الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
«إن شريعتنا متقدّمة، والدّولة كانت لنا ثم صارت إليكم، فجرتم علينا بالجزية والذّلّة، فمتى كان منكم إلينا إحسان حتى تطالبونا بمثله!. إن ما نعناكم قاتلتمونا، وإن سالمناكم أهنتمونا، فإذا وجدنا لكم فرصة فماذا تتوقّعون أن نصنع بكم» . ثم تمثل فى آخرها ببيتين:
بنت كرم غصبوها أمّها
…
ثم داسوها، هوانا، بالقدم
ثم عادوا حكّموها فيهم
…
وأناهيك بخصم قد حكم!
ذكر مخالفة منجوتكين بدمشق وحربه وأسره وسبب ذلك
كان سبب ذلك أن ابن عمار أظهر الكتاميين وبالغ فى الإحسان إليهم، وخوّلهم فى الأموال وبسط أيديهم، وفرّق فيهم ما خلّفه العزيز.
قال بعض المؤرخين: إن العزيز كان عنده عشرون ألف عليقة ما بين فرس وبغل، وجمل وحمار، ومن الأموال ما لا يدخل تحت الإحصاء؛ ففرّق ابن عمار ذلك فيمن أراد اصطناعه. فلما كان فى سنة سبع وثمانين ومائتين انبسطت يد كتامة وجاروا على النّاس بديار مصر، وامتدّوا لأخذ أموالهم، ثم اجتمع مشايخهم وحسّنوا للحسن بن عمار قتل الحاكم. فعلم برجوان بذلك، فبالغ فى حفظ الحاكم وضم إليه شكر العضدى من غلمان عضد الدّولة بن بويه. وكاتبا منجوتكين أمير دمشق يعرّفانه ما عزم عليه ابن عمّار، وأنه بسط يد كتامة فى الأموال ومكنهم من الجور وأنهم حصروا الحاكم بقصره، وأشارا عليه أن يقصد مصر ليكون عوضا عن الحسن بن عمّار.
فلما قرأ منجوتكين الكتاب جمع القوّاد والأجناد وغيرهم بجامع دمشق، وعرّفهم ما جرى من كتامة، وبكى، وخرّق ثيابه؛ فأطاعه النّاس وحلفوا له على طاعة الحاكم وقتال ابن عمار. فأنفق فيهم الأموال ووثّق منهم؛ وبرز من دمشق فى ستة آلاف فارس.
فلما اتّصل ذلك بابن عمار عظم عليه وجمع وجوه كتامة وعرّفهم الحال، فقالوا:[51] نعرّف الناس أن منجوتكين قد عصى على الحاكم وخالف عليه، وخرج عنه، ليبالغوا فى قتاله؛ ففعل ذلك وأظهره، وفرّق الأموال فى وجوه الدّولة. ثم أحضر برجوان وشكر العضدى وقال لهما: أنا شيخ كبير وقد كثر الكلام علىّ والقول فىّ، وليس لى غرض إلّا فى حفظ الإمام الحاكم. وسألهما أن يحلفا له على المساعدة فما وسعهما إلا أن حلفا «1» له.
وندب من وقته أبا تميم سليمان بن جعفر بن فلاح وقدّمه على العسكر، وأمره بالمسير إلى الشام، فخرج فى ستة عشر ألف فارس وراجل. فسار سليمان فى ثانى صفر، ورحل منجوتكين إلى الرّملة فملكها ومعه مفرّج بن دغفل بن جراح؛ وسار سليمان حتى نزل بظاهر عسقلان.
وتقابل الجيشان بعد ثلاثة أيّام؛ وكان المصافّ فى يوم الجمعة لأربع بقين من جمادى الأولى سنة سبع وثمانين وثلاثمائة، فاستأمنت العرب من أصحاب دغفل وغيرهم إلى سليمان، فاستظهر، وقتل من أصحاب منجوتكين أربعة قوّاد. وانهزم منجوتكين وأحصيت القتلى من أصحابه فجاءت ألفى فارس، وامتلأت أيدى أصحاب سليمان. وبذل سليمان لمن