الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلا مريض أو عاجز. ثم أذن السّلطان للنّاس فى الرّجوع إلى أوطانهم، فسار عسكر إربل والموصل وسنجار؛ وقوى عزمه على الحج.
ثم عاد السّلطان إلى القدس ورتّب أحواله وعيّن الكنيسة التى فى شارع قمامة للبيمارستان ونقل إليه العقاقير والأدوية؛ وأدار سور القدس. وأقام بالقدس إلى يوم الأربعاء رابع شوال، وخرج فى يوم الخميس خامس الشهر قاصدا دمشق. فلمّا انتهى إلى طبريّة وصل إليه بهاء الدين قراقوش الأسدى وقد خلص من الأسر، فاستصحبه معه وكشف القلاع والحصون، ودخل إلى دمشق فى يوم الاثنين السادس عشر من شوّال سنة ثمان وثمانين وخمسمائة: وجلس النّاس يوم الخميس؛ وأنشده الشّعراء؛ وكان مجلسا عامّا، وعمّ النّاس فيه بعدله. ولم يزل كذلك إلى أن مات، رحمه الله تعالى.
ذكر وفاة الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب
كانت وفاته رحمه الله تعالى بعد صلاة الصّبح يوم الأربعاء لثلاث بقين من صفر سنة تسع وثمانين وخمسمائة.
وكان مولده بقلعة تكريت فى شهور سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة؛ فكان عمره سبعا وخمسين سنة تقريبا. ومدّة ملكه منذ ولى وزارة العاضد لدين الله ولقّب بالملك النّاصر لثمان بقين من جمادى الآخرة سنة أربع وستين وخمسمائة وإلى هذا التّاريخ أربعا وعشرين سنة وثمانية أشهر وخمسة أيام؛ ومنذ خلع العاضد فى السابع المحرّم سنة سبع وستّين وخمسمائة اثنتين وعشرين سنة وشهرا واحدا وعشرين يوما.
وكان ابتداء مرضه يوم السّبت سادس عشر صفر؛ ونال المسلمون لوفاته من الألم ما لا يعبّر عنه. ولمّا مات دفن بقلعة دمشق فى منزله؛ وما زال ابنه الأفضل يتروّى فى موضع ينقله إليه، فشرع فى بناء تربته عند مسجد القدم «1» وبنى عندها مدرسة للشّافعيّة. وأمر ببناء التّربة فى سنة تسعين وخمسمائة؛ فاتّفق وصول ابنه العزيز تلك السّنة من الدّيار المصريّة للحصار، فخرب ما كان قد ارتفع من البناء. ثمّ أمر بعمارة القبّة فى حدّ جامع دمشق، فعمّرت ونقل إليها يوم عاشوراء سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة؛ ومشى الأفضل أمام تابوته وأخرج من باب القلعة على دار الحديث إلى باب البريد، «2» وأدخل منه إلى الجامع، وصلّى عليه قدّام باب السر، صلّى عليه القاضى محيى الدّين محمّد بن على بإذن الأفضل. ثم حمل إلى لحده، وألحده الأفضل وجلس فى الجامع ثلاثة أيام.
وكان الملك النّاصر رحمه الله كريما جوادا شجاعا، حسن الأخلاق، مضت أكثر أيّامه فى الجهاد فى سبيل الله تعالى.
قال ابن شدّاد: لمّا مات السّلطان لم يخلّف فى خزائنه من الذّهب والفضّة إلا سبعة وأربعين درهما ناصريّة وجراما «3» واحدا ذهبا صوريّا، ولم يخلّف ملكا فى سائر أنواع الأملاك. وحسب ما وهبه من الخيل فى مدّة مقامه على عكّا فكان تقديره اثنى عشر ألف رأس؛ ولم يكن له فرس يركبه إلا وهو موهوب أو موعود به، وصاحبه يلازمه فى طلبه؛ وما حضر
اللقاء إلا استعار فرسا فركبه. وكان لا يلبس إلا ما يحلّ كالكتان والقطن والصّوف. وكان له ركعات يصلّيها من الليل «1» .
وخلف رحمه الله من الأولاد، على ما نقله العماد الأصفهانى وغيره سبعة عشر ولدا: الملك الأفضل نور الدّين أبو الحسن [على]«2» ، وهو أكبرهم؛ والملك العزيز عماد الدين أبو الفتح عثمان؛ والملك الظاهر غياث الدّين، وقيل شهاب الدّين، أبو منصور غازى؛ والملك الظّافر مظفّر الدّين أبو العباس خضر؛ والملك المعز فتح الدّين أبو يعقوب يوسف «3» ؛ والملك الأعز شرف الدّين أبو يوسف «4» يعقوب [137] والملك المؤيّد نجم الدين أبو الفتح مسعود؛ والملك الزّاهر مجير الدين أبو سليمان داود «5» ؛ والملك المفضل قطب الدّين أبو محمد موسى «6» ؛ والملك الأشرف عزّ الدّين محمد «7» ؛ والملك المحسن شهاب الدّين «8» أبو العباس أحمد؛ والملك الجواد ركن الدّين أبو سعيد أيوب؛ والملك المظفّر «9» فخر الدّين أبو منصور تورانشاه؛ والملك العادل نور الدّين أبو المظفّر