الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَوْ جَامَعَ وَهُوَ صَحِيحٌ، ثُمَّ جُنَّ أَوْ مَرِضَ أَوْ سَافَرَ، لَمْ تَسْقُطْ عَنْهُ.
ــ
وَجْهان؛ أحَدُهما، له الفِطْرُ؛ لأَنَّه أُبِيحَ له الفِطْرُ ظاهِرًا أو باطِنًا في أوَّلِ النَّهارِ، فكانت له اسْتِدامَتُه، كما لو قَدِم مُفْطِرًا. ولا يَصحُّ ذلك؛ لأنَّ سَبَبَ الرُّخْصَةِ زال قبلَ التَّرَخُّصِ، فلم يَكُنْ له ذلك، كما لو قَدِمَتْ به السَّفِينَةُ قبلَ قَصْرِ الصلاةِ، وكالصَّبِىِّ يَبْلُغُ، والمَرِيضِ يَبْرَأُ. وهذا يَنْقُضُ (1) ما ذَكَرُوه. وما قاسُوا عليه مَمْنُوعٌ. ولو عَلِم الصَّبِىُّ أنَّه يَبْلُغُ في أثْناءِ النَّهارِ بالسِّنِّ، أو عَلِم المُسافِرُ أنَّه يَقْدَمُ، لم يَلْزَمْهما الصيامُ قبلَ زَوالِ عُذْرِهما؛ لأنَّ سَبَبَ الرُّخْصَةِ مَوْجُودٌ، فثبَتَ حُكْمُها، كما لو لم يَعْلَما ذلك.
1076 - مسألة: (وإن جامَعَ وهو صَحِيحٌ، ثم مَرِض أو جُنَّ أو سافَرَ، لم تَسْقُطْ عنه)
إذا جامَعَ في أوَّلِ النَّهارِ، ثم مَرِض أو جُنَّ، أو كانَتِ امرأةً فحاضَتْ أو نَفِسَتْ في أثْناءِ النَّهارِ، لم تَسْقُطِ الكَفّارَةُ. وبه قال مالكٌ، واللَّيْثُ، وابنُ الماجِشُونَ، وإسحاقُ. وقال أصحابُ الرَّأْىِ: لا كَفّارَةَ عليهم. وللشافعىِّ قَوْلان، كالمَذْهَبَيْن. واحْتَجُّوا بأنَّ صومَ هذا اليَوْمِ خَرَج عن كَوْنِه مُسْتَحَقًّا، فلم يَجِبْ بالوَطْءِ فيه كَفّارَةٌ، كصومِ المُسافِرِ، أو كما لو تَبَيَّنَ أنَّه مِن شَوّالٍ. ولَنا، أنَّه مَعْنًى طَرَأ بعدَ وُجُوبِ
(1) في الأصل: «نقيض» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الكَفّارَةِ، فلم يُسْقِطْها، كالسَّفَرِ، ولأَنَّه أفْسَدَ صومًا واجبًا مِن رمضانَ بجِماعٍ تامٍّ، فاسْتَقَرَّتِ الكَفّارَةُ عليه، كما لو لم يَطْرَأ العُذْرُ، والوَطْءُ في صومِ المُسافِرِ مَمْنُوعٌ، وإن سُلِّمَ فالوَطْءُ ثَمَّ مُباحٌ؛ لأنَّه في صومٍ أُبِيحَ الفِطْرُ فيه، بخِلافِ مسألتِنا. وكذا إذا تَبَيَّنَ أنَّه مِن شَوَّالٍ؛ لأنَّه تَبَيَّنَ أنَّ الوَطْءَ لم يُصادِفْ رمضانَ، والمُوجِبُ إنَّما هو الوَطْءُ المُفْسِدُ لصومِ رمضانَ. فأمّا إن جامَعَ في نَهارِ رمضانَ، ثم سافَرَ في أثْناءِ النَّهارِ، لم تَسْقُطِ الكَفّارَةُ؛ لأنَّه يُفْضِى إلى أنَّ كُلَّ مَن جامَعَ أمْكَنَه إسْقَاطُ الكَفّارَةِ عنه بالسَّفَرِ في النَّهارِ، وهو غيرُ جائِزٍ.
فصل: إذا طَلَع الفَجْرُ وهو مُجامِعٌ، فاسْتَدامَ الجِماعَ، فعليه القَضاءُ والكَفّارَةُ. وبه قال مالكٌ، والشافعىُّ. وقال أبو حنيفةَ: يَجِبُ القَضاءُ دُونَ الكَفّارَةِ؛ لأنَّ وَطْأَه لم يُصادِفْ صومًا صَحِيحًا، فلم يُوجِبِ الكَفّارَةَ، كما لو تَرَك النِّيَّةَ وجامَعَ. ولَنا، أنَّه تَرَك صومَ رمضانَ بجِماعٍ أثِمَ به؛ لحُرْمَةِ الصومِ، فوَجَبَتْ به الكَفّارَةُ، كما لو وَطِئَ بعدَ طُلُوعِ الفَجْرِ، وما قاسُوا عليه مَمْنُوعٌ. فأمّا إن نَزَع في الحالِ مع أوَّلِ طُلُوعِ الفَجْرِ، فقالَ ابنُ حامِدٍ، والقاضى: عليه الكَفّارَةُ؛ لأنَّ النَّزْعَ جِماعٌ يَلْتَذُّ به، أشْبَهَ الإِيلاجَ. وقال أبو حَفْصٍ: لا قَضاءَ عليه، ولا كَفَّارَةَ. وهو قولُ أبى حنيفةَ، والشافعىِّ؛ لأنَّه تَرَك الجِماعَ، فلا يَتَعَلَّقُ