الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسكة، وكان قد قارب الموت، فتركوه وساروا عنه. فاجتاز به إنسان أرمنى كان يقطع الحطب وهو بآخر رمق فقتله، وحمل رأسه إلى الفرنج بأنطاكيّة «1»
ذكر مسير المسلمين لحرب الفرنج وما كان من أمرهم
قال «2» : ولما اتصل خبر أنطاكيّة بالأمير قوام الدّين كربوقا صاحب الموصل «3» جمع العساكر وسار لحربهم واجتمع معه الملك دقاق صاحب دمشق وصاحب حمص وصاحب سنجار «4» . فلمّا بلغ الفرنج اجتماعهم عظمت عليهم المصيبة وداخلهم الخوف؛ لما هم فيه من الوهن وقلّة الأقوات. وسار المسلمون حتى نازلوا أنطاكيّة، فأساء كربوقا السيّرة فيمن معه من المسلمين، فأغضب الأمراء وتكبّر عليهم، ظنّا منه أنّهم يقيمون معه على هذه الحال. فأغضبهم ذلك وأضمروا فى أنفسهم الغدر به إذا كان قتال، وعزموا على إسلامه عند الصّدمة «5» .
قال: وأقام الفرنج بانطاكيّة بعد أن ملكوها ثلاثة «1» عشر يوما ليس لهم ما يأكلونه؛ فتقوّت الأقوياء بدوابّهم والضّعفاء بالميتة وورق الشّجر. فلمّا انتهت حالهم إلى ذلك أرسلوا إلى كربوقا يطلبون منه الأمان ليخرجوا من البلد، فلم يعطهم، وقال: لا تخرجون منه إلّا بالسّيف.
وكان معهم من الملوك بغدوين وصنجيل وكندفرى والقمص صاحب الرّها وبيمند صاحب أنطاكيّة «2» وهو مقدّم العسكر. وكان معهم راهب مطاع فيهم «3» فقال لهم: إن المسيح عليه السلام كان له حربة مدفونة بالقسيان «4» الّذى بأنطاكيّة، وهو بناء عظيم، فإن وجدتموها فإنّكم تظفرون، وإن لم تجدوها فالهلاك متحقّق.
وكان هو قد دفنها قبل ذلك وعفّى أثرها. وأمرهم بالصّوم ثلاثة أيّام والتّوبة؛ ففعلوا ذلك. فلمّا كان فى اليوم الرّابع أدخلهم جميعهم وجميع عامّتهم والصّنّاع، وحفروا عليها فى ذلك المكان فوجدوها كما ذكر، فقال لهم: أبشروا بالظّفر. فخرجوا فى اليوم الخامس من الباب من خمسة وستّة ونحو ذلك؛ فقال المسلمون لكربوقا: ينبغى أن نقف على الباب فقتل كلّ من يخرج فإنّ أمرهم الآن سهل. فقال: أمهلوهم حتى يتكاملوا؛ ولم