الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمَنْ مَنَعَهَا بُخْلًا بِهَا، أُخِدتْ مِنْهُ وَعُزِّرَ. فَإِنْ غَيَّبَ مَالَهُ، أَوْ كَتَمَهُ، أوْ قَاتَلَ دُونَهَا، وَأَمْكَنَ أخْذُهَا، أُخِذَتْ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَأْخُذُهَا وَشَطْرَ مَالِه.
ــ
بكُفْرِه؛ لأنَّه مَعْذُورٌ. وإن كان مُسْلِمًا ناشِئًا ببِلادِ الإِسْلامِ بينَ أهلِ العلْمِ فهو مُرْتَدٌّ، تَجْرِى عليه أحْكامُ المُرْتَدِّين، ويُسْتَتابُ ثلاثًا، فإن تاب وإلَّا قُتِل؛ لأنَّ أدِلَّةَ وُجُوبِ الزكاةِ ظاهِرَةٌ في الكِتابِ والسُّنَّةِ وإجْماعِ الأمَّةِ، فلا تَكادُ تَخْفَى على مَن هذا حالُه، فإذا جَحَدَها لا يكونُ إلَّا لتَكْذِيبِه الكِتابَ والسُّنَّةَ، وكُفْرِه بهما.
969 - مسألة: (وإن مَنَعَها بُخْلًا بها، أُخِذَتْ منه وعُزِّرَ. فإن غَيَّبَ مالَه، أو كَتَمَه، أوْ قاتَلَ دُونَها، وأمْكَنَ أخْذُها، أُخِذَت مِن غيرِ زِيادَةٍ. وقال أبو بكرٍ: يَأْخُذُها وشَطْرَ مالِه)
إذا مَنَع الزكاةَ مع اعْتِقادِ وُجُوبِها، وقَدَر الإِمامُ على أخْذِها منه، أَخَذَها وعَزَّرَه. قال ابنُ عَقِيلٍ:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
إلَّا أن يكونَ كَتَمَها لفِسْقِ الإِمامِ، لكَوْنِه يَصْرِفُها في غيرِ مصارِفِها (1)، فلا يُعَزَّرُ؛ لأنَّ له عُذْرًا في ذلك. ولم يَأْخُذْ زِيادَةً عليها، في قولِ أكْثَرِ أهلِ العلْمِ؛ منهم أبو حنيفةَ، ومالكٌ، والشافعىُّ، وأصحابُهم. وكذلك إن غَلَّ مالَه فكَتَمَه، أو قاتَلَ دُونَها فقَدَرَ عليه الإِمامُ. وقال إسحاقُ ابنُ راهُويه، وأبو بكَرٍ عبدُ العزِيزِ: يَأْخُذُها وشَطْرَ مالِه؛ لِما روَى أبو داودَ، والنَّسائِىُّ، والأثْرَمُ (2)، عن بَهْزِ بن حَكِيمٍ، عن أَبيه، عن جَدِّه، عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه كان يقولُ:«في كُلِّ سَائِمَةِ الإبِلِ، في كُلِّ أرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ، لَا تُفَرَّقُ الإبِلُ عَنْ حِسَابِهَا (3)، مَنْ أعْطَاهَا مُؤْتَجرًا فَلَهُ أجْرهَا، وَمَنْ أبَى فَإنَّا آخِذُوهَا وَشَطْرَ مَالِهِ، عَزْمَةً مِنْ عَزَمَاتِ رَبِّنَا، لَا يَحِلّ لِآلِ مُحَمَّدٍ مِنهَا شَئٌ» . وسُئِل أحمدُ عن إسْنادِه
(1) في م: «مصرفها» .
(2)
أخرجه أبو داود، في: باب في زكاة السائمة، من كتاب الزكاة. سنن أبى داود 1/ 363. والنسائى، في: باب عقوبة مانع الزكاة، وباب سقوط الزكاة عن الإبل إذا كانت رسلا لأهلها ولحمولتهم، من كتاب الزكاة. المجتبى 5/ 11، 17. كما أخرجه الدارمى، في: باب ليس في عوامل الإبل صدقة، من كتاب الزكاة. سنن الدارمى 1/ 396. والإمام أحمد، في: المسند 5/ 2، 4.
(3)
معناه أن المالك لا يفرق ملكه عن ملك غيره حيث كانا خليطين. عون المعبود 3/ 12.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فقال: هو عندِى صالِحُ الإِسْنادِ. وقال: ما أدْرِى ما وَجْهُه. ووَجْه الأوَّلِ قولُ النبىِّ صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ في الْمَال حَقٌّ سِوَى الزَّكَاةِ» (1). ولأنَّ مَنْعَ الزكاةِ كان عَقِيبَ مَوْتِ النبىّ صلى الله عليه وسلم، مع تَوَفُّرِ الصحابَةِ، فلم يُنْقَلْ عنهم أخْذُ زِيادَةٍ، ولا قولٌ بذلك. واخْتَلَفَ أهلُ العلمِ في العُذْرِ عن هذا الخَبَرِ. فقِيلَ: كان في بَدْءِ الإِسْلامِ، حيث كانتِ العُقُوباتُ في المالِ، ثم نُسِخ بالحديثِ الذى رَوَيْناه، ولذلك انْعَقَدَ الإِجْماعُ على تَرْكِ العَمَلِ به في المانِعِ غيرِ الغالِّ. وحَكَى الخَطّابِىُّ (2) عن إبراهيمَ الحَرْبِىِّ، أنَّه يُؤْخذُ منه السِّنُّ الواجِبُ عليه مِن خِيارِ مالِه، مِن غيرِ زِيادَةٍ في سِنٍّ ولا عَدَدٍ، لكنْ يَنْتَقِى مِن خِيارِ مالِه ما تَزِيدُ به صَدَقَتُه في القِيمَةِ بقَدْرِ شَطْرِ قِيمَةِ الواجِبِ عليه. فيكونُ المُرادُ بـ «مالِه» ههُنا الواجِبَ عليه مِن مالِه، فيُزادُ في القِيمَةِ بقَدْرِ شَطْرٍ. واللَّهُ أعلمُ.
(1) أخرجه ابن ماجه، في: باب ما أدى زكاته فليس بكنز، من كتاب الزكاة. سنن ابن ماجه 1/ 570. وانظر تلخيص الحبير، لابن حجر 2/ 160.
(2)
في م: «الخطاب» . وانظر: معالم السنن 2/ 33.