الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ناصر الدّولة من البحيرة، وعساكر كثيرة، وحاصر مصر فى ذى القعدة من السّنة، ودخل أصحابه فنهبوا شطرا منها، وأحرقوا دور السّاحل؛ ثم عادوا إلى البحيرة. والله أعلم «1» .
ذكر الحرب بين ناصر الدّولة وتاج الملوك شادى وما كان من أمر ناصر الدّولة إلى أن قتل
وفى سنة أربع وستّين وأربعمائة جمع ناصر الدّولة جموعه من العربان وجاء إلى الجيزة، واستدعى إليه تاج الملوك شادى وبعض المقدّمين، فخرجوا للقائه، فقبض عليهم ونهب مصر [69] وأحرقها.
وكان سبب ذلك أنّ شادى كان قد قطع عن ناصر الدّولة ما كان قد تقرّر حمله إليه من المال، ولم يوصّل إليه إلّا اليسير منه. فلمّا قبض عليهم سيّر المستنصر إليه عسكرا كثيفا، فهزموه، فهرب إلى البحيرة وجمع جموعه من العربان وغيرهم، وقطع خطبة المستنصر وأبطل ذكره. ثم قدم ناصر الدّولة فى شعبان من السنة ودخل إلى مصر وحكم بها، وأرسل إلى المستنصر يطلب منه المال؛ فرآه الرّسول وهو جالس على حصير وحوله ثلاث خدم، ولم ير شيئا آخر من آثار المملكة. فلمّا ذكر الرّسول رسالته للمستنصر قال: ما يكفى ناصر الدّولة أن أجلس فى مثل هذا البيت على هذه الحال! فبكى الرّسول، وعاد إلى ناصر الدّولة وذكر له الحال؛ فأطلق ناصر الدّولة للمستنصر بالله فى كلّ شهر مائة دينار، وحكم فى القاهرة، وبالغ فى إهانة المستنصر، وقبض
على والدته وعاقبها، وأخذ منها الأموال. وتفرّق عن المستنصر جميع أقاربه وأولاده، ومضوا إلى بلاد المغرب والعراق «1» .
وعمل ناصر الدّولة على إقامة الدّولة العبّاسية. فنهض إلدكز أحد الأمراء، ويلدكوز، واجتمعا بمن بقى من الأتراك، واتّفقوا كلّهم على قتل ناصر الدّولة، وكان قد أمن وترك الاحتراس لقوّته وسطوته، وظنّ أنّ الدّنيا صفت له. فتواعد الأتراك وركبوا إلى داره، فى شهر رجب سنة خمس وستين وأربعمائة، وهو إذ ذاك بمصر بمنازل العزّ «2» ، فدخلوا عليه من غير استئذان إلى أن بلغوا صحن الدّار، فخرج إليهم فى رداء، فقتلوه وأخذوا رأسه. وكان الّذى تولى قتله إلدكز، وقتل أخوه فخر العرب وأخوهما تاج المعالى وجماعة من أهل بيته. وانقطع ذكر آل حمدان، ولم يبق بمصر لهم ذكر «3» .
وناصر الدّولة هذا هو الحسن بن الحسين بن ناصر الدّولة الحسن بن عبد الله بن أبى الهيجاء حمدان بن حمدون.
نرجع إلى حوادث الدّولة المستنصريّة.
وفى سنة خمس وخمسين وأربعمائة ندب أمير الجيوش بدر الجمالى لولاية دمشق على حربها «4» ، وفوّض إليه فى سنة ثمان وخمسين وأربعمائة ولاية