الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَعَنْهُ، كُلُّ أمْرٍ غُلِبَ عَلَيْهِ الصَّائِمُ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ وَلَا كَفَّارَةٌ. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى إِسْقَاطِ الْقَضَاءِ وَالْكَفَّارَةِ مَعَ الإكْرَاهِ وَالنِّسْيَانِ.
ــ
1071 - مسألة؛ قال: (وكلُّ أمْرٍ غُلِب عليه الصّائِمُ فليس عليه قَضاءٌ ولا كَفّارَةٌ)
هذه الرِّوايَةُ نَقَلَها عنه ابنُ القاسِمِ (وهي تَدُلُّ على إسْقاطِ القَضاءِ والكَفّارَةِ مع الِإكْراهِ والنِّسْيانِ) وكذلك قال أبو الخَطّابِ. وقد ذَكَرْنا حُكْمَ النّاسِى. فأمّا حُكْمُ الِإكْراهِ، فإن أُكْرِهَتِ المرأةُ على الجِماعِ، فلا كَفّارَةَ عليها، رِوايَةً واحِدَةً، وعليها القَضاءُ في ظاهِرِ المَذْهَبِ. قال مُهَنَّا: سَألْتُ أحمدَ عن امرأةٍ غَصَبَهَا رجلٌ نَفْسَها، فجامَعَها، أعليها القَضاءُ؟ قال: نعم. قُلْتُ: وعليها الكَفّارَةُ؟ قال: لا. وهذا قولُ الحسنِ، والثَّوْرِىِّ، وأصحابِ الرَّأْىِ. وعلى قِياسِ ذلك النّائِمَةُ. وقال مالكٌ في النَّائِمَةِ: عليها القَضاءُ بلا كَفّارَةٍ، والمُكْرَهَةُ عليها القَضاءُ والكَفّارَةُ. وقال الشافعىُّ، وأبو ثَوْرٍ، وابنُ المُنْذِرِ: إن كان
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الإكْراهُ بوَعِيدٍ حتى فَعَلَتْ، كقَوْلِنا. وإن كان إلْجاءً، أو كانت نائِمَةً لم تُفْطِرْ. وهذا مُقْتَضَى قولِ أحمدَ، في هذه الرِّوايَةِ التي رَواها ابنُ القاسِمِ؛ لأنَّها لم يُوجَدْ منها فِعْلٌ، فلم تُفْطِرْ، كما لو صُبَّ في حَلْقِها ماءٌ بغيرِ اخْتِيارِها. ووَجْهُ الأوَّلِ أنَّه جِماعٌ في الفَرْجِ، فأفْسَدَ، كما لو أُكْرِهَت بالوَعِيدِ، ولأنَّه عِبادَةٌ يُفْسِدُها الوَطْءُ ففسَدَت به على كلِّ حالٍ، كالصلاةِ، والحَجِّ.
فصل: فإن جامَعَتِ المرأةُ ناسِيَةً، فقالَ أبو الخَطّابِ: حُكْمُ النِّسْيانِ حُكْمُ الإكْراهِ، يُوجِبُ القَضاءَ دُونَ الكَفّارَةِ، قِياسًا على الرجلِ في أنَّ الجِماعَ يُفْطِرُه معِ النِّسْيانِ. ويَحْتَمِلُ أن لا يَلْزَمَها القَضاءُ؛ لأنَّه مُفْسِدٌ لا يُوجِبُ الكَفّارَةَ، أشْبَهَ الأكْلَ.
فصل: فإن أُكْرِهَ الرجلُ فجامَعَ، فَسَد صَوْمُه على الصَّحِيحِ؛ لأنَّه إذا أفْسَدَ صوم المرأةِ، فالرجلُ أوْلَى. فأمّا الكَفّارَةُ، فقالَ القاضِى: تَجِبُ عليه؛ لأن الإِكْراهَ على الوَطْءِ لا يُمْكِنُ، لأنَّه لا يَطَأُ حتى يَنْتَشِرَ، ولا يَنْتَشِرُ إلَّا عن شَهْوَةٍ، فهو كغيرِ المُكْرَهِ. وقال أبو الخَطّابِ: فيه رِوايَتان؛ إحْداهُما، لا كفارةَ عليه. وهو مَذْهَبُ الشافعىِّ؛ لأنَّ الكَفّارَةَ إمّا عُقُوبَةٌ، أو ماحِيَةٌ للذَّنْبِ، والمُكْرَهُ غيرُ آثِمٍ، ولا مُذْنِبٍ، ولقَوْلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم:«عُفِىَ لأُمَّتِى عَنِ الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانِ، وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» (1). والرِّوايَةُ الثانِيَةُ، عليه الكَفّارَةُ، لِما ذَكَرْنا. فأمَّا إن كان
(1) تقدم تخريجه في 1/ 276.