الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَهَلْ يُضَمُّ الذَّهَبُ إِلَى الْفِضَّةِ فِى تَكْمِيلِ النِّصَابِ، أوْ يُخْرَجُ أَحَدُهُمَا عَنِ الآخَرِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ.
ــ
926 - مسألة: (وهل يُضمُّ الذَّهَبُ إلى الفِضَّةِ في تَكْمِيل النِّصابِ، أو يُخْرَجُ أحَدُهما عن الآخَرِ؟ على رِوَايَتَيْنِ)
إذا كان له مِن كلِّ واحِدٍ مِن الذَّهَبِ والفِضةِ ما لا يَبْلُغُ نِصابًا بمُفرَدِه، فقد نُقِل عن أحمدَ، أنَّه تَوَقَّفَ في ضَمِّ أحَدِهما إلى الآخَرِ، في رِوايَةِ الأثْرَم وجَماعَةٍ، وقَطَع في رِوَايَةِ حَنْبَلٍ، أنَّه لا زكاةَ عليه حتى يَبْلُغَ كلُّ واحدٍ منهما نِصابًا. وقد نَقَل الخِرَقِىُّ فيها رِوايَتَيْن. وتْقَلَهما غيرُه مِن الأصْحابِ؛ إحْداهما، لا يُضمُّ. وهو قولُ ابنِ أبِى لَيْلَى، والحسنِ بنِ صالِحٍ، وشَرِيكٍ، والشافعىِّ، وأبى عُبَيْدٍ، وأبِى ثَوْرٍ. واخْتِيارُ أبِى بَكرٍ عبدِ العَزِيز؛ لقَوْلِه عليه السلام:«لَيْسَ فِيما دُونَ خَمْسِ أوَاقٍ صَدَقَةٌ» . مُتَّفَقٌ عليه (1)
(1) تقدم تخريجه في 6/ 310.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ولأنَّهما مالان يَخْتَلِفُ نِصابُهما، فلم يُضَمَّ أحَدُهما إلى الآخَرِ، كأجناسِ الماشِيَةِ. والثَّانِيَةُ، يُضَمُّ. وهو قولُ الحسنِ، وقَتادَةَ، ومالِكٍ، والثَّوْرِىِّ، والأوْزاعِىِّ، وأصْحابِ الرَّأْى، لأنَّ أحَدَهما يُضَمُّ إلى ما يُضَمُّ إليه الآخَرُ، فيُضَمُّ إلى الآخَرِ، كأنْواعِ الجنْس، ولأنَّهما نَفْعُهما واحِدٌ، والمَقْصُودُ منهما مُتَّحِدٌ، فإنَّهما قِيَمُ المُتْلَفاتِ وأُرُوشُ (1) الجِناياتِ، وثمَنُ البِياعاتِ، وحَلْىٌ لمَن يُرِيدُهما، فأشْبَها النَّوْعَيْنِ، والحديثُ مَخْصُوصٌ بعَرْضِ التِّجارَةِ، فنَقِيسُ عليه.
(1) أروش، جمع أرْش: دية الجراحة.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: وهل يُخْرَجُ أحَدُهما عن الآخَرِ في الزكاةِ؟ فيه رِوايتانِ. نَصَّ عليهما أحمدُ؛ إحْداهما، لا يَجُوزُ. اخْتارَه أبو بكرٍ؛ لأنَّهُما جِنْسان فلم يَجُزْ إخْراجُ أحَدِهما عن الآخَرِ، كسائِرِ الأجْناسِ، ولأنَّ أنْواعَ الجِنْسِ إذا لم يُخرَجْ أحَدُهما عن الآخَرِ إذا كان أقَلَّ في المِقْدارِ، فمع اخْتِلافِ الجِنْسِ أوْلَىِ. والثانيةُ، يَجُوزُ؛ لأن المَقْصُودَ مِن أحَدِهما يَحْصُلُ بإخْراجِ الآخرِ، فيُجْزِئ، كأنواعِ الجِنْس، وذلك لأن المَقْصُودَ [منهما جَمِيعًا](1) الثَّمَنِيَّةُ (2) والتَّوَسُّلُ بهما إلى المَقَاصِدِ، وهما يَشْتَرِكان فيه على السَّواءِ، فأشْبَهَ إخْراجَ المُكسَّرَةِ عن الصِّحاحِ، بخِلافِ سائِرِ الأجْناسِ والأنْواعِ، ممَّا تجِبُ فيه الزكاةُ، فإنَّ لكلِّ جِنْسٍ مَقْصُودًا مُخْتَصًّا به، لا يَحْصُلُ مِن الجِنْسِ الآخَر، وكذلك أنْواعُها
(1) سقط من: الأصل.
(2)
في م: «التنمية» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فلا يحْصُلُ مِن إخْراجِ غيرِ الواجِب مِن الحِكْمَةِ ما يَحْصُلُ مِن إخْراجِ الواجِبِ، وههُنا المَقْصُودُ حاصِلٌ، فوَجَبَ إجْزاؤُه، إذ لا فَائِدَةَ فِى اخْتِصاصِ الإِجْزاءِ بعَيْنٍ مِع (1) مُساواةِ غيرِها لها في الحِكْمَةِ، ولأنَّ ذلك أوفقُ بالمُعْطِى والآخِذِ وأرْفقُ بهما، فإنَّه لو تَعَيَّنَ إخْراجُ زكاةِ الدَّنانِيرِ منها، شَقَّ على مَن يَمْلِكُ [أقَلَّ مِن](2) أرْبَعِينَ دِينارًا إخْراجُ جُزْءٍ مِن دِينارٍ، ويَحْتاجُ إلى التَّشْقيصِ ومُشارَكَةِ الفَقِيرِ له في دِينارٍ مِن مالهِ، أو بَيْعِ أحَدِهما نَصيبَه، ولأنَّه إذا دَفَع إلى الفَقِيرِ قِطْعَةً مِن الذَّهَبِ في مَوْضِعٍ لا يُتَعامَلُ بها فيه، أو قِطْعَةً (3) في مَكانٍ لا يَتَعامَلُون به فيه، لا يَقدِرُ على قَضاءِ حاجَتِه بها، وإن أراد بَيْعَها احْتاجَ إلى كُلْفَةِ البَيْعِ، والظَّاهِرُ أنَّها تَنْقُصُ عِوَضُها عن قِيمَتِها، فقد دار بينَ ضَرَرَيْنِ، وفى جَوازِ إخْراجِ أحَدِهما عن الآخَرِ دَفْعٌ لهذا الضَّرَرِ وتحْصِيلٌ لِحكْمَةِ الزكاةِ على الكَمالِ، فلا وَجْهَ لِمَنْعِه، وإن تُوُهِّمَتْ ههُنا مَنْفَعَةٌ تَفُوتُ بذلك، فهى يَسِيرَةٌ مَغْمُورَةٌ فيما يَحْصُلُ مِن النَّفْعِ الظَّاهِرِ، ويَنْدَفِعُ مِن الضَّرَرِ والمَشَقَّةِ مِن
(1) سقط من: م.
(2)
سقط من: م.
(3)
أى من درهم. انظر المغنى 4/ 219.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الجانِبَيْن، فلا يُعْتَبَرُ. وهذا اخْتِيارُ شيخِنا (1). وعلى هذا لا يَجُوزُ الإِبْدالُ في مَوْضِعٍ يَلْحَقُ الفَقِيرَ ضَرَرٌ، مثلَ أن يَدْفَعَ إليه ما لا يُنْفقُ عِوَضًا عمَّا يُنْفقُ؛ لأنَّه إذا لم يَجُزْ إخْراجُ أحَدِ النَّوْعَيْن عن الآخَر مع الضَّرَرِ، فمع غيرِه أوْلَى. وإن اخْتَارَ المالِكُ الدَّفع مِن الجِنْسِ، واخْتارَ الفَقِيرُ الأخْذَ مِن غيرِه؛ لضَرَرٍ يَلْحَقُه في أخذِ الجِنْسِ، لم يَلْزَمِ المالِكَ إجابَتُه؛ لأنَّه أدَّى ما فَرَض اللَّهُ عليه، فلم يُكَلَّفْ سِواه. واللَّهُ أعلمُ.
(1) انظر المغنى 4/ 219.