الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإنْ نَوَى الْحَاضِرُ صَوْمَ يَوْمٍ، ثُمَّ سَافَرَ في أَثْنَائِهِ، فَلَهُ الْفِطْرُ. وَعَنْهُ، لَا يَجُوزُ.
ــ
1050 - مسألة: (وإن نَوَى الحاضِرُ صومَ يَوْمٍ، ثم سافَرَ في أثْنائِه، فله الفِطْرُ. وعنه، لا يُباحُ)
إذا سافَرَ في أثْناءِ يَوْمٍ مِن رمضانَ، فهل له فِطْرُ ذلك اليومِ؟ فيه رِوايَتان؛ أصَحُّهما، جَوازُ الفِطْرِ. وهو قولُ عَمْرِو ابنِ شُرَحْبِيلَ، والشَّعْبِىِّ، وإسحاقَ، وداودَ، وابنِ المُنْذِرِ. والثانيةُ، لا يُباحُ له فِطْرُ ذلك اليوم. وهو قولُ مَكْحُولٍ، والزُّهْرِىِّ، ويَحْيَى الأنْصارِىِّ، ومالكٍ، والأَوْزاعِىِّ، والشافعىِّ، وأصحابِ الرَّأْى؛ لأنَّ الصومَ عِبادَةٌ تَخْتَلِفُ بالحَضَرِ والسَّفَرِ، فإذا اجْتَمَعا فيها غَلَب حُكْمُ الحَضَرِ، كالصلاةِ. ولَنا، ما روَى عُبَيْدُ بنُ جُبَيْرٍ، قال: رَكِبْتُ مع أبى بَصْرَةَ الغِفارِىِّ في سَفِينَةٍ مِن الفُسْطاطِ في شَهْرِ رمضانَ، فدَفَعَ، ثم قُرِّبَ غَداه، فلم يُجاوِزِ البُيُوتَ حتى دَعا بالسُّفْرَةِ، ثم قال: اقْتَرِبْ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قُلْتُ: ألستَ تَرَى البُيُوتَ؟ قال أبو بَصْرَةَ: أتَرْغَبُ عن سُنَّةِ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ رَواه أبو داودَ (1). ولأنَّه أحَدُ الأمْرَيْن المَنْصُوصِ عليهما في إباحَةِ الفِطْرِ، فإذا وُجِد في أثْناءِ النَّهارِ أباحَه، كالمَرَضِ، وقِياسُهم على الصَّلاةِ لا يَصِحُّ، فإنَّ الصومَ يُفارِقُ الصلاةَ؛ لأنَّ الصلاةَ يَلْزَمُ إتْمامُها بنِيَّتِها، بخِلافِ الصومِ. إذا ثَبَت هذا، فإنَّه لا يُباحُ له الفِطْرُ حتى يُخَلِّفَ البُيوتَ وراء ظَهْرِه، ويَخْرُجَ مِن بينِ بُنْيانِها. وقال الحسنُ: يُفْطِرُ في بَيْتِه إن شاء يومَ يُرِيدُ الخُروجَ. ورُوِىَ نَحْوُه عن عَطاءٍ. قال ابنُ عبدِ البَرِّ: قولُ الحسنِ قولٌ شاذٌّ، وقد رُوِى عنه خِلافُه. ووَجْهُه ما روَى محمدُ بنُ كَعْبٍ، قال: أتَيْتُ أنَسَ بنَ مالكٍ في رمضانَ، وهو يُرِيدُ سَفَرًا، وقد رُحِّلَتْ له راحِلَتُه، ولَبِس ثِيابَ السَّفَرِ، فدَعا بطَعام فأكَلَ، فَقُلْتُ له: سُنَّةٌ؟ فقالَ: سُنَّةٌ. ثم رَكِب. رَواه التِّرْمِذِىُّ (2)، وقال: حديثٌ حسنٌ. ولَنا، قولُه تعالى:{فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} . وهذا شاهِدٌ، ولا يُوصَفُ بكَوْنِه مُسافِرًا حتى يَخْرُجَ مِن البَلَدِ، ومَهْما كان في البَلَدِ فله أحْكامُ الحاضِرِين، ولذلك لا يَقْصُرُ الصلاةَ. فأمّا أنَسٌ فيَحْتَمِلُ
(1) تقدم تخريجه في 5/ 44.
(2)
في: باب من أكل ثم خرج يريد سفرًا، من أبواب الصوم. عارضة الأحوذى 4/ 12، 13.