الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَا يُعْطَى مِنْهَا في الْحَجِّ. وَعَنْهُ، يُعْطى الْفَقِيرُ مَا يَحُجُّ بِهِ الْفَرْضَ أوْ يَسْتَعِينُ بِهِ فِيهِ.
ــ
وقال في مَوْضِعٍ آخَرَ: إن دَفَع ثَمَنَ الفَرَسِ وثَمَنَ السَّيْفِ فهو أعْجَبُ إلىَّ، وإنِ اشْتَراه هو رَجَوْتُ أن يُجْزِئَه. وقال أيضًا: يَشْتَرِى الرجلُ مِن زَكاتِه الفَرَسَ، ويَحْمِلُ عليه، وَالقَناةَ، ويُجَهِّزُ الرجلَ، وذلك لأنَّه قد صَرَف الزَّكاةَ في سَبِيلِ اللَّهِ، فجاز، كما لو دَفَعَها إلى الغازِى فاشْتَرَى بها. وقال: ولا يَشْتَرِى مِن الزَّكاةِ فَرَسًا يصيرُ حَبِيسًا في سَبِيلِ اللَّهِ، ولا دارًا، ولا ضَيْعَةً يُصَيِّرُها للرِّباطِ، ولا يَقِفُها على المُجاهِدِين؛ لأنَّه لم يُؤْتِ الزَّكاةَ لأحَدٍ، وهو مَأمُورٌ بإيتائِها. قال: ولا يَغْزُو الرجلُ على الفَرَسِ الَّذى أخْرَجَه مِن زَكاةِ مالِه؛ لأنَّه لا يجوزُ أن يَجْعَلَ نَفسَه مَصْرِفًا لزَكاتِه، كما لا يَحُوزُ أن يَقْضِىَ بها دَيْنَه، ومتى أخَذَ الفَرَسَ التى اشْتُرِيَتْ بمالِه، صارَ هو مَصْرِفًا لزَكاتِه.
1002 - مسألة: (ولا يعْطىَ منها في الحَجِّ. وعنه، يُعْطىَ الفَقِيرُ قَدْرَ ما يَحُجُّ به الفَرْضَ أو يَسْتَعِينُ به فيه)
اختَلَفتِ الرِّوايةُ عن أحمدَ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
رحمه الله، في ذلك، فرُوِىَ عنه، أنَّه لا يُصْرَفُ منها في الحَجِّ. وبه قال مالكٌ، وأبو حنيفةَ، والثَّوْرِىُّ، والشافعىُّ، وأبو ثَوْرٍ، وابنُ المُنْذِرِ، وهى أصَحُّ؛ لأنَّ سَبِيلَ اللَّهِ عندَا الإطْلاقِ إنَّما يَنْصَرِفُ إلى الجهادِ، فإنَّ كلَّ ما في القُرآنِ مِن ذِكْرِ سَبِيلِ اللَّهِ، إنَّما ارِيدَ به الجِهادُ، إلَّا اليَسِيرَ، فيَجِبُ أن يُحْمَلَ ما في آيَةِ الزَّكاةِ على ذلك؛ لأنَّ الظَّاهِرَ إرادَتُه به، ولأنَّ الزَّكاةَ إنَّما تُصْرَف إلى أحَدِ رَجُلَيْن، مُحْتاجٍ إليها، كالفُقَراءِ والمَساكِينِ وفى الرِّقابِ والغارِمين لقَضاءِ دُيُونِهم، أو مَن يحْتاجُ إليه المسلمون، كالعاملِ والغازِى والمُؤَلَّفِ والغارِمِ لإِصْلاحِ ذاتِ البَيْنِ. والحَجُّ للفَقِيرِ لا نَفْعَ للمسلمين فيه، ولا حاجَةَ بهم إليه، ولا حاجَةَ به أيضًا؛ لأنَّ الفَقِيرَ لا فرْضَ عليه فيُسْقِطَه، ولا مَصْلَحَةَ له في إيجابِه عليه، وتَكْلِيفُه مَشَقَّةٌ قد رَفَّهَهْ اللَّهُ منها، وخَفَّفَ عنه إيجابَها. وتَوْفِيرُ هذا القدرِ على ذَوِى الحاجةِ مِن سائِرِ الأصْنافِ، أو دَفْعُه في ئصالِحِ المسلمين أوْلَى. ورُوِىَ عنه،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أنَّ الفَقِيرَ يُعْطىَ قَدْرَ ما يَحُجُّ به الفَرْضَ، أو يَسْتَعِينُ به فيه. يُرْوَى إعْطاءُ الزَّكاةِ في الحَجِّ عن ابنِ عباسٍ. وعن ابنِ عُمَرَ: الحَجُّ مِن سَبِيلِ اللَّهِ. وهو قَوْلُ إسحاقَ؛ لِما رُوِى أنَّ رجلًّا جَعَل ناقَةً له في سَبيلِ اللَّهِ، فأرادَتِ امْرَأتُه الحَجَّ، فقال لها النبىُّ صلى الله عليه وسلم:«ارْكَبِيهَا، فَإنَّ الحَجَّ مِنْ سَبِيلِ اللَّهِ» . رَواه أبو داودَ (1) بمعناه. والأوَّلُ أوْلَى. وأمّا الخَبَرُ فلا يَمْتَنِعُ أن يكونَ الحجُّ مِن سبيلِ اللَّهِ، والمُرادُ بالآيَةِ غيرَه؛ لِما ذَكَرْنا.
فصل: فإذا قُلْنا: يُدْفَعُ في الحَجِّ منها. فلا يُعْطىَ إلَّا بشَرْطَين؛ أحَدُهما، أن يكونَ ممَّن ليس له ما يَحُجُّ به سِواها؛ لقَوْلِ النبىِّ صلى الله عليه وسلم:«لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِىٍّ، وَلَا لِذِى مِرَّةٍ سَوِىٍّ» (2). وقال: «لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِىٍّ (3) إلَّا لِخَمْسَةٍ» (4). ولم يَذْكُرِ الحاجَّ فيهم. ولأنَّه يَأْخُذُ
(1) في: باب العمرة، من كتاب المناسك. سنن أبى داود 1/ 459.
(2)
أخرجه أبو داود، في: باب من يعطى من الصدقة وحد الغنى، من كتاب الزكاة. سنن أبى داود 1/ 379. والترمذى، في: باب من لا تحل له الصدقة، من أبواب الزكاة. عارضة الأحوذى 3/ 151. والنسائى، في: باب إذا لم يكن له دراهم وكان له عدلها، من كتاب الزكاة. المجتبى 5/ 74. وابن ماجه، في: باب من سأل عن ظهر غنى، من كتاب الزكاة. سنن ابن ماجه 1/ 589. والدارمى، في: باب من تحل له الصدقة، من كتاب الزكاة. سنن الدارمى 1/ 386. والإمام أحمد، في: المسند.2/ 164، 192، 377، 389، 4/ 62، 5/ 375.
(3)
سقط من: م.
(4)
تقدم تخريجه في صفحة 225.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لحاجَتِه، لا لحاجَةِ المسلمين إليه، فاعْتُبِرَتْ فيه الحاجَةُ، كمَن يأخُذُ لفَقْرِه. الثَّانِى، أن يأخُذَ لحَجَّةِ الفَرْضِ. وكذلك ذَكَرَه أبو الخَطّابِ؛ لأنَّه يَحْتاجُ إلى إسْقاطِ فَرْضِه وإبْراءِ ذِمَّتِه، أمّا التَّطَوُّعُ فله عنه مَنْدُوحَةٌ. وقال القاضى: ظاهِرُ كَلامِ أحمدَ جَوازُه في الفَرْضِ والنَّفْلِ معًا. وهو ظاهِرُ قَوْلِ الخِرَقِىِّ؛ لأنَّ الكلَّ مِن سَبِيلِ اللَّهِ، ولأنَّ الفَقِيرَ لا فَرْضٍ عليه، فالفَرْضُ منه كالتَّطَوُّعِ، فعلى هذا يَجُوزُ أن يُدْفَعَ ما يَحُجُّ به حَجَّة كاملةً، وما يُعِينُه في حَجِّه، ولا يجوزُ أن يَحُجَّ مِن زكاةِ نَفْسِه، كما لا يجوزُ أن يَغْزُوَ بها.