الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ مَا يُكْرَهُ وَمَا يُسْتَحَبُّ، وَحُكْمُ الْقَضَاءِ
يُكْرَهُ لِلصَّائِمِ أَنْ يَجْمَعَ رِيقَهُ فَيَبْلَعَهُ، وَأنْ يَبْتَلِعَ النُّخَامَةَ. وَهَلْ يُفْطِرُ بِهِمَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ.
ــ
بابُ ما يُكْرَهُ وما يُسْتَحَبُّ، وحُكْمُ القَضاءِ
1081 - مسألة: (ويُكْرَهُ للصّائِمِ أن يَجْمَعَ رِيقَه فيَبْلَعَه، وأن يَبْتلعَ النُّخامَةَ. وهل يُفْطِرُ بهما؟ على وَجْهَيْن)
لا يُفَطِّرُ ابْتِلاعُ الرِّيقِ إذا لم يَجْمَعْه، بغيرِ خِلافٍ نَعْلَمُه؛ لأنَّه لا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ منه، أشْبَهَ غُبارَ الطّرِيقِ. ويُكْرَهُ للصّائِمِ جَمْعُ رِيقِه وابْتِلاعُه؛ لإِمْكانِ التَّحَرُّزِ منه. فإن جَمَعَه ثم ابْتَلَعَه قَصْدًا، لم يُفَطِّرْه؛ لأنَّه يَصِلُ إلى جَوْفِه مِن مَعِدَتِه، أشْبَهَ إذا لم يَجْمَعْه. وفيه وَجْهٌ آخَرُ، أنَّه يُفَطِّرُه؛ لأنَّه أمْكَنَه التَّحَرُّزُ منه، أشْبَهَ ما لو قَصَد ابْتِلاعَ غُبارِ الطرَّيقِ. والأوَّلُ أصَحُّ؛ فإنَّ الرِّيقَ لا يُفَطِّر إذا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لم يَجْمَعْه، وإن قَصَد ابْتِلاعَه، فكذلك إذا جَمَعَه، بخِلافِ غُبارِ الطَّريقِ. فإن خَرَج ريقُه إلى ثَوْبِه، أو بينَ أَصابِعِه، أو بينَ شَفَتَيْه، ثم عاد فابْتَلَعَه، أو بَلَع رِيقَ غيرِه، أفْطَرَ؛ لأنَّه ابْتَلَعَه مِن غيرِ فَمِه، أشْبَهَ غيرَ الرِّيقِ. فإن قِيلَ: فقد رَوَتْ عائشةُ، أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم كان يُقَبِّلُها وهو صائِمٌ، ويَمُصُّ لِسانَها. رَواه أبو داودَ (1). قُلْنا: قد رُوِىَ عن أبى داودَ أنَّه قال: هذا إسْنادٌ ليس بصَحِيحٍ. ويَجُوزُ أن يَكُونَ يُقَبِّلُ في الصوم، ويَمُصُّ لِسانَها في غيرِه. ويَجُوزُ أن يَمُصَّه ثم لا يَبْتَلِعُه، ولأنَّه لم يَتَحَقَّقِ انْفِصالُ ما على لِسانِها مِن البَلَلِ إلى فَمِه، فأشْبَهَ ما لو تَرَك حَصاةً مَبْلُولَةً في فيه، أو لو تَمَضْمَضَ بماءٍ ثم مَجَّه. ولو تَرَك في فَمِه حَصاةً أو دِرْهَمًا فأخْرَجَه وعليه بِلَّةٌ مِن الرِّيقِ، ثم أعادَه في فِيه، نَظَرْتَ؛ فإن كان ما عليه مِن الرِّيقِ كَثِيرًا فابْتَلَعَه، أفْطَرَ، وإن كان يَسِيرًا لم يُفْطِرْ بابْتِلاعِ رِيقِه. وقال بعضُ أصحابِنا: يُفْطِرُ لابْتِلاعِه ذلك البَلَلَ الذى كان على الجِسْمِ.
(1) في: باب الصائم يبلع الريق، من كتاب الصيام. سنن أبى داود 1/ 556.
كما أخرجه الإمام أحمد، في: المسند 6/ 123، 234.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ولَنا، أنَّه لا يَتَحَقَّقُ انْفِصالُ ذلك البَلَلِ ودُخُولُه إلى حَلْقِه، كالمَضْمَضَةِ، والتَّسَوُّكِ بالسِّواكِ الرَّطْبِ والمَبْلُولِ. ويُقَوِّى ذلك حديثُ عائشةَ في مَصِّ لِسانِها. ولو أخْرَجَ لِسانَه وعليه بِلَّةٌ، ثم عاد فأدْخَلَه وابْتَلَعَ رِيقَه، لم يُفْطِرْ.
فصل: وإنِ ابْتَلَعَ النُّخامَةَ، فقد. روَى حَنْبَلٌ، قال: سَمِعْتُ أبا عبدِ اللهِ يَقُولُ: إذا تَنَخَّمَ ثم ازْدَرَدَه، فقد أفْطَرَ؛ لأنَّ النُّخامَةَ تَنْزِلُ مِن الرَّأْسِ، والرِّيقُ مِن الفَمِ. ولو تَنَخَّعَ مِن جَوْفِه ثم ازْدَرَدَه، أفْطَرَ. وهذا مَذْهَبُ الشافعىِّ؛ لأنَّه أمْكَنَ التَّحَرُّزُ منها، أشْبَهَ الدَّمَ، ولأنَّها مِن غيرِ الفَمِ، أشْبَهَ القَئَ. وفيه رِوايَةٌ أُخْرَى، لا يُفْطِرُ. فإنَّه قال، في رِوايَةِ المَرُّوذِىِّ: