الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالْحَامِلُ وَالْمُرْضِعُ اذَا خَافَتَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا، أَفْطَرَتَا، وَقَضَتَا، وَإِنْ خَافَتَا عَلَى وَلَدَيْهِمَا، أَفْطَرَتَا، وَقَضَتَا، وَأَطْعَمَتَا عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا.
ــ
أنَّه كان بَرَز (1) مِن البَلَدِ خارِجًا منه، فأتاه محمدُ بنُ كَعْبٍ في ذلك المَنْزِلِ.
1051 - مسألة: (والحامِلُ والمُرْضِعُ إذا خافَتا)
الضَّرَرَ (على أنْفُسِهما، أفْطَرَتَا، وقَضَتا، وإن خافَتا على وَلَدَيْهما، أفْطَرَتا، وقَضَتا، وأطْعَمَتا عن كل يومٍ مِسْكِينًا) وجُمْلَةُ ذلك، أنَّ الحامِلَ والمُرْضِعَ إذا خافَتا على أنْفُسِهما إذا صامَتا، فلهما الفِطْرُ، وعليهما القَضاءُ لا غيرُ. لا نَعْلَمُ فيه خِلافًا؛ لأنَّهُما بمَنْزِلَةِ المَرِيضِ الخائِفِ على نَفْسِه. وإن خافَتا على وَلَدَيْهِما، أفْطَرتا، وعليهما القَضاءُ، وإطْعامُ مِسْكِينٍ لكلِّ يومٍ.
(1) في الأصل: «نزر» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
رُوِى ذلك عن ابنِ عُمَرَ. وهو المَشْهُورُ مِن مَذْهَبِ الشافعىِّ. وقال اللَّيْثُ: الكَفّارَةُ على المُرضِعِ دُونَ الحامِلِ. وهو إحْدَى الرِّوايَتَيْن عن مالكٍ؛ لأنَّ المُرْضِعَ يُمْكِنُها أن تَسْتَرْضِعَ لوَلَدِها، بخِلافِ الحامِلِ، ولأنَّ الحَمْلَ مُتَّصِلٌ بالحامِلِ، والخَوْفُ عليه كالخَوْفِ على بعضِ أعضائِها. وقال الحسنُ، وعَطاءٌ، والزُّهْرِىُّ، وسعيدُ بنُ جُبَيْرٍ، والنَّخَعِىُّ، وأبو حنيفةَ: لا كَفّارَةَ عليهما؛ لِما روَى أنَسُ بنُ مالكٍ، رجلٌ مِن بنِى كَعْبٍ (1)، عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم، أنَّه قال:«إنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنِ الْمُسَافِرِ شَطْرَ الصَّلَاةِ، وَعَنِ الْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ الصَّوْمَ، أوِ الصِّيَامَ» . واللَّهِ لقد قالَهما رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أحَدَهما أو كِلَيْهما. رَواه النّسائِىُّ،
(1) أنس بن مالك الكعبى أبو أمية، نزل البصرة، ليس له عن النبى صلى الله عليه وسلم إلا هذا الحديث وله فيه قصة. الإصابة 1/ 129. أسد الغابة 1/ 150.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والتِّرْمِذِيُّ (1). وقال: حديثٌ حسنٌ. ولم يَأْمُرْ بكَفّارَةٍ، ولأنَّه فِطْرٌ أُبِيحَ لعُذْرٍ فلم يَجِبْ به كَفّارَةٌ، كالفِطْرِ للمَرَضِ. ولَنا، قولُ الله تِعالى:{وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} (2). وهما داخِلَتان في عُمُوم الآيَةِ. قال ابنُ عباسٍ: كانت رُخْصَةً للشَّيْخِ الكَبِيرِ والمرأةِ الكَبِيرَةَ، وهما يُطِيقان الصيامَ، أن يُفْطِرا، أو يُطْعِما مَكانَ كلِّ يومٍ مِسْكِينًا، والحُبلَى والمُرْضِعُ إذا خافَتَا على أوْلادِهما أفْطَرَتا، وأَطْعَمَتا. رَواه أبو داودَ (3). ورُوِىَ ذلك عن ابنَ عُمَرَ (4)، ولا مُخالِفَ لهما في الصحابةِ. ولأنَّه فِطْرٌ بسَبَبِ نَفْسٍ عاجِزَةٍ مِن طريقِ الخِلْقَةِ، فوَجَبَتْ به الكَفّارَةُ، كالشَّيْخِ الهِمِّ (5)، وخَبَرُهم لم يَتَعَرَّضْ للكَفّارَةِ، فكانت
(1) أخرجه الترمذي، في: باب ما جاء في الرخصة في الإفطار للحبلى والمرضع، من أبواب الصوم. عارضة الأحوذى 3/ 235. والنسائي، في: باب ذكر وضع الصيام عن المسافر. . . . إلخ، وباب ذكر اختلاف معاوية ابن سلام وعلى بن المبارك في هذا الحديث، وباب وضع الصيام عن الحبلى والمرضع، من كتاب الصيام. المجتبى 4/ 149، 151، 160.
كما أخرجه أبو داود، في: باب اختيار الفطر، من كتاب الصوم. سنن أبي داود 1/ 561. وابن ماجه، في: باب ما جاء في الإفطار للحامل والمرضع، من كتاب الصيام. سنن ابن ماجه 1/ 533. والإمام أحمد، في: المسند 4/ 347، 5/ 29.
(2)
سورة البقرة 184.
(3)
تقدم تخريجه في صفحة 365.
(4)
انظر: تفسير الطبري 2/ 133.
(5)
في الأصل: «الهرم» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مَوْقُوفَةً على الدلِيلِ، كالقَضاءِ، فإنَّ الحديثَ لم يَتَعَرَّضْ له، والمَرِيضُ أخَفُّ حالًا مِن هاتَيْن؛ لأنَّه يُفْطِرُ بسَبَبِ نَفْسِه. إذا ثَبَت هذا، فإنَّ الواجِبَ في طعامِ المِسْكِينِ مُدُّ بُرٍّ، أو نِصْفُ صاعِ شَعِيرٍ. والخِلافُ فيه كالخِلافِ في إطعامِ المساكينِ في كَفّارَةِ الجِماعِ، على ما يُذْكَرُ في مَوْضِعِه.
فصل: ويَجِبُ عليهما القَضاءُ مع الإِطْعامِ. وقال ابنُ عُمَرَ، وابنُ عباسٍ: لا قَضاءَ عليهما؛ لأنَّ الآيَةَ تَناوَلَتْهما، وليس فيها إلَّا الِإطعامُ، ولأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:«إنَّ اللهَ وَضَعَ عَنِ الْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ الصَّوْمَ» . ولَنا، أنَّهما يُطِيقانِ القضاءَ، فلَزِمَهما، كالحائِضِ والنُّفَساءِ، والآيَةُ أوْجَبَتِ الإِطْعامَ، ولم تَتَعَرَّضْ للقَضاءِ، وأخَذْناه مِن دَلِيلٍ آخَرَ. والمُرادُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بوَضْعِ الصومِ، وَضْعُه في مُدَّةِ عُذْرِهما، كما جاء في حديثِ عَمْرِو بنِ أُمَيَّةَ، عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم:«إنَّ اللهَ وَضَعَ عَنِ الْمُسَافِرِ الصَّوْمَ» (1). ولا يُشْبِهان الشيخَ الهِمَّ (2)؛ لأنَّه عاجِزٌ عن القَضاءِ، وهما يَقْدِران عليه. قال أحمدُ: أذْهَبُ إلى حديثِ أبي هُرَيْرَةَ. يَعْنِى، ولا أقولُ بقولِ ابنِ عُمَرَ وابنِ عباسٍ في مَنْعِ القَضاءِ.
فصل: فإن عَجَزَتا عن الإِطْعامِ، سَقَط عنهما بالعَجْزِ، ككَفّارَةِ الوَطْءِ، بل السُّقُوطُ ههُنا أوْلَى؛ لوُجُودِ العُذْرِ. ذَكَره شيخُنا في «الكافِى». وقِيلَ: لا يَسْقُطُ. وقد ذَكَرْناه. وقال صاحِبُ
(1) أخرجه النسائى، في: باب ذكر وضع الصيام عن المسافر، من كتاب الصيام. المجتبى 4/ 149، 150.
(2)
في الأصل: «الهرم» .