الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أرسل معه أسد الدّين بالعساكر؛ وكان من أمره فى المرّة الأولى، فى سنة تسع وخمسين وخمسمائة، والمرّة الثانية، فى سنة اثنتين وستّين، والمرّة الثالثة فى سنة أربع وستّين وخمسمائة [على] ما قدّمنا ذكره فى أخبار الدّولة العبيديّة فى أيّام العاضد لدين الله.
ذكر وزارة الملك المنصور أسد الدّين شيركوه بالدّيار المصريّة ووفاته
كانت وزارته للعاضد لدين الله فى يوم السّبت لثلاث عشرة ليلة بقيت من شهر ربيع الآخر سنة أربع وستّين وخمسمائة.
وذلك أنّه لما كان من أمر شاور ومقتله ما ذكرناه آنفا استدعى العاضد لدين الله أسد الدّين شيركوه، فدخل إلى القاهرة فى السّاعة التى قتل فيها شاور، فرأى من اجتماع العوام ما هاله، فخاف على نفسه، فقال لهم: أمير المؤمنين يأمركم بنهب دار شاور. فقصدها النّاس ونهبوها، وتفرّقوا عنه. ولمّا نزل أسد الدّين بدار شاور، وهى دار الوزارة، لم يجد فيها ما يجلس عليه «1» .
قال: ولمّا تفرق الناس للنهب دخل أسد الدّين على العاضد لدين الله، فتلقّاه وخلع عليه خلع الوزارة، ولقّبه بالملك المنصور أمير الجيوش، وكتب له تقليد الوزارة، وكتب عليه العاضد بخطه عهدا:
(عهد لم يعهد لوزير بمثله، وتقليد أمر رآك أمير المؤمنين أهلا لحمله.
والحجة عليك عند الله بما أوضحه لك من مراشد سبله. فخذ كتاب أمير المؤمنين بقوّة، واسحب ذيل الفخار بأن اعتززت بخدمتك من
النّبوة «1» ؛ واتّخذ الفوز سبيلا «وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا)
«2» .
وخرج من عند العاضد وركب إلى دار الوزارة وسكنها، واستقلّ بالأمر. واستعمل على الأعمال من يثق به من كفاة أصحابه، وأقطع البلاد لعساكره. وأرسل إلى ديوان الإنشاء بالقصر يطلب من يكتب بين يديه، فأرسل إليه متولى الديوان القاضى الفاضل عبد الرّحيم البيسانى؛ وظن رؤساء ديوان المكاتبات أنّ هذا الأمر لا يتمّ، وأن «3» أسد الدّين يقتل عن قريب كما قتل غيره، فأرسلوا إليه القاضى الفاضل وقالوا لعلّه يقتل معه. فكان من أمره ما كان.
ولم تطل مدّة أسد الدّين فى الوزارة بل انقضت أيامه، وفاجأه حمامه، فتوفّى فى يوم السّبت لثمان بقين من جمادى الآخرة من السّنة.
واختلف فى سبب وفاته، فقيل إنّه مات فجأة، وقيل بعلّة الخوانيق، وقيل بل سمّ. فكانت مدّة وزارته خمسا وستّين يوما «4» ؛ وعمل عزاؤه ثلاثة أيام، وحمل إلى المدينة النبوية، على ساكنها أفضل الصّلاة