الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فسأل عنه؛ فقيل هو ابن فلان؛ فاستخدمه مع الفرّاشين. ثم تقدّم عنده وكبرت منزلته وعلت درجته، إلى أن انتهى إلى ما ذكرنا «1» . قال محمد بن على بن يوسف بن جلب راغب»
فى تاريخ مصر: إن ابن الأثير وهم فى وفاة والد المأمون، وأن والده مات فى سنة ثنتى عشرة وخمسمائة، والمأمون إذ ذاك مدبّر دولة الأفضل «3» . وأكثر النّاس يذكرون ما ذكره ابن الأثير.
وقال صاحب كتاب البستان فى حوادث الزّمان: إن المأمون كان يرشّ بين القصرين، وجدّه من غلمان المستنصر بالله. والله أعلم «4» .
ذكر أخبار أبى نجاح بن فنا النصرانى الراهب وقتله
كان هذا الرّاهب من أهل أشموم طنّاح «5» . وكان قد خدم ولىّ الدّولة يحنّا بن أبى الليث، ثم اتّصل بالخليفة الآمر بعد القبض على المأمون. وبذل فى مصادرة قوم من النّصارى مائة ألف دينار، فأطلق يده فيهم. وتسلسل الأمر إلى أن عمّ البلاء منه جميع رؤساء الدّيار المصريّة وقضاتها وكتّابها وغيرهم. ولم يبق أحد إلا ناله منه مكروه من الضّرب والنهب وأخذ المال. وارتفع شأنه عند الآمر حتى كان يعمل له «6» ملابس
مخصوصة به بدمياط وتنّيس من الصّوف الأبيض المنسوج بالذّهب، فكان يلبسها ويلبس من فوقها الغفافير الدّيباج «1» . وكان يتطيب فى كلّ يوم بعدة مثاقيل من المسك. وكان يركب الحمير بالسّروج المحلّاة بالذهب والفضة، ويجلس فى قاعة الخطابة بالجامع العتيق بمصر ويستدعى النّاس للمصادرة. فاستدعى فى بعض الأيام رجلا يعرف بابن الفرس، وكان من أكابر العدول ذوى الهيئات والدّيانة، والناس يعظمونه ويبجّلونه- وأوقع به الإهانة والإخراق؛ فخرج من عنده ووقف فى الجامع يوم الجمعة وقال: يا أهل مصر، انظر واعدل مولانا الآمر فى تمكينه هذا النّصرانى من المسلمين! فارتجّ الناس لكلامه وكادت تكون فتنة؛ فدخل جماعة على الآمر وخوّفوه العاقبة، وعرّفوه ما حلّ بالمسلمين منه [87] فاستدعاه، وكان فى المجلس رجل من الأشراف «2» ، فأنشد الآمر أبياتا منها:
إن الّذى شرّفت من أجله
…
يزعم هذا أنّه كاذب
فقال له الآمر: ما تقول يا راهب؟ فمسكت. فأمر به فقتل. وكان الّذى تولّى قتله الأمير مقداد والى «3» مصر، وصلبه على الجسر. ثم أنزل وربط على خشبة ورمى فى بحر النيل وخرجت الكتب إلى الأعمال البحريّة أنّه إذا ألقاه الماء إلى جهة أخرجوه عنها حتّى ينتهى إلى البحر المالح.