الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمَنْ تَكَفَّلَ بِمُؤْنَةِ شَخْصٍ في شَهْرِ رَمَضَانَ، لَمْ تَلْزَمْهُ فِطْرَتُهُ عِنْد أَبِى الْخَطَّابِ. وَالْمَنْصُوصُ أَنَّهَا تَلْزَمُهُ.
ــ
951 - مسألة: (ومَن تَكَفَّلَ بمُؤْنَةِ شَخْصٍ في شَهْرِ رَمَضانَ، لم تَلْزَمْه فِطْرَتُه عندَ أبى الخَطّابِ. والمَنْصُوصُ أنَّها تَلْزَمُه)
وهذا قَوْلُ أكْثَرِ الأصْحابِ. وقد نَصَّ عليه أحمدُ في رِوايَةِ أبى داودَ، في من ضَمَّ إلى نَفْسِه يَتِيمَةً، يُؤَدِّى عنها؛ لعُمُومِ قَوْلِه عليه السلام:«أدُّوا صَدَقَةَ الفِطْرِ عَمَّنْ تَمُونُونَ» (1). وهذا مِمَّن يَمُونُ ولأنَّه شَخْصٌ يُنْفِقُ عليه، فلَزِمَتْه فِطْرَتُه، كعَبْدِه. واخْتارَ أبو الخَطّابِ أنَّه لا تَلْزَمُه فِطْرَتُه؛ لأنَّه لا تَلْزَمُه مُؤْنَتُه، فلم تَلْزَمْه فِطْرَتُه، كما لو لم يَمُنْه. وهذا قَوْلُ أكْثَرِ أهْلِ العِلْمِ، وهو الصَّحِيحُ، إن شاء اللَّهُ. وكلامُ أحمدَ في هذا مَحْمُولٌ على
(1) تقدم تخريجه في صفحة 87.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الاسْتِحْبابِ، والحَدِيثُ مَحْمُولٌ على مَن تَلْزَمُه مُؤْنَتُه، لا على حَقِيقَةِ المُؤْنَةِ، بدَلِيلِ أنَّه تَلْزَمُه فِطْرَةُ الآبِقِ ولم يَمُنْه. ولو مَلَك عَبْدًا عندَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، أو تَزَوَّجَ، أو وُلِد له وَلَدٌ، لَزِمَتْه فِطْرَتُهم؛ لوُجُوبِ مُؤْنَتِهم عليه، وإن لم يَمُنْهم، ولو باع عبدَه، أو طَلَّقَ امرأتَه، أو ماتا، أو مات وَلَدُه، لم تَلْزَمْة فِطْرَتُهم، وإن مانَهم، ولأنَّ قَوْلَه:«عَمَّنْ تَمُونُونَ» . فِعْلٌ مُضارِعٌ يَقْتَضِى الحالَ أو الاسْتِقْبالَ دُونَ الماضِى، ومَن مانَه في رمضانَ إنَّما وُجِدَتْ منه المُؤْنَةُ في الماضِى، فلا يدخلُ في الخَبَرِ، ولوِ دَخَل فيه لاقْتَضَى بعُمُومِه وُجُوبَ الفِطْرَةِ على مَن مانَه لَيْلَةً واحِدَةً؛ لأنَّه ليس في الخَبَرِ ما يَقْتَضِى تَقْيِيدَه بالشَّهْرِ ولا بغَيْرِه، فالتَّقْيِيدُ بمُؤْنَةِ الشَّهْرِ تَحَكُّمٌ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فعلى هذا تكونُ فِطْرَتُه على نَفْسِه، كما لو لم يَمُنْه. وعلى قَوْلِ أصحابنا، المُعْتَبَرُ الإِنْفاقُ في جَمِيعِ الشَّهْرِ. وقال ابنُ عَقِيلٍ: قِياسُ مَذْهَبِنا أنَّه إذا مانَه آخِرَ لَيْلَةٍ وَجَبَتْ فِطْرَتُه، قِياسًا على مَن مَلَك عَبْدًا عندَ غُرُوبِ الشَّمْسِ. فإن مانَه جَماعَةٌ في الشَّهْرِ كُلِّه، أو مانَه إنْسانٌ في بَعْض الشَّهْرِ، فعلى تَخْرِيجِ ابنِ عَقِيلٍ تكونُ فِطْرَتُه على أن مانَه آخِرَ لَيْلَةٍ، وعلى قَوْلِ غيرِه يَحْتَمِلُ أن لا تَجِبَ فِطْرَتُه على أحَدٍ ممَّن مانَه؛ لأنَّ سَبَبَ الوُجُوبِ المُؤْنَةُ في جَمِيعِ الشَّهْرِ، ولم يُوجَدْ. ويَحْتَمِلُ أن تَجِبَ على الجَمِيعِ فِطْرَةٌ واحِدَةٌ بالحِصَصِ؛ لأنَّهم اشْتَرَكُوا في سَبَبِ الوُجُوبِ، أشْبَهَ ما لو اشْتَرَكُوا في مِلْكِ عَبْدٍ.