الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإذَا كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ شُرَكَاءَ، فَعَلَيْهِمْ صَاعٌ. وَعَنْهُ، عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ صَاعٌ. وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ في مَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ.
ــ
952 - مسألة: (وإذا كان العَبْدُ بينَ شُرَكاءَ، فعليهم صاعٌ. وعنه، على كُلِّ واحِدٍ صاعٌ. وكذلك الحُكْمُ في مَن بَعْضُه حُرٌّ)
فِطْرَةُ العَبْدِ المُشْتَرَكِ واجِبَةٌ على مَوالِيه. وبه قال مالكٌ، ومحمدُ بنُ مَسْلَمَةَ (1)، وعبدُ المَلِكِ، والشافعىُّ، ومحمدُ بنُ الحسنِ، وأبو ثَوْرٍ. وقال الحسنُ، وعِكْرِمَةُ، والثَّوْرِىُّ، وأبو حنيفةَ، وأبو يُوسُفَ: لا فِطْرَةَ على واحِدٍ منهم؛ لأنَّه ليس عليه لأحَدٍ منهم وِلايةٌ تامَّةٌ، أشبَهَ المُكاتَبَ. ولَنا، عُمُومُ الأحادِيثِ، ولأنَّه عَبْدٌ مسلمٌ مَمْلُوكٌ لمَن يَقْدِرُ على الفِطْرَةِ وهو مِن أهلِها فلَزِمَتْه، كمَمْلُوكِ الواحِدِ، وفارَقَ المُكاتَبَ، فإنَّه لا يَلْزَمُ سَيِّدَه مُؤْنَتُه، ولأنَّ المُكاتَبَ يُخْرِجُ عن نَفْسِه زكاةَ الفِطْرِ، بخلافِ القِنِّ، والوِلايةُ غيرُ مُعْتَبَرَةٍ في وُجُوبِ الفِطْرَةِ، بدَلِيلِ عَبْدِ الصَّبِىِّ، ثم إنَّ وِلايتَه للجَمِيعِ،
(1) في م: «سلمة» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فتَكُونُ فِطْرَتُه عليهم. واخْتَلَفَتِ الرِّوايَةُ في قَدْرِ الواجِبِ على كُلِّ واحِدٍ منهم، ففى إحْداهما، على كُلِّ واحِدٍ صاعٌ؛ لأنَّها طُهْرَةٌ، فوَجَبَ تَكْمِيلُها على كُلِّ واحِدٍ مِن الشُّرَكاءِ، ككفّارَةِ القَتْلِ. والثانيةُ، على الجَمِيعِ صاعٌ واحِدٌ، على كُلِّ واحِدٍ بقَدْرِ مِلْكِه فيه. هذا الظّاهِرُ عن أحمدَ. قال فَوْزانُ (1): رَجَع أحمدُ عن هذه المَسْألَةِ، وقال: يُعْطِى كُلُّ واحِدٍ منهم نِصْفَ صاعٍ. يَعْنِي رَجَعِ عن إيجابِ صاعٍ كامِلٍ على كُل واحِدٍ. وهذا قَوْلُ سائِرِ مَن أوْجَبَ فِطْرَته على سادَتِه؛ لأنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم أوْجَبَ صاعًا عن كُلِّ واحِدٍ. وهذا عامٌّ في المُشْتَرَكِ وغيرِه، ولأنَّ نَفَقَتَه تُقْسَمُ عليهم، فكذلك فِطْرَتُه التّابِعَةُ لها، ولأنَّه شَخْصٌ واحِدٌ، فلم يَجِبْ عنه أكثَرُ مِن صاعٍ، كسائِرِ الناسِ، ولأنَّها طُهْرَةٌ، فوَجَبَتْ على سادَتِه بالحِصَصِ، كماءِ الغُسْلِ مِن الجَنابَةِ إذا احْتِيجَ إليه. وبهذا يَنْتَقِضُ ما ذَكَرْناه للرِّوايَةِ الأُولَى.
فصل: ومَن بَعْضُه حُرٌّ، ففِطْرَتُه عليه وعلى سَيِّدِه. وبه قال الشافعىُّ،
(1) هو عبد اللَّه بن محمد بن المهاجر، كان الإمام أحمد يجله، وكان من أصحابه الذين يقدمهم، ويأنس بهم، ويخلو إليهم، ويستقرض منهم، توفى سنة ست وخمسين ومائتين. طبقات الحنابلة 1/ 195، 196.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وأبو ثَوْرٍ. وقال مالكٌ: على الحُرِّ بحِصَّتِه، وليس على العَبْدِ شئٌ. ولَنا، أنَّه مسلمٌ تَلْزَمُ مُؤْنَتُه شَخْصَيْن مِن أهْلِ الفِطْرَةِ، فكانت فِطْرَتُه عليهما، كالمُشْتَرَكِ، وهل يَلْزَمُ كُلَّ واحِدٍ منهما صاعٌ أو بالحِصَصِ؟ يَنْبَنِى على ما ذَكَرْنا في العَبْدِ المُشْتَرَكِ، فإن كان أحَدُهما مُعْسِرًا فلا شئَ عليه، وعلى الآخَرِ (1) القَدْرُ الواجِبُ عليه، فإن كان بينَ السَّيِّدِ والعَبْدِ مُهايَأةٌ، أو كان المُشْتَرِكُون في العَبْدِ قد تَهايئُوا عليه، لم تَدْخُلِ الفِطْرَةُ في المُهايَأةِ؛ لأنَّ المُهايأةَ مُعاوَضَةُ كَسْبٍ بكَسْبٍ، وِالفِطْرَةُ حَقٌّ للَّهِ تعالى، فلم تَدْخُلْ في ذلك، كالصلاةِ. ولو ألْحَقَتِ القافَةُ (2) وَلَدًا
(1) في م: «الأحرار» .
(2)
القافة جمع قائف، وهو الذى يتبع الأثر، ومنه قيل للذي ينظر إلى شبه الولد بأبيه قائف. تهذيب اللغة 9/ 330.