الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: ولمّا عمر الفرنج بيت الأحزان قال النشو أحمد الدّمشقى:
هلاك الفرنج أتى عاجلا
…
وقد آن تكسير صلبانها
ولو لم يكن قد دنا حتفها
…
لما عمرت بيت أحزانها «1»
ذكر مسير الملك الناصر إلى بلاد الأرمن
[121]
وفى سنة ستّ وسبعين وخمسمائة، توجّه الملك النّاصر إلى بلاد الأرمن. وذلك أن ابن لاوون «2» ملك الأرمن كان قد استمال قوما من التّركمان، فلمّا أتوه وهم آمنون أسرهم. فدخل الملك النّاصر إلى بلاده واستولى على قلعة تعرف بالمانقير «3» ، وهدمها إلى الأساس، وأخذ ما فيها من الآلات. ووجد المسلمون فى أرضها صهريجا مملوءا من الآلات الذّهب والفضّة والنّحاس. فبذل ابن لاوون جملة من المال، وأنّه يطلق الأسرى، ويشترى خمسمائة أسير من بلاد الفرنج ويطلقهم. فأجابه السّلطان إلى ذلك، وأخذ رهينة عليه. ثمّ عاد إلى الدّيار المصريّة، وأقام بها إلى سنة ثمان وسبعين وخمسمائة «4» .
ذكر مسيره إلى الشام والإغارة على طبرية وبيسان وما كان من الظفر بمراكب الفرنج ببحر عيذاب
وفى سنة ثمان وسبعين وخمسمائة توجّه السّلطان الملك النّاصر لقصد الشام عند وفاة الملك الصّالح بن الملك العادل نور الدّين. فأغار
على طبريّة وبيسان فى العشر الأوسط من شهر ربيع الأوّل، فانتصر بعد قتال.
وفيها كان الظفر بالفرنج ببحر عيذاب «1» . وذلك أنّ البرنس صاحب الكرك «2» عمل أسطولا بالكرك، ونقل قطعه إلى بحر أيلة، وجمعها وألقاها فى البحر، وشحنها بالمقاتلة، فساروا فى البحر وافترقوا فرقتين: فرقة حصلت أيلة، وفرقة توجّهت إلى عيذاب. وأفسدوا السّواحل، ونهبوا، وأخذوا ما وجدوه من المراكب الإسلامية ومن فيها من التّجار. وجاءوا على حين غفلة، فرأى النّاس ما لم يعهدوه، فإنّ هذا البحر لم ير النّاس فيه فرنجيّا قطّ، لا تاجرا ولا مقاتلا قبل هذا الوقت.
وكان الملك العادل ينوب عن أخيه الملك النّاصر بالدّيار المصريّة، فعمر أسطولا وجهّز فيه جماعة من المسلمين، ومقدّمهم حسام الدّين لؤلؤ الخاص، فسار فى طلبهم. وابتدأ بالمركب التى على أيلة، فظفر بها، وقتل بعض من فيها وأسر بعضهم. وتوجّه لوقته بعد ظفره بهم إلى الذين توجّهوا إلى عيذاب، وكانوا قد عزموا على الدّخول إلى الحجاز وأخذ الحاج، والدّخول بعد ذلك إلى اليمن، فوصل لؤلؤ إلى عيذاب فوجدهم قد نهبوا ما وجدوه بها وتوجّهوا، فسار فى أثرهم، فبلغ رابغ والحوراء فأدركهم بها، وأوقع بهم. فلمّا تحقّقوا العطب خرجوا إلى البرّ واعتصموا ببعض تلك الشّعاب، فنزل من مراكبه وقاتلهم فى البرّ أشدّ قتال، وأخذ خيلا من الأعراب الذين هناك فركبها، وقاتلهم، فظفر بهم وقتل أكثرهم؛ وأسر من بقى، وأرسل