الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[تتمة الفن الخامس في التاريخ]
[تتمة القسم الخامس من الفن الخامس في أخبار الملة الإسلامية]
[الباب الثانى عشر من القسم الخامس من الفن الخامس أخبار ملوك الديار المصرية]
«1»
[الدولة الطولونية]
«2»
[ذكر ولاية أحمد بن طولون وهو الأول من ملوك الطولونية]
[7]
فتجهز أحمد للمسير إلى الشام «3» ، وسار فى شوال سنة أربع وستّين لقصده «4» . واستحلف على مصر ابنه العبّاس، وعضّده بأحمد بن محمد الواسطى. وكتب إلى علىّ بن أماجور وإلى أصحاب أبيه الّذين أقاموه يذكر أنّ الخليفة «5» أقطعه الشام والثّغور مضافا إلى ما بيده. فأجابوه بالسّمع والطّاعة، وتلقّاه ابن أماجور بالرّملة، فأقّره عليها. وسار إلى دمشق فملكها وأقّر قوّاد أماجور على إقطاعاتهم. وسار إلى حمص فتلقّاه عيسى الكرخىّ،
وكان يتقلّدها، فشكاه أهلها فعزله عنهم [وولّاها يمن التركى]«1» . وملك حماة وحلب.
وأرسل إلى سيما الطّويل بأنطاكية يدعوه إلى طاعته ليقرّ على ولايته، فامتنع، فعاوده، فلم يطعه، فسار إليه. ودلّوه على عورة أنطاكية فنصب عليها المجانيق، وملك البلد عنوة، وقاتله سيما الطويل حتى قتل، فساء أحمد قتله لأنّه كان نصيحه قديما «2» ؛ وكان ذلك فى المحرّم سنة خمس وستين ومائتين.
ورحل عن أنطاكيّة إلى طرسوس «3» ، فدخلها فى جمع عظيم، وعزم على المقام بها وملازمة الغزو، فغلا السّعر وضاقت بعساكره، فركب أهلها إليه بالمخيّم وقالوا له: لقد ضيّقت علينا بلدنا وأغليت أسعارنا، فإما أقمت فى عدد يسير وإمّا رحلت عنا، وأغلظوا له فى القول وشغبوا عليه، فقال لأصحابه أن ينهزموا عن الطرسوسيّين ويرتحلوا عن البلد، ليظهر للعدوّ أنّ ابن طولون على كثرة عساكره لم يقو لأهل طرسوس، وأنّه انهزم عنهم، لتقع مهابتهم فى قلوب العدوّ.
وعاد إلى الشام، فأتاه خبر ولده العبّاس أنّه عصى عليه بمصر وأخذ الأموال وسار إلى برقة، فلم يكترث أحمد لذلك، وقضى أشغاله، وحفظ
أطراف بلاده. وبعث إلى حرّان «1» أحمد بن جيغويه فى جيش كثيف، ونزل غلامه لؤلؤ بالرّقّة «2» فى جيش كثيف، وكانت حرّان لمحمّد بن أتامش، فأخرجه أحمد بن جيغويه عنها، وهزمه هزيمة قبيحة، فاتصل خبره بأخيه موسى بن أتامش، وكان شجاعا بطلا، فجمع عسكرا كثيرا، وسار بهم إلى نحو حرّان. فاتّصل ذلك بابن طولون، فأهمّه وأقلقه وأزعجه، فنظر إليه رجل من الأعراب يقال له أبو الأغرّ، فقال له: أيها الأمير أراك مفكّرا منذ أتاك خبر ابن أتامش، وما هذا محلّه، فإنه طائش قلق، ولو شاء الأمير أتيته به أسيرا. فغاظه قوله «3» ، وقال: لقد شئت أن تأتينى به أسيرا [فقال الاعرابى]«4» فاضمم إلىّ عشرين أختارهم.
قال: افعل. فانتقاهم أبو الأغرّ، وسار بهم.
فلمّا قارب عسكر موسى، كمّن بعضهم، وجعل بينه وبينهم إشارة إذا سمعوها ظهروا.
ثمّ دخل العسكر فيمن بقى معه على زىّ الأعراب، وأصحاب موسى على غرّة، وقد تفرّق بعضهم فى حوائجهم، فانزعج العسكر وركبوا، فركب موسى، فانهزم أبو الأغربين يديه، فاتّبعه حتى أخرجه من العسكر، واستمرّ حتّى جاور الكمين، فنادى أبو الأغرّ بالإشارة التى بينه وبينهم، فثاروا،