إلى البيت المقدّس بأموال يفرّقها، فلمّا حضر فى هذا الوقت ووصل عكّا فرآها قد خرجت عن أيدى الفرنج سار إلى صور فملكها، وأنفق ما معه على من بها، فقوى أمره وانحاز إليه جميع من خلص بالأمان من سائر البلاد. فأنفق على سور صور وخنادقها، وعمّقها، فصارت كالجزيرة فى البحر لا يمكن الوصول إليها.
فوصل الملك النّاصر إلى عكّا فى مستهل شهر رمضان، فأصلح من شأنها، ثم رحل عنها ونازل صور فى تاسع شهر رمضان ونزل على نهر بالقرب من البلد؛ ثمّ نزل على تلّ يقارب صور فى الثّانى والعشرين من الشّهر، وقسّم القتال على العسكر لكلّ جمع منهم وقت معلوم.
واستدعى الأسطول المصرىّ، وكان بعكّا، فجاءته عشر شوان، وكان للفرنج فى البحر مراكب فيها رماة الجروخ «1» والزنبوركات «2» يرمون من دنا من البحر. فاستطال الأسطول عليها، وأحاط بهم المسلمون وقاتلوا برّا وبحرا؛ ثمّ أغفلوا أمرهم فملك الفرنج من الشوانى خمسة وأسروا مقدّمها «3» .
ثمّ كانت حروب كثيرة ووقائع.
ثمّ رحل السّلطان عنها فى آخر شوّال، وهو أول كانون «4» ، وسار إلى عكّا، وأذن للعساكر بالعود إلى أوطانهم للرّاحة فى الشتاء والعود فى الربيع، فعادت عساكر الشّرق والموصل والشّام ومصر، وبقى