الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأرسل علم الملك بن النحاس إلى الملك العادل نور الدّين محمود بن زنكى، صاحب الشّام، يقبض على شاور. فأظهر نور الدّين الإجابة لذلك، وباطنه بخلاف ظاهره «1» .
قال: ولمّا ولى الضّرغام الوزارة خرج عليه الأمير على بن الخوّاص، فظفر به الضّرغام، فأشهره بالقاهرة، وصلبه. وأحضر جماعة من الأمراء إلى داره لدعوة عملها، فلما حضروا إليه قبض عليهم وقتلهم «2» .
ذكر قدوم شاور من الشّام وعوده إلى الوزارة ثانيا وقتل الضّرغام
كان قدومه فى جمادى الآخرة سنة تسع وخمسين وخمسمائة.
وذلك أنّه لمّا توجه إلى دمشق اجتمع بالملك العادل نور الدّين محمود بن زنكى، وحسّن له أن يجهّز معه جيشا يفتح به مصر؛ ووصفها له ورغّبه فيها، والتزم أنّه يحمل خزائنها «3» إليه يستعين بها على قتال الفرنج. فمال إليه، وجهّز معه أسد الدّين شيركوه بعساكر. فلمّا قاربوا مصر ندب إليهم الضّرغام عسكرا وقدّم عليه أخاه ناصر المسلمين، فلقيهم على بلبيس، فانهزم العسكر المصرىّ وعاد إلى القاهرة.
وسار شاور والعساكر الشّاميّة، فنزل بظاهر القاهرة فى آخر الشّهر، واجتمع معه خلق كثير من العربان. فعلم الضّرغام أنّه لا قبل له بما دهمه؛ فركب إلى القصر، وطاف به، وجعل ينادى العاضد، وهو يخاف أن ينزل إليه. فأرسل إليه العاضد يقول: أنج بنفسك. فخرج من القاهرة يريد مصر، ودخل شاور وشيركوه إلى القاهرة، وندب جماعة فى إثر الضرغام فأدركوه عند مشهد السّيدة نفيسة، فقتلوه هناك فى يوم الجمعة، لليلتين بقيتا من جمادى الآخرة. وطيف برأسه القاهرة [100] على رمح، وبقيت جثّته ملقاة بين الآكام ثلاثة أيّام حتى أكلتها الكلاب.
ودفن ما بقى منه عند بركة الفيل، وعمل عليه قبّة، فكانت مدّة ملك الضرغام تسعة أشهر «1» .
وكان فارسا بطلا، كريما، عاقلا، أديبا، يحبّ العلماء ويقرّبهم؛ وله مجلس يجتمع فيه أهل العلم والأدب دون غيرهم. وكان حسن الخطّ. يقال إنّه كان يحاكى ابن البوّاب «2» فى خطّه.
قال: ودخل شاور إلى العاضد لدين الله فى مستهلّ شهر رجب، فعاتبه على ما كان منه فى إحضار العسكر الشّامىّ، وحذّره عاقبة ذلك؛ فوعده أنّه يصرفهم إلى بلادهم، فقبل ذلك منه، وخلع عليه خلع الوزارة.