الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وتسلّم أيضا ما قارب هذا الحصن من الحصون وهو الشوبك، وهرمز، والوعيرة، والسلع فأمنت القلوب من تلك الجهة «1» .
ذكر فتح قلعة صفد
قال: ولمّا وصل السّلطان إلى دمشق أشير عليه أن يفرّق العساكر، فقال: إنّ العمر قصير والأجل غير مأمون، وقد بقى بيد الفرنج هذه الحصون: صفد والكوكب، ولا بدّ من الفراغ من ذلك فإنّهما فى وسط بلاد الإسلام. وأقام بدمشق إلى منتصف شهر رمضان من السّنة، وسار إلى قلعة صفد، فحصرها ونصب عليها المجانيق، وداوم الرّمى ليلا ونهارا، فسألوا الأمان، فأمّنهم وتسلّمها، وخرج أهلها إلى صور «2» .
ذكر فتح كوكب
قد قدّمنا «3» أنّ السلطان كان قد جعل على كوكب الأمير قايماز النّجمى «4» . فلمّا حصر السّلطان صفد أرسل من بصور من الفرنج نجدة من جهاتهم إلى كوكب، وهم مائتا رجل من الشّجعان، فظفر بهم قايماز فقتلهم عن آخرهم، وأرسل إلى السلطان المقدّمين عليهم، وهما رجلان من فرسان الأسبتار، فأمر بقتلهما، فقال أحدهما ما أظن أنّنا ينالنا سوء بعد أن رأينا وجهك الصّبيح. فعفا عنهما واعتقلهما.
ولما ملك صفد سار عنها إلى كوكب وشدّد الحصار ووالى الزّحف، وأشرف على أخذها، فسأل الفرنج الأمان فأمّنهم وأطلقهم، وتسلّم
الحصن فى منتصف ذى القعدة سنة أربع وثمانين وخمسمائة.
فالتحق من كان به بصور فقويت شوكتهم وكثروا، لأنه اجتمع عندهم شجعان الفرنج وكماتهم. وتابعوا الرّسل إلى ملوك الفرنج بالأندلس وصقليّة والجزائر يستغيثون بهم ويسألون الأمداد، فكان من أمرهم ما نذكره إن شاء الله تعالى.
قال: ثمّ سار السّلطان إلى البيت المقدّس فعيّد فيه عيد الأضحى.
ثمّ سار منه إلى عكّا وأقام بها إلى أن انسلخت السنة «1» .
وفى سنة أربع وثمانين وخمسمائة ثار بالقاهرة اثنا عشر رجلا من الشّيعة، ونادوا بشعار العلويّين، وصاحوا: يا لعلىّ «2» وسلكوا الدّروب ينادون، ظنّا منهم أن أهل البلد يلبّون دعوتهم ويخرجون معهم، فيعيدون الدولة العبيديّة ويملكون البلد ويخرجون من بالقصر من العلويين؛ فلم يجبهم أحد من الناس.
فلمّا خاب سعيهم تفرّقوا فأخذوا. وكتب بذلك إلى السّلطان فأهمّه وأزعجه.
فقال له القاضى الفاضل عبد الرّحيم: ينبغى أن يفرح السّلطان بذلك ولا يحزن، حيث علم من بواطن رعيّته المحبّة له والنّصيحة، وترك الميل إلى عدوّه. ولو وضع السّلطان جماعة يفعلون مثل هذه الحالة ليعلم بواطن أصحابه ورعيّته وخسر الأموال «3» الجلية لكان قليلا فسرّى عنه.