الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خدمة الموفّق إلى سنة ثلاث وسبعين، فقبض الموفّق عليه، وأخذ منه أربعمائة ألف دينار، وكان لؤلؤ يقول: ليس لى ذنب إلّا كثرة مالى.
ولم تزل أمور لؤلؤ فى إدبار إلى أن افتقر، ولم يبق له شىء، فعاد إلى مصر فى آخر أيام هارون بن خمارويه «1» بغلام واحد. وهكذا تكون ثمرة الغدر وكفر الإحسان.
ذكر وفاة أحمد بن طولون وشىء من أخباره وسيرته
كانت وفاته فى نصف اللّيل من ليلة الأحد لعشر ليال خلون من ذى القعدة سنة سبعين ومائتين.
قيل: وكان سبب وفاته أن نائبه بطرسوس «2» وثب عليه يازمان «3» الخادم وقبض عليه، وأظهر الخلاف على أحمد. فجمع أحمد العساكر، وسار إليه. فلمّا وصل إلى أذنة «4» كاتبه وراسله واستماله، فلم يلتفت
يازمان الخادم إلى رسالته. فسار أحمد إليه وحصره، فخرق يازمان نهر البلد «1» على منزلة العسكر، فكاد النّاس يهلكون. فرحل أحمد حنقا، وكان الزمان شتاء، وكتب إلى يازمان: إننى لم أرحل إلّا خوفا أن تنخرق حرمة هذا الثّغر، ويطمع العدو فيه. وعاد إلى أنطاكيّة، فأكل من لبن الجواميس وأكثر منه، فأصابته هيضة واتّصلت به حتى صار منها ذرب «2» . وكان الأطبّاء يعالجونه، وهو يأكل سرّا غير ما يصفونه، فلم ينجع الدّواء فيه.
فمات رحمه الله.
هكذا ذكر ابن الأثير الجزرى فى تاريخه الكامل فى سبب وفاته «3» .
وأما صاحب الدّول المنقطعة «4» فإنه قال: إنّه رجع إلى مصر واعتلّ بزلق للمعدة. واشتدّت به العلّة وطالت، فعهد إلى ابنه أبى الجيش خمارويه، وأطلق ابنه العباس من قيده، وذلك فى القعدة سنة سبعين ومائتين، وخلع عليه وقلّده جميع الأعمال الخارجة عن أعمال مصر من الشّامات والثّغور، وأوصاه بتقوى الله وطاعة أخيه. ثمّ توفّى رحمه الله وسنّه يومئذ خمسون سنة وشهر وثمانية وعشرون يوما، ومدّة إمرته على مصر ستّ عشرة سنة وشهر واحد وسبعة وعشرون يوما. «5»
وأمّا سيرته، فإنّه، رحمه الله، كان عادلا شجاعا، كريما متواضعا، حسن السّيرة، يباشر الأمور بنفسه ويتفقّد رعاياه، ويحبّ أهل العلم، ويدنى مجالسهم. وكان كثير الصّدقات. وهو الذى بنى قلعة يافا، وكانت المدينة بغير قلعة.
اولاده ثلاثة وثلاثون «1» . منهم «2» : أبو الفضل العبّاس، أبو الجيش خمارويه، أبو العشائر مضر. أبو الكرم ربيعة، أبو المقانب شيبان، أبو ناهض عياض، أبو معدّ عدنان، أبو الكراديس خزرج. أبو حبشون عدىّ، أبو شجاع كندة، أبو منصور أغلب، أبو بهجة ميسرة، أبو البقاء هدى، أبو المفوض غسّان، أبو الفرج مبارك، أبو عبد الله محمد، أبو الفتح مظفر.
والبنات ستّ عشرة، وهنّ: فاطمة، ولميس، وتعلب «3» ، وصفية، وغالية «4» ، وخديجة، وميمونة، ومريم، وعائشة، وأم القرى «5» ، ومؤمنة، وعزيزة، وزينب، وسمانة، وسارة، وغريرة.
وخلّف من الأموال والعين والورق كثيرا، ومن الغلمان أربعة وعشرين ألف غلام، ومن الموالى سبعة آلاف رجل، ومن الخيل سبعة آلاف وثلاثمائة وخمسين رأسا، منها: لركابه ثلاثمائة وخمسون، ومن الجمال ثلاثة آلاف