الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر أخبار الدولة الإخشيدية وابتداء أمر من قام بها وكيف كان سبب ملكه وقيامه ومن ملك بعده إلى أن انقرضت أيامهم
كانت هذه الدّولة بمصر والشام، وهى من الدّول المشهورة. وأول من ولى من ملوكها الإخشيد أبو بكر محمد بن طغج. واسم طغج عبد الرحمن ابن جفّ بن يلتكين بن فورى «1» بن خاقان الملك، وهو من فرغانة، وكان طغج من القواد الطّولونيّة، وتولّى لخمارويه بن أحمد [بن طولون]«2» دمشق والشام. ولما مات طغج ترك من الأولاد أبا بكر محمدا الإخشيد، وأبا القاسم عليّا، وأبا المظفر الحسين، وأبا الحسن عبيد الله، وكان أبو بكر أكبرهم فتولّى الولايات وتنقل فى المراتب إلى أن ملك مصر والشام.
وكان ابتداء ولايته الدّيار المصريه والدعاء له بها فى يوم الجمعة لاثنتى عشر ليلة خلت من شهر رمضان سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة، كما قدمناه، ولم تثبت ولايته هذه. ثم دعى لأحمد بن كيغلغ، وكان ما ذكرناه، ثم ولى مصر فى سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة فى خلافة الرّاضى بالله «3»
وكانت هذه الولاية مفتعلة فى ابتدائها، وذلك أن التقليد من دار الخلافة ببغداد خرج باسم محمد بن تكين الخاصّة، وكان بن طغج بالسّاحل فقبض على الرّسول الواصل من دار الخلافة وأخذ منه التّقليد وكشط «تكين» وكتب «طغج» وأنفذ التقليد إلى مصر فورد فى يوم السبت لثلاث عشرة ليلة خلت من شعبان، فاعتزل أحمد بن كيغلغ النّظر، وامتنع محمد ابن على الماذرائى الوزير من التسليم له، وكان غالبا على أمر أحمد [بن كيغلغ]«1» ، وعزم على قتال محمد بن طغج، فبلغه ذلك، فبعث صاعد بن كلملم بمراكب كثيرة من ساحل الشام، وسار هو فى البرّ، فقدمت عساكره مصر برّا وبحرا، ووصل صاعد إلى الجيزة فى يوم الخميس لخمس بقين من شعبان، وأقام خمسة أيام، وأحرق الجسر، ووصل الإخشيد إلى مصر فلقيه محمد بن على الماذرائى الوزير وأحمد بن كيغلغ ومحمد بن عيسى النوشرى وبرزوا لقتاله. فلما تصافّوا للقتال انحاز أحمد بن كيغلغ وانضم إلى الإخشيد، وقاتل الماذرائى وابن النوشرى قتالا شديدا، ثم انهزما إلى الفيوم.
ودخل الإخشيد مصر بعد القتال فى يوم الأربعاء لسبع بقين من شهر رمضان من السنة، فندب صاعدا لقتال الماذرائى وابن النوشرى، فوقع بينهما حرب انجلت «2» عن قتل صاعد وهرب النوشرى إلى برقة، وراسل القائم «3»
صاحب إفريقية يطلب نجدة، فسير إليه عسكرا عليه أبو تازرت «1» فدخلوا الإسكندرية وملكوها، فخرج إليهم أبو المظفر الحسين بن طغج ومعه صالح ابن نافع، ووقع بينهم القتال، فانهزم النوشرى وعسكر المغاربة، وقتلوا أبو تازرت، وأسر عامر المجنون، وجماعة منهم. وأما محمد بن على الماذرائى الوزير فإنه استتر، ودام استتاره إلى أن دخل الوزير أبو الفضل جعفر بن الفرات المعروف بابن حنزابة وتلقاه الإخشيد، وزينت له مصر، فأخرجه. ثم وصل التقليد من دار الخلافة لمحمد بن طغج فى سنة أربع وعشرين وثلاثمائة.
وفى سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة نعت الخليفة الراضى بالله محمّد بن طعج بالإخشيد بسؤال منه فى ذلك. ومعنى الإخشيد ملك الملوك.
وفى سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة خرج الإخشيد إلى الشام واجتمع بالخليفة المتقى «2» بالله بالرّقة، وخدمه، ومشى بين يديه، وسأله المسير معه إلى مصر [17] وخوّفه من توزون التّركى، فلم يقبل منه. فضمّ إليه الإخشيد عسكرا وقائدا من قوّاده ورجع الإخشيد إلى الشام، ثم إلى مصر. وولّاه المتقى مصر والشام والحرمين، وعقد لولديه من بعده،
أنوجور وعلى، على أن يكفلهما «1» كافور الخصىّ. وكان عود الإخشيد إلى مصر فى يوم الأحد الثالث عشر من جمادى الأولى، وأخذ البيعة على الناس لولده أبى القاسم أنوجور لليلتين بقيتا من ذى القعدة منها.