الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإذَا رَأى الْهِلَالَ أهْلُ بَلَدٍ، لَزِمَ النَّاسَ كُلَّهُمُ الصَّوْمُ.
ــ
أبو وائِلٍ، قال: جاءَنا كِتابُ عُمَرَ، ونحن بخانِقِينَ (1)، أنَّ الأَهِلَّةَ بَعْضُها أقْرَبُ مِن بَعْضٍ، فإذا رَأَيتُم الهِلالَ نَهارًا فلا تُفْطِرُوا حتى تُمْسُوا، أو يَشْهَدَ رَجُلان أنَّهما رَأَياه بالأمْسِ عَشِيَّةً (2). ولأنَّه قولُ مَن سَمَّيْنا مِن الصحابَةِ. وخَبَرُهم مَحْمُولٌ على ما إذا رُئِىَ عَشِيَّةً، بدَلِيلِ ما لو رُئِىَ بعدَ الزَّوالِ، ثم إنَّ الخَبَرَ إنَّما يَقْتَضِى الصَّومَ والفِطْرَ مِن الغَدِ، بدَلِيلِ ما لو رآه عَشِيَّةً. فأمّا إن كانَتِ الرُّؤْيَةُ في أوَّلِ رمضانَ فالصَّحِيحُ أيضًا أنَّها للَّيْلَةِ المُقْبِلَةِ. وهو قولُ مالكٍ، وأبى حنيفةَ، والشافعىِّ. وعن أحمدَ رِوايَةٌ أُخْرَى، أنَّه للماضِيَةِ. فعلى هذا يَلْزَمُ قَضاءُ ذلك اليَوْمِ، وإمْساكُ بَقِيَّتِه احْتِياطًا للعِبادَةِ؛ لأنَّ ما كان للَّيْلَةِ المُقْبِلَةِ في آخِرِه، فهو لها في أوَّلِه، كما لو رُئِىَ بعدَ العَصْرِ.
1033 - مسألة: (وإذا رَأى الهِلالَ أهْلُ بَلَدٍ؛ لَزِم النَّاسَ كلَّهم الصومُ)
هذا قولُ اللَّيْثِ، وبَعْضِ أصحاب الشافعىِّ. وقال بَعْضهم:
(1) خانقين: بلدة في طريق همذان من بغداد.
(2)
أخرجه البيهقى، في: باب الهلال يرى بالنهار، من كتاب الصيام. السنن الكبرى 4/ 213. وعبد الرزاق، في: باب أصبح الناس صيامًا وقد رؤى الهلال، من كتاب الصوم. المصنف 4/ 162، 163. وابن أبى شيبة، في: باب في الهلال يرى نهارًا أيفطر أم لا، من كتاب الصيام. المصنف 3/ 67.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
إن كان بينَ البَلَدَيْن مسافَةٌ قَرِيبَةٌ، لا تَخْتَلِفُ المَطالِعُ لأجْلِها، كبَغْدادَ والبَصْرَةِ، لَزِم أهْلَهما الصومُ برُؤْيَةِ الهِلالِ في أحَدِهما، وإن كان بينَهما بُعْدٌ، كالحِجازِ والعِراقِ والشّامِ، فلكلِّ أهْلِ بَلَدٍ رُؤْيَتُهم. ورُوِىَ عن عِكْرِمَةَ، أنَّه قال: لكلِّ أهلِ بَلَدٍ رُؤْيَتُهم. وهو مَذْهَبُ القاسِمِ، وسالِمٍ، وإسحاقَ، لِما روَى كُرَيْبٌ، قال: قَدِمْتُ الشّامَ، واسْتَهَلَّ علىَّ هِلالُ رمضانَ وأنا بالشّامِ، فرَأْيْنا الهِلالَ لَيْلَةَ الجُمُعَةِ، ثم قَدِمْتُ المدينةَ في آخِرِ الشَّهْرِ، فسَألَنِى ابنُ عباس، ثم ذَكَر الهِلالَ، فقال: متى رَأَيْتُمُ الهِلالَ؟ فقُلْتُ: رَأْيناه لَيْلَةَ الجُمُعَةِ. فقال: أنت رَأَيْتَه لَيْلَةَ الجُمُعَةِ؟ فقُلْتُ: نعم، ورَآه النّاسُ، وصامُوا، وصام مُعاوِيَةُ. فقال: لكنْ رَأْيناه لَيْلَةَ السَّبْتِ، فلا نَزالُ نَصُومُ حتى نُكْمِلَ ثَلاثِين أو نَراه. فقُلْتُ: ألا تكتَفِى برُؤْيَةِ مُعاوِيَةَ وصِيامِه؟ فقال: لا، هكذا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أمَرَنا رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. رَواه مسلمٌ (1). ولَنا، قولُ اللَّهِ تعالى:{فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} (2). وقولُ النبىِّ صلى الله عليه وسلم للأعْرابِىِّ لَمّا قال له: آللَّه أمَرَك أن تَصُومَ هذا الشَّهْرَ مِن السَّنَةِ؟ قال: «نعَمْ» (3). وأجْمَعَ المسلمون على وُجُوب صومِ شَهْرِ رمضانَ، وقد ثَبَت أنَّ هذا اليَوْمَ مِن شَهْرِ رمضانَ، بشَهادَةِ الثِّقاتِ، فوَجَبَ صَوْمُه على جَمِيعِ المسلمين، ولأنَّ شَهْرَ رمضانَ ما بينَ الهِلالَيْن، وقد ثَبَت أنَّ هذا اليَوْمَ منه في سائِرِ الأحْكامِ؛ مِن حُلُولِ الدَّيْنِ، ووُقُوعِ الطَّلاقِ والعَتاقِ، ووُجُوب النَّذْرِ، وغيرِ ذلك مِن الأحْكامِ، فيَجِبُ صِيامُه بالنَّصِّ والإِجْماعِ، ولأنَّ
(1) في: باب بيان أن لكل بلد رؤيتهم. . .، من كتاب الصيام. صحيح مسلم 2/ 765. كما أخرجه الترمذى، في: باب ما جاء لكل أهل بلد رؤيتهم، من أبواب الصوم. عارضة الأحوذى 3/ 213. والنسائى، في: باب اختلاف أهل الآفاق في الرؤيا، من كتاب الصيام. المجتبى 4/ 105، 106. والإمام أحمد، في: المسند 1/ 306.
(2)
سورة البقرة 185.
(3)
أخرجه البخارى، في: باب ما جاء في العلم، من كتاب العلم. صحيح البخارى 1/ 24، 25. ومسلم، في: باب السؤال عن أركان الإسلام، من كتاب الإيمان. صحيح مسلم 1/ 41، 42. والترمذى، في: باب ما جاء إذا أديت الزكاة فقد قضيت ما عليك، من أبواب الزكاة. عارضة الأحوذى 3/ 98، 99. والنسائى، في: باب وجوب الصيام، من كتاب الصيام. المجتبى 4/ 98 - 100 والدارمى، في: باب فرض الوضوء والصلاة، من كتاب الطهارة. سنن الدارمى 1/ 164.