الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأدركه بنيق، وهى أعلى الغور، فأكرمه الملك العزيز، وبالغ فى احترامه وساله الأفضل أن يرجع إلى دمشق ليزور قبر أبيه، فأجاب إلى ذلك؛ ثم أشار عليه أصحابه ألّا يفعل، فامتنع. وعاد الأفضل، وسار العزيز إلى الدّيار المصريّة فدخلها فى أواخر شعبان.
وفى مستهلّ جماد سنة تسعين وخمسمائة هبّت رياح عاصفة بالقاهرة من وقت العصر، وسقط فى ثالث الشهر برد كثير أكبره قدر البيض وأصغره قدر النّبق، وصار على جبل المقطم منه شىء كثير كالجبل الثّانى:
ونقل النّاس منه مدّة أربعة أيام؛ ثم سال حتّى ملأ الخندق، ودخل الماء من المرامى الّتى فى السّور إلى القاهرة، وعلا، حتّى خيف على البلد.
ذكر خروج الملك العزيز لقصد الشّام ثانيا ورجوعه وقصد العادل والأفضل الدّيار المصريّة وما تقرر من القواعد
كان سبب ذلك أن الملك الأفضل قلّد وزارة دمشق لضياء الدّين ابن] «1» الأثير الجزرى وحكّمه فى البلاد، فقصد الأمراء بالأذى والاطّراح، وتشاغل الأفضل عنهم. ففارق خدمة الأفضل [فارس الدين]«2» ميمون القصرى [وشمس الدين]«3» وسنقر الكبير وعز الدّين سامة، وغيرهم. وحضر بعض هؤلاء إلى الدّيار المصريّة وانضموا إلى الملك العزيز، وقالوا له: إنّ الأفضل مسلوب الاختيار؛ وحرّضوه على قصد دمشق؛ فخرج إليها فى سنة إحدى وتسعين وخمسمائة.
فلمّا اتّصل خبر خروجه بالأفضل ركب من دمشق فى رابع جمادى الأولى وتوجّه إلى عمّه الملك العادل، وهو بقلعة جعبر، واستنجد به، وسار إلى أخيه الملك الظّاهر بحلب واستنجد به أيضا، فركب الملك العادل وجدّ فى السّير إلى دمشق خوفا أن يسبقه العزيز إليها. وكاتب الملك العادل الأمراء الذين صحبة العزيز، وكان العزيز قد نزل بمنزلة الفوّار على مرحلتين من دمشق، واستمالهم وحذّرهم من العزيز، فمالوا إليه، واستمالوا أبا الهيجاء السّمين، وفارقوا العزيز وقصدوا دمشق؛ وذلك فى يوم الاثنين رابع شوال من السّنة.
فلمّا وصلوا إلى دمشق اتّفق العادل والأفضل، وتحالفا على قصد العزيز وانتزاع الدّيار المصريّة منه، على أن يكون ثلث الدّيار المصرية للملك العادل إقطاعا والثّلثان للملك الأفضل. وساروا فى طلب العزيز، فرجع إلى الدّيار المصريّة وجدّ فى السّير ودخل القاهرة «1» .
قال: ولمّا وصل العادل والأفضل إلى القدس سلّماه وأعماله وما يجاوره من أعمال السّاحل لأبى الهيجاء السّمين، فرتّب فيه نوّابه، وسار معهما إلى الدّيار المصريّة. فنزل الملك العادل على بلبيس، وكان السعر ماشيا «2» فاستظهر العزيز عليهم.
[140]
قال: ولم يكن غرض العادل قصد مصر وإنما خشى على الملك العزيز من الأمراء أن يقتلوه ويستولوا على الدّيار المصريّة، فقصدها لهذا السبب.
ولمّا ضاقت الميرة على العسكر الشّامى وقلّت أزوادهم ندموا على وصولهم إلى الدّيار المصريّة؛ فأرسل الملك العادل إلى القاضى الفاضل