الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَا يَجِبُ الصَّوْمُ إِلَّا عَلَى الْمُسْلِمِ الْبَالِغِ الْعَاقِلِ الْقَادِرِ عَلَى الصَّوْمِ، وَلَا يَجِبُ عَلَى كَافِرٍ وَلَا مَجْنُونٍ وَلَا صَبِىٍّ،
ــ
الشَّكِّ، إن كان غَدًا مِن رمضانَ فهو فَرْضِى. وإن غَلَب على ظَنِّه مِن غيرِ أمارَةٍ، فقال القاضى: عليه الصيامُ، ويَقْضِى إذا عَرَف الشَّهْرَ، كالذى خَفِيَتْ عليه دَلائِلُ القِبْلَةِ فصلَّى على حَسَبِ حالِه، فإنَّه يُعِيدُ. وذَكَرِ أبو بكرٍ في مَن خَفِيَتْ عليه دَلائِلُ القِبْلَةِ هل يُعِيدُ؟ على وَجْهَيْن. كذلك يُخَرَّجُ على قَوْلِه ههُنا. وظاهِرُ كَلامِ الخِرَقِىِّ أنَّه يَتَحَرَّى، فمتى غَلَب على ظَنِّه دُخُولُ الشَّهْرِ صَحَّ صَوْمُه وإن لم يَبْنِ على دَلِيلٍ؛ لأنَّه ليس في وُسْعِه مَعْرِفَةُ الدَّلِيلِ، ولا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَها.
فصل: وإذا صام تَطَوعًا، فوافَقَ شَهْرَ رمضانَ، لم يُجْزِئْه. نَصَّ عليه أحمدُ. وبه قال الشافعىُّ. وقال أصحابُ الرَّأْى: يُجْزِئُه. وهو مَبْنِىٌّ على وُجُوبِ تَعْيِينِ النِّيَّةِ لرمضانَ، وسنَذْكُرُه، إن شاء اللَّه تعالى.
1041 - مسألة: (ولا يَجِبُ الصومُ إلَّا على المُسْلِمِ البالِغِ العاقِل القادرِ على الصومِ، ولا يَجِبُ على كافِر ولا مَجْنُونٍ ولا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
صَبِىٍّ) يَجِبُ الصومُ على مَن وُجِدَتْ فيه هذه الشُّرُوطُ بغيرِ خِلافٍ؛ لِما ذَكَرْنا مِن الأدِلَّةِ، ولا يَجِبُ على كافِرٍ، أصْلِيًّا كان أو مُرتدًّا، في الصَّحِيحِ مِن المَذْهَب؛ لأنَّه عِبادَةٌ لا تَصِحُّ منه في حالِ كُفْرِه، ولا يَجبُ عليه قَضاؤُها إذا أَسْلَمَ؛ لقَوْلِه تعالى:{قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} (1). وفيه رِوايَةٌ أُخْرَى، أنَّ القَضاءَ يَجِبُ على المُرْتَدِّ إذا أَسْلَمَ. وهو مَذْهَبُ الشافعىِّ؛ لأنَّه قد اعْتَقَدَ وُجُوبَها عليه، بخِلافِ الكافِرِ الأصْلِىِّ. فعلى هذا يَجِبُ عليه في حالِ رِدَّتِه؛ لعُمُومِ الأدِلَّةِ. وسنَذْكُرُ ذلك في بابِ المُرْتَدِّ، إن شاء اللَّه تعالى. ولا يَجِبُ على مَجْنونٍ؛ لقَوْلِه صلى الله عليه وسلم:«رُفِعَ الْقلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ؛ عَنِ الصَّبِىِّ حَتَّى يَبْلُغَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يُفِيقَ» (2). ولا يَصِحُّ منه؛ لأنَّه غيرُ عاقِلٍ، أشْبَهَ الطِّفْلَ.
(1) سورة الأنفال 38.
(2)
تقدم تخريجه في 3/ 15.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: فأمَّا الصَّبِىُّ العاقِلُ الذى يُطِيقُ الصَّوْمَ، فيَصِحُّ منه، ولا يَجبُ عليه حتى يَبلُغَ، وكذلك الجارِيَةُ. نَصَّ عليه أحمدُ. وهذا قولُ أكثرِ أهَل العِلْمِ. وذهَب بَعْضُ أصحابِه إلى أنَّه يَجِبُ على الغُلامِ الذى يُطِيقُه إذا بَلَغ عَشْرًا؛ لِما روَى ابنُ جُرَيج عن محمدِ بنِ عبدِ الرحمنِ بنِ أبى لَبِيبَةَ، قال: قال رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إذا أطَاقَ الغُلَامُ صِيامَ ثلاثةِ أيَّامٍ، وَجَبَ عَلَيْهِ صِيَامُ شَهْرِ رمضِانَ» (1). ولأنَّها عِبادَةٌ بَدَنِيَّةٌ، أشْبَهَتِ الصلاةَ. والمَذْهَبُ الأوَّلُ. قال القاضى: المَذْهَبُ عندِى، رِوايَةً واحِدَةً، أنَّ الصلاةَ والصومَ لا تَجِبُ حتى يَبْلُغَ، وما قالَه أحمدُ في مَن تَرَك الصلاةَ يَقْضِيها، نَحْمِلُه على الاسْتِحْباب؛ لِما ذَكَرْنا مِن الحديثِ، ولأنَّها عِبادَةٌ، فلم تَجِبْ على الصَّبِىِّ، كالحَجِّ. وحديثُهم مُرْسَلٌ، ويُمْكِنُ حَمْلُه على الاسْتِحْبابِ، وسَمّاه واجِبًا تأكيدًا، كقَوْلِه عليه السلام:«غُسْلُ الجُمُعَةِ (2) وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحتَلِمٍ» (3). وفى ذلك جَمْعٌ بينَ الحَدِيثَيْن، فكان أوْلَى، وما قاسُوا عليه مَمْنُوعٌ.
(1) أخرجه عبد الرزاق، في: باب متى يؤمر الصبى بالصيام، من كتاب الصيام. المصنف 4/ 154، 155.
(2)
في م: «يوم الجمعة» .
(3)
تقدم تخريجه في 5/ 269.