الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ:
وَلَا زَكَاةَ فِى الْحَلْى الْمُبَاحِ الْمُعَدِّ لِلاِسْتِعْمَالِ، فِى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ.
ــ
فصل: قال: (ولا زكاةَ في الحَلْى المُباحِ المُعَدِّ للاستِعْمالِ، في ظاهِرِ المَذْهَبِ) رُوِىَ ذلك عن ابنِ عُمَرَ، وجابِرٍ، وأنَسٍ، وعائشةَ، وأسماءَ أخْتِها، رَضِىَ اللَّه عنهم. وبه قال القاسمُ، والشَّعْبِىُّ، وقَتادَةُ، ومحمدُ بنُ علىٍّ، ومالكٌ، والشافعىُّ في أحَدِ قَوْلَيْه، وأبو عُبَيْدٍ، وإسحاقُ، وأبو ثَوْرٍ. وذَكَر ابنُ أبى موسى عن أحمدَ رِوايَةً أُخْرَى، أنَّ فيه الزكاةَ. رُوِىَ ذلك عن عُمَرَ، وابنِ مَسْعُودٍ، وابنِ عباسٍ، وعبدِ اللَّهِ بنِ عُمَرَ، وسعيدِ بنِ المُسَيَّبِ، وابنِ جُبَيْرٍ، وعَطاءٍ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ومُجاهِدٍ، والزُّهْرِىِّ، والثَّوْرِىِّ، وأصحابِ الرَّأْى، وغيرِهم؛ لعُمُومِ قَوْلِه عليه السلام:«فِى الرِّقَةِ رُبْعُ الْعُشْرِ» (1). و «لَيْسَ فِيمَا دُون خَمسِ أوَاقٍ صَدَقَةٌ» (2). مَفْهُومُه أنَّ فيها صَدَقَةً إذا بَلَغَتْ خَمْسَ أواقٍ. وعن عَمْرو بنِ شُعَيْب، عن أبيه، عن جَدِّه، قال: أتَتِ امرأةٌ مِن أهلِ اليَمَنِ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ومعها ابْنَة لها في يَدِها مَسَكَتان (3) مِن ذَهَبٍ، فقال. «هَلْ تُعْطِينَ زَكَاةَ هَذَا؟». قالت: لا. قال: «أيَسُرُّكِ أنْ يُسَوِّرَكِ اللَّهُ بِسِوَارَيْنِ مِنْ نَارٍ؟» . رَواه أبو داودَ (4). ولأنَّه مِن جِنْسِ الأثْمانِ، أشْبَهَ التِّبْرَ. وقال الحسنُ، وعَبْدُ اللَّهِ (5) بنُ عُتْبَةَ: زَكاتُه عارِيَّتُه.
(1) تقدم تخريجه في 6/ 395.
(2)
تقدم تخريجه في 6/ 310.
(3)
الواحدة مَسَكة، وهى الأسورة والخلاخيل.
(4)
في: باب الكنز ما هو؟ وزكاة الحلى، من كتاب الزكاة. سنن أبى داود 1/ 358. كما أخرجه الترمذى، في: باب ما جاء في زكاة الحلى، من أبواب الزكاة. عارضة الأحوذى 3/ 131. والنسائى، في: باب زكاة الحلى، من كتاب الزكاة. المجتبى 5/ 28. والإمام أحمد، في: المسند 2/ 178، 204، 208. وإسناده صحيح. انظر: نصب الراية 2/ 370.
(5)
في النسخ: «عبيد اللَّه» . وهو عبد اللَّه بن عتبة بن مسعود الهذلى، ولد في عهد النبى صلى الله عليه وسلم وكان ثقة رفيعا كثير الحديث والفتيا فقيها. توفى سنة أربع وسبعين. تهذيب التهذيب 5/ 311، 312.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قال أحمدُ: خَمْسَةٌ مِن أصْحابِ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُون: ليس في الحَلْى زكاةٌ، زَكاتُه عارِيَّتُه. ووَجْهُ الأُولَى ما روَى جابِرٌ، عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال:«لَيْسَ فِى الْحَلْى زَكَاةٌ» (1). ولأنَّه مُرْصَد لاسْتعْمالٍ مُبَاحٍ، فلم تَجِبْ فيه الزكاةُ، كالعَوامِلِ مِن البَقَرِ، وثِيابِ القُنْيَةِ. والأحادِيثُ الصَّحيحةُ التى احْتَجُّوا بها لا تَتَناوَلُ مَحِلَّ النِّزاعِ؛ لأنَّ الرِّقَةَ هى الدراهِمُ المَضْرُوبَةُ. قال أبو عُبَيْدٍ (2): لا نَعْلَمُ هذا الاسْمَ في الكلامِ المَعْقُولِ عندَ العَرَبِ إلَّا على الدَّراهِم المَضْرُوبَةِ، ذاتِ السِّكَّةِ السّائِرَةِ في النّاسِ. وكذلك الأواقِىُّ ليس مَعْناها إلَّا الدَّراهِمَ، كلُّ أوقِيَّةٍ أرْبَعُون دِرْهَمًا. وأمّا حديثُ المَسَكَتَيْن، فقال أبو عُبَيْدٍ (3): لا نَعْلَمُه إلَّا مِن وَجْهٍ قد تَكَلَّمَ النّاسُ فيه قَدِيمًا وحَدِيثًا. وقال التِّرْمذِىُّ (4): ليس يَصِحُّ في هذا البابِ
(1) عزاه الزيلعى إلى ابن الجوزى في التحقيق. نصب الراية 2/ 374. وأخرجه الدارقطنى موقوفًا على جابر، في: باب زكاة الحلى، من كتاب الزكاة. سنن الدارقطنى 2/ 107. وانظر الكلام عليه في إرواء الغليل 3/ 294.
(2)
في: الأموال 444.
(3)
في: الأموال 445.
(4)
في: عارضة الأحوذى 3/ 131.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
شئٌ ويَحْتَمِلُ أنَّه أراد بالزكاةِ العارِيَّةَ،؛ قد ذَهَب إليه جَمَاعَةٌ مِن الصَّحابَةِ وغيرِهم، والتِّبْرُ غيرُ مُعَدٍّ للاسْتِعْمالِ، بخِلافِ الحَلْى. ولا فَرْقَ بينَ الحَلْى المُباحِ أن يكونَ مَمْلُوكًا لامرأةٍ تَلْبَسُه أو تُعِيرُه، أو لرَجُل يُحَلِّى به أهلَه، أو يُعِيرُه، أو يُعِدُّه لذلك؛ لأنَّه مَصرُوف عن جِهَةِ النَّماءِ إلى اسْتِعْمالٍ مُباحٍ، أشْبَهَ حَلْى المَرأةِ. فإن اتَّخَذَ حَلْيًا فِرارًا مِن الزكاةِ، لم تَسْقُطْ عنه الزكاةُ؛ لأنَّها إنَّما سَقَطَتْ عن ما أعِدَّ للاسْتِعْمالِ، لصَرْفِه عن جِهَةِ النَّماءِ، ففيما (1) عَداهُ يَبْقَى على الأصْلِ.
فصل: فإنِ انْكَسَرَ الحَلْىُ كَسْرًا لا يَمْنَعُ اللُّبْسَ، فهو كالصَّحِيحِ، إلَّا أن يَنْوِىَ تَرْكَ لُبْسِه، وإن كان كَسْرًا يَمْنعُ الاسْتِعْمالَ، ففيه الزكاةُ؛ لأنَّه صار كالنُّقْرَةِ (2)، وإن نَوَى بحَلْى (3) اللُّبْسِ التِّجارَةَ [أو الكِرَى](4)، انْعَقَدَ عليه حَوْلُ الزكاةِ مِن حِينَ نَوَى؛ لأنَّ الوُجُوبَ الأصْلُ، فانْصَرَفَ إليه بمُجَرَّدِ النِّيَّةِ، كما لو نَوَى بمالِ التِّجارَةِ القُنْيَةَ.
فصل: وكذلك ما يُباحُ للرجالِ مِن الحَلْى، كخاتَمِ الفِضَّةِ،
(1) في الأصل: «فما» .
(2)
في م: «كالبقرة» . والنقرة: القطعة المذابة من الذهب والفضة.
(3)
في م: «يحل» .
(4)
في م: «والكرى» .