الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَصُومَا في رَمَضَانَ عَنْ غَيْرِهِ.
ــ
أفْطرَ، وأفْطَرَ النّاسُ. مُتَّفَقٌ عليه (1). ولأنَّه مُسافِرٌ فأُبِيحَ له الفِطْرُ، كما لو سافَرَ قبلَ الشَّهْرِ، والآيَةُ مَحْمُولَةٌ على مَن شَهِد الشهرَ كلَّه، وهذا لم يَشْهَدْه كلَّه. الثّالِثُ، أن يُسافِرَ في أثْناءِ يومٍ مِن رمضانَ، وسَيَأْتِى ذِكْرُ ذلك، إن شاء اللَّهُ.
1049 - مسألة: (ولا يَجُوزُ أن يَصُوما في رمضانَ عن غيرِه)
لا يَجُوزُ للمَرِيضِ، ولا للمُسافِرِ سَفَرًا طَوِيلًا، أن يَصُومَ في رمضانَ عن نَذْرٍ، ولا قَضاءٍ، وِلا غيرِهما؛ لأنَّ الفِطْرَ أُبِيحَ رُخْصَةً وِتَخْفِيفًا، فإذا لم يُرِدِ التَّخْفِيفَ عن نفْسِه، لَزِمَه أَنْ يَأْتِىَ بالأصْلِ. فإن نوَى صَوْمًا غيرَ رمضانَ، لم يَصِحَّ صَوْمُه عن رمضانَ، ولا عمّا نَواه، في الصَّحِيحِ مِن
(1) أخرجه البخارى، في: باب إذا صام أياما من رمضان ثم سافر، من كتاب الصوم. وفى: باب الخروج في رمضان، من كتاب الجهاد. وفى: باب غزوة الفتح في رمضان، من كتاب المغازى. صحيح البخارى 3/ 43، 4/ 60، 5/ 185. ومسلم، في: باب جواز الصوم والفطر في شهر رمضان للمسافر. . . ، من كتاب الصيام. صحيح مسلم 2/ 784.
كما أخرجه النسائى، في: باب الرخصة للمسافر أن يصوم بعضا ويفطر بعضا، من كتاب الصيام. المجتبى 4/ 160. والدارمى، في: باب الصوم في السفر، من كتاب الصوم. سنن الدارمى 2/ 8، 9. والإمام مالك، في: باب ما جاء في الصيام في السفر، من كتاب الصيام. الموطأ 1/ 294. والإمام أحمد، في: المسند 1/ 219، 261، 266، 334، 344 ، 5/ 376.
وَمَنْ نَوَى الصَّوْمَ في سَفَرِهِ، فَلَهُ الْفِطْرُ.
ــ
المَذْهَبِ، وهو قَوْلُ أكثرِ العُلماءِ. وقال أبو حنيفةَ في المُسافِرِ: يَقَعُ ما نَواه إذا كان واجِبًا؛ لأنَّه زَمَنٌ أُبِيحَ له فِطْرُه، فكان له صَوْمُه عن واجِبٍ عليه، كغيرِ شهرِ رمضانَ. ولَنا، أنَّه أُبِيحَ له الفِطْرُ للعُذْرِ، فلم يَجُزْ أن يَصُومَه عن غيرِ رمضانَ، كالمَرِيضِ، وبهذا يَنْتَقِضُ ما ذَكَرُوه، ويَنْتَقِضُ أيضًا بصومِ التَّطَوُّعِ. قال صالِحٌ: قِيلَ لأبى: مَن صام شَهْرَ رمضانَ، وهو يَنْوِى به تَطَوُّعًا، يُجْزِئُه؟ فقال: أوَ يَفْعَلُ هذا مُسْلِمٌ.
فصل: (ومَن نَوَى الصومَ في سَفَرِه، فله الفِطْرُ) واخْتَلَفَ قولُ الشافعىِّ فيه، فقال مَرَّةً: لا يَجُوزُ له الفِطْرُ. وقال مَرَّةً: إن صَحَّ حديثُ الكَدِيدِ لم أرَ به بَأْسًا. وقال مالكٌ: إن أفْطَرَ فعليه القَضاءُ والكَفّارَةُ. ولَنا،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
حديثُ ابنِ عباسٍ، وهو صحيحٌ مُتَّفَقٌ عليه. وروَى جابِرٌ، أنَّ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَرَج عامَ الفَتْحِ، فصام حتى بَلَغ كُراعَ الغَمِيمِ (1)، وصام النّاسُ معه، فقِيلَ له: إنَّ النَّاسَ قد شَقَّ عليهم الصيامُ، وإنَّ النّاسَ يَنْظُرُون فيما فَعَلْتَ. فدَعا بقَدَحٍ مِن ماءٍ بعدَ العَصْرِ، فشَرِبَ والنّاسُ يَنْظُرُون، فأفْطَرَ بَعْضُهم، وصام بَعْضُهم، فبَلَغَه أنَّ ناسًا صامُوا، فقالَ:«أُولَئِكَ الْعُصَاةُ» . رَواه مسلم (2). وهذا نَصٌّ صَرِيحٌ لا يُعَرَّجُ على ما خالَفَه.
(1) كراع الغميم: بين مكة والمدينة، وهو واد أمام عسفان بثمانية أميال، وهذا الكراع جبل أسود في طرف الحرة يمتد إليه. معجم البلدان 4/ 247.
(2)
تقدم تخريجه في صفحة 372.