الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بعضهم إلى منى لينحروا بها عقوبة لهم على قصدهم البيت الحرام.
وعاد إلى مصر ببقية الأسرى، فقتلوا «1» .
ذكر الإغارة على الغور
قال: ولمّا ملك الملك النّاصر حلب وعاد إلى دمشق ثم رحل منها فى ثامن جمادى الآخرة سنة تسع وسبعين وخمسمائة نزل على بيسان فوجد أهلها قد ارتحلوا عنها، فنهبها العسكر النّاصرى وتقوّوا بما فيها، وحرقوا ما لم يمكنهم أخذه. وسار بهم حتى أتى الجالوت، وهى قرية عامرة وعندها عين جارية، فعبّأ أصحابه عندها للقتال، ورحل إلى الفولة «2» ، ووقع القتال بينه وبين الفرنج، وكان الظّفر له. ثمّ عاد إلى دمشق، فوصل إليها فى يوم الخميس الرّابع والعشرين من جمادى الآخرة من السّنة.
وتوجّه إلى الكرك فى هذه السّنة، وعاد.
ثمّ جمع العساكر المصريّة والحلبيّة وغيرها وقصد الكرك فى سنة ثمانين وخمسمائة، وهى الدّفعة الثانية؛ فجمع الفرنج فارسهم وراجلهم للذّبّ عنها، ففارقها السّلطان، وجهّز طائفة إلى نابلس فنهبوها وعادوا إليه «3» .
ذكر غزوة الكرك والشوبك وفتح طبرية ومجدل يابا ويافا
قال العماد الأصفهانى فى البرق الشامى: وفى سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة برز الملك النّاصر من دمشق فى أول المحرّم، فى العسكر
العرمرم، ومضى بأهل الجنّة لجهاد أهل جهنم. فلمّا وصل إلى رأس الماء «1» أمر ولده الأفضل بالمقام عندها ليجتمع عنده الأمراء الواصلون من الجهات. وسار السّلطان [122] إلى بصرى، ثمّ منها إلى الكرك، ورعى الزّروع وقطع الأشجار. ثمّ سار إلى الشّوبك وفعل مثل ذلك.
ووصل إليه العسكر المصرىّ ففرّقه على قلعتى الكرك والشّوبك. وأقام إلى أن انقضى من السّنة شهران، والملك الأفضل مقيم برأس الماء، وقد اجتمعت عنده العساكر، فتقدّم إلى سريّة منهم بالغارة على أعمال طبريّة، فانتهوا إلى صفّوريّة «2» فخرج إليهم الفرنج فقاتلوهم، فكان الظّفر للمسلمين، وهلك مقدّم الأسبتار؛ وعادوا إليه فكانت مقدّمة النّصر المبين.
وانتهت البشائر إلى الملك النّاصر وهو بنواحى الكرك والشّوبك، فسار بمن معه فى يوم الجمعة سابع عشر ربيع الأوّل، وعرضهم فى اثنى عشر ألف فارس. وعزم على دخول السّاحل، فانتهى إلى ثغر الأقحوانة «3» فاجتمعت الفرنج فى زهاء خمسين ألفا، ونزلوا على مرج صفّوريّة بأرض عكّا، فلم يتقدّموا عنها. فتقدّم السّلطان إلى الأمراء أن يقيموا فى مقابلتهم، ونزل هو بمن معه من خواصّه على طبريّة وشرع فى نقب سورها، فهدموه فى ساعة من نهار، وامتنعت القلعة بمن فيها.
فلمّا اتّصل بالفرنج فتح طبريّة تقدّموا، وذلك فى يوم الخميس ثالث شهر ربيع الآخر، فترك السّلطان على طبريّة من يحفظ قلعتها، وتقدّم بالعسكر، فالتقيا على سطح جبل طبريّة الغربىّ منها. وحال
بينهما اللّيل، فباتا إلى صبيحة يوم الجمعة، فتصادما بأرض قرية اللّوبيا؛ واستمرّت الحرب بينهما إلى الليل فكانت من أعظم الحروب. ثمّ باتا إلى صبيحة يوم السّبت، فالتقيا.
فلمّا عاين القومص «1» أنّ الدائرة تكون على طائفته هرب فى أوائل الأمر قبل اشتداده، وسار نحو صور، فتبعه جماعة من المسلمين، فنجا بمفرده. ثمّ انهزمت طائفة أخرى فتبعها أبطال المسلمين، فلم ينح منها واحد. واعتصمت الطّائفة الأخرى بتل حطّين، فضايقهم المسلمون وأشعلوا حولهم النّيران، فقتلهم العطش، فأسر مقدّمهم، وقتل الباقون وأسروا، وألقى الله عليهم الخذلان.
قال القاضى أبو المحاسن ابن شداد: لقد حكى لى من أثق به أنّه لقى بحوران شخصا واحدا ومعه طنب خيمة فيه نيّف وثلاثون أسيرا «2» .
وأمّا القومص الذى هرب فإنّه وصل إلى طرابلس، وأصابه ذات الجنب، فأهلكه الله.
قال: وبات السّلطان بالمنزلة، ونزل يوم الأحد على طبريّة وتسلّم قلعتها فى بقيّة يومه، وأقام بها إلى يوم الثّلاثاء.
قال: ولمّا يسر الله هذا الفتح كتب السّلطان إلى أخيه الملك العادل سيف الدّين بمصر يبشّره به، وأمره بالمسير إلى بلاد الفرنج من جهة مصر بمن بقى عنده من العساكر، ومحاصرة ما يليه منها؛ فسارع إلى ذلك، وسار ونازل حصن مجدليابة «3» وفتحه، وغنم ما فيه، ثم سار إلى يافا وفتحها عنوة، وقتل وسبى، وأسر وغنم
…