الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإنْ جَامَعَ دُونَ الْفَرْجِ فَأنْزَلَ، أو وَطِئَ بَهِيمَةً في الْفَرْجِ، أَفْطَرَ.
ــ
نائِمًا فانْتَشَرَ، فاسْتَدْخَلَتْه امْرَأتُه، أو غَلَبَتْه على نَفْسِه في حالِ يَقَظَتِه، فقالَ ابنُ عَقِيلٍ: لا قَضاءَ عليه، ولا كَفّارَةَ. وهو ظاهِرُ قولِ أحمدَ، في رِوايَةِ ابنِ القاسِمِ، ومَذْهَبُ الشافعىِّ؛ لأنَّه مَعْنًى حَرَّمَه الصومُ، حَصَل بغيرِ اخْتِيارِه، فلم يُفْطِرْ به، كما لو طار إلى حَلْقِه ذُبابَةٌ. وظاهِرُ كلامِ أحمدَ، أنَّ عليه القَضاءَ. وقد ذَكَرْناه؛ لأنَّ الصومَ عِبادَةٌ يُفْسِدُها الجِماعُ، فاسْتَوَى فيه حالَةُ الاخْتِيارِ والإكْراهِ، كالحَجِّ، ولا يَصِحُّ قِياسُ الجِماعِ على غيرِه في عَدَمِ الإِفْسادِ؛ لتَأكُّدِه بإيجابِ الكَفّارَةِ، وإفْسادِ الحَجِّ مِن بينِ سائِرِ مَحْظُوراتِه. واللهُ أعلمُ.
فصل: فإن تَساحَقَتِ امْرَأتانِ، فَسَد صَوْمُهما إن أنْزَلَتا. فإن أنْزَلَتْ إحْداهما، فَسَد صومُها وَحْدَها دُونَ الأُخْرَىِ. وهل يَكُونُ حُكْمُهما حُكْمَ المُجامِعِ دُونَ الفَرْجِ إذا أنْزَلَ، أو لا يَلْزَمُهما كَفّارَةٌ بحالٍ؟ فيه وَجْهانِ مَبْنِيّان على أنَّ الجِماعَ مِن المرأةِ هل يُوجِبُ الكَفّارَةَ؟ على رِوايَتَيْن. والصَّحِيحُ أنَّه لا كَفّارَةَ عليهما؛ لأنَّ ذلك ليس بمَنْصُوصٍ عليه، ولا في مَعْنَى المَنْصُوصِ عليه، فيَبْقَى على الأَصْلِ. فإن أنْزَلَ المَجْبُوبُ بالمُساحَقَةِ، فحُكْمُه حُكْمُ المُجامِعِ دُونَ الفَرْجِ إذا أنْزَلَ. واللهُ أعلمُ.
1072 - مسألة: (وإن جامَعَ فيما دُونَ الفَرْجِ فأنْزَلَ، أو وَطِئَ
وَفِى الْكَفَّارَةِ وَجْهَانِ.
ــ
بَهِيمَةً في الفَرْجِ أفْطَرَ. وفى الكَفّارَةِ وَجْهان) إذا جامَعَ فيما دُونَ الفَرْجِ عامِدًا فأنْزَل، فسَد صَوْمُه بغيرِ خِلافٍ عَلِمْناه. وهل تَجِبُ عليه الكَفّارَةُ؟ فيه عن أحمدَ رِوايَتان؛ إحْداهُماِ، تَجِبُ. وبه قال مالكٌ، وعَطاءٌ، والحسنُ، وابنُ المُبارَكِ، وإسحاقُ. اخْتارَها الخِرَقِىُّ، والقاضى؛ لأنَّه أفْطَرَ بجِماعٍ، فوَجَبَت به الكَفّارَةُ، كالوَطْءِ في الفَرْجِ. والثانيةُ، لا كَفّارَةَ عليه. وهو مَذْهَبُ (1) أبى حنيفةَ، والشافعىِّ؛ لأنَّه فِطْرٌ بغيرِ جِماعٍ تامٍّ، أشْبَهَ القُبْلَةَ، ولأنَّه لا نَصَّ فيه، ولا إجْماعَ، ولا هو في مَعْنَى المَنْصُوصِ؛ لأنَّ الجِماعَ في الفَرْجِ أبْلَغُ، بدَلِيلِ تَعَلُّقِ الكَفَّارَةِ به مِن غيرِ إنْزالٍ، ويَجبُ به الحَدُّ، ويَتَعَلَّقُ به اثْنا عَشَرَ حُكْمًا، فلا يَصحُّ القِياسُ عليه. ولأنَّ العِلًّةَ في الأصْلِ الجِماعُ بدُونِ الإِنْزالِ، والجِماعُ ههُنا بدُونِ إنْزالٍ غيرُ مُوجِبٍ بالإِجْماعِ، فلا يَصحُّ الاعْتِبارُ به. وهذه أصَحُّ، إن شاء اللهُ تعالى.
(1) في م: «قول» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: فأَمّا الوَطْءُ في فَرْجِ البَهِيمَةِ، فذَكَرَ القاضي أنَّه مُوجِبٌ للكَفّارَةِ. وذَكَرَ أبو بكرٍ ذلك عن أحمدَ، نَقَلَها عنه ابنُ مَنْصورٍ؛ لأنَّه وَطْءٌ في فَرْجٍ، مُوجِبٌ للغُسْلِ، مُفْسِدٌ للصومِ، أشْبَهَ وَطْءَ الآدَمِيَّةِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وفيه وَجْهٌ آخَرُ، أنَّه لا يُوجِبُ الكَفّارَةَ. ذَكَرَه أبو الخَطّاب؛ لأنَّه لا نَصَّ فيه، ولا هو في مَعْنَى المَنْصُوصِ، فإنَّه مُخالِفٌ لوَطْءِ الآدَمِيَّةِ في إيجابِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الحَدِّ، على إِحْدَى الرِّوايَتَيْن، وفى كَثِيرٍ مِن أحْكَامِه.
فصل: فإن قَبَّلَ أو لمَسَ فأنْزَلَ، فَسَد صَوْمُه. وفى الكَفّارَةِ رِوايَتان؛ أصَحُّهما، أنَّها لا تَجبُ. نَقَلَها عنه الأَثْرَمُ، وأبو طالِبٍ. واخْتارَها الخِرَقِىُّ. وهو قول الشافعىِّ، وأبى حنيفةَ؛ لأنَّه إنْزَالٌ بغيرِ وَطْءٍ، أشْبَهَ الإِنْزالَ بتَكْرارِ النَّظَرِ. ولا يَصِحُّ قِياسُه على الوَطْءِ دُونَ الفَرْجِ؛ لأنَّ الاسْتِمْتاعَ بالوَطْءِ فيما دُونَ الفَرْجِ أَقْوَى وأَبْلَغُ مِن القُبْلَةِ؛ لكَوْنِه وَطْأً في الجُمْلَةِ. والثانيةُ، عليه الكَفّارَةُ. نَقَلَها حَنْبَلٌ؛ لأنَّه إنْزالٌ عن مُباشَرَةٍ، أشْبَهَ الِإنزَالَ بالوَطْءِ دُونَ الفَرْجِ، ولا فَرْقَ بينَ كَوْنِ المَوْطُوءَةِ زَوْجَةً أو أَجنَبِيَّةً، صَغِيرَةً أو كَبِيرَةً؛ لأنَّه إذا وَجَب بوَطْءِ الزَّوْجَةِ، فبوَطْءِ الأجْنَبِيَّةِ أوْلَى.