الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَا يَصِحُّ الِاعْتِكَافُ إِلَّا فِي مَسْجِدٍ يُجْمَعُ فِيهِ، إِلَّا الْمَرْأَةَ لَهَا الِاعْتِكَافُ فِي كُلِّ مَسْجِدٍ إِلَّا مَسْجِدَ بَيْتِهَا.
ــ
مُهايَأَةٌ، فلسَيِّدِه مَنْعُه؛ لأَنَّ له مِلْكًا في منافِعِه في جَمِيعِ الأَوْقاتِ.
فصل: ولا يَصِحُّ بغيرِ نِيَّةٍ؛ لأنَّه عِبادَةٌ مَحْضَةٌ، أَشْبَهَ الصومَ. وإن كان فَرضًا لَزِمَه نِيَّةُ الفَرْضِيَّةِ؛ ليَتَمَيَّزَ عن التَّطَوُّعِ، فإن نَوَى الخُرُوجَ منه، ففيه وَجْهان؛ أَحَدُهما، يَبْطُلُ، كما لو قَطَع نِيَّةَ الصومِ. والثانى، لا يَبْطُلُ؛ لأنَّها قُرْبَةٌ تَتَعَلَّقُ بمَكانٍ، فلا يَخْرُجُ منها بنِيَّةِ الخُرُوجِ، كالحَجِّ.
1113 - مسألة: (ولا يَجُوزُ الاعْتِكافُ إلَّا في مَسْجِدٍ يُجْمَعُ فيه، إلَّا المَرْأَةَ لها الاعْتِكافُ في كلِّ مسجدٍ إلَّا مسجدَ بَيْتِها)
لا يَجُوزُ للرجلِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الاعْتِكافُ في غيرِ مَسْجِدٍ، لا نَعْلَمُ فيه خِلافًا بينَ أهْلِ العلمِ؛ لقَوْلِ اللهِ تعالى:{وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} (1). فخَصَّها بذلك، ولو صَحَّ الاعْتِكافُ في غيرِها، لم يَخْتَصَّ بتَحْرِيمِ المُباشَرَةِ فيها؛ فإنَّ المُباشَرَةَ مُحَرَّمَةٌ في الاعْتِكافِ مُطْلَقًا. وفي حَدِيثِ عائِشَةَ، قالت: إن كان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ليُدْخِلُ إِلىَّ رَأْسَه وهو في المَسْجِدِ، فأُرَجِّلُه، وكان لا يَدْخُلُ البَيْتَ إلَّا لحاجَةٍ إذا كان مُعْتَكِفًا (2). وقَوْلُه: إلَّا في مَسْجِدٍ يُجْمَعُ فيه. أي تُقامُ فيه الجَماعَةُ. وإنَّما اشْتَرَطَ ذلك؛ لأنَّ الجَماعَةَ واجِبَةٌ، فاعْتِكافُ الرجلِ في مَسْجِدٍ لا تُقامُ فيه يُفْضِى إلى أحَدِ أمْرَيْن؛ إمّا تَرْكُ الجَماعَةِ الواجِبَةِ، وإمّا خُرُوجُه إليها، فيَتَكَرَّرُ ذلك منه كَثِيرًا، مع إمْكانِ التَّحَرُّزِ منه، وذلك مُنافٍ للاعْتِكافِ، إذ هو لُزُومُ الإِقامَةِ في المَسْجِدِ على طاعَةِ اللهِ. فعلى هذا يجوزُ الاعْتِكافُ في كلِّ مَسْجِدٍ تُقامُ فيه الجَماعَةُ. ورُوِىَ عن حُذَيْفَةَ، وعائِشَةَ، والزُّهْرِىِّ، ما يَدُلُّ على هذا. واعْتَكَفَ أبو قِلابَةَ، وسَعِيدُ بنُ جُبَيْرٍ في مَسْجِدِ حَيِّهما. ورُوِىَ عن عائِشَةَ، والزُّهْرِىِّ، أنَّه لا يَصِحُّ إلَّا في مَساجِدِ الجماعاتِ.
(1) سورة البقرة 187.
(2)
أخرجه البخاري، في: باب لا يدخل البيت إلا لحاجة، من كتاب الاعتكاف. صحيح البخاري 3/ 63. ومسلم، في: باب جواز غسل الحائض رأس زوجها. . . .، من كتاب الحيض. صحيح مسلم 1/ 244. والترمذى، في: باب المعتكف يدخل البيت لحاجته، من أبواب الصوم. عارضة الأحوذى 4/ 16. والإمام مالك، في: باب ذكر الاعتكاف، من كتاب الاعتكاف. الموطأ 1/ 312. والإمام أحمد، في: المسند 6/ 81، 104، 181، 189، 204، 234، 235، 247، 262، 264، 272.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وهو قَوْلُ الشافعىِّ، إذا كانتِ الجُمُعَةُ تَتَخَلَّلُ اعْتِكافَه؛ لئَلَّا يَلْتَزِمَ الخُرُوجَ مِن مُعْتَكَفِهِ لِما يُمْكِنُه التَّحَرُّزُ مِن الخُرُوجِ إليه. ورُوِىَ عن حُذَيْفَةَ، وسَعِيدِ بنِ المُسَيَّبِ: لا يَجُوزُ الاعْتِكافُ إلَّا في مَسْجِدِ نَبِىٍّ (1). وحُكِىَ عن حُذَيْفَةَ، أنَّ الاعْتِكافَ لا يَصِحُّ إلَّا في أحَدِ المَساجِدِ الثَّلاثَةِ. قال سَعِيدٌ: ثَنَا مُغِيرَةُ، عن إبراهيمَ، قال: دَخَل حُذَيْفَةُ مَسْجِدَ الكُوفَةِ، فإذا هو بِأبْنِيَةٍ مَضْرُوبَةٍ، فسَألَ عنها، فقيل: قَوْمٌ مُعْتَكِفُون. فانْطَلَقَ إلى ابنِ مسعودٍ، فقال: ألَا تَعْجَبُ مِن قَوْمٍ يَزْعُمُون أنَّهُم مُعْتَكِفُون بينَ دارِك ودارِ الأشْعَرِىِّ؟ فقال عبدُ اللهِ: لَعَلَّهُم أصابُوا وأخْطَأْتَ، وحَفِظُوا ونَسِيتَ. فقال حُذَيْفَةُ: لقد عَلِمْتُ ما الاعْتِكافُ إِلَّا في ثلاثَةِ مَساجِدَ؛ المَسْجِدِ الحرامِ، والمَسْجِدِ الأَقْصَى، ومَسْجِدِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم (2). وقال مالكٌ: يَصِحُّ الاعْتِكافُ في كُلِّ مَسْجِدٍ؛ لعُمومِ قولِه: {وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} . وهو قَوْلُ الشافعىِّ إذا لم يَتَخَلَّلِ اعْتِكافَه جُمُعَةٌ. ولنا، ما روَى الدّارَقُطْنِىُّ (3) بإسْنادِه، عن الزُّهْرِىِّ، عن
(1) انظر مصنف ابن أبي شيبة 3/ 90 - 92. فقد أخرج هذه الآثار وغيرها.
(2)
أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه 3/ 91. وعبد الرزاق في مصنفه 4/ 347، 348. وعزاه الهيثمي إلى الطبرانى في الكبير، وقال: إبراهيم لم يدرك حذيفة. مجمع الزوائد 3/ 173. وأخرجه عبد الرزاق عن أبي وائل عن حذيفة.
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة في الموضع السابق أيضًا عن عبد الله بن مسعود، أنه كان لا يرى رأى حذيفة، ولعل هذا ما قصده بقوله له في الأثر المتقدم: لعلهم أصابوا وأخطأت، وحفظوا ونسيت.
(3)
أخرجه الدارقطنى، في: باب الاعتكاف، من كتاب الصيام. سنن الدارقطنى 2/ 201. والبيهقي، في: باب الاعتكاف في المسجد، من كتاب الصيام. السنن الكبرى 4/ 315. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عُرْوَةَ، وسَعِيدِ بنِ المُسَيَّبِ، عن عائِشَةَ، أنَّ السُّنَّةَ للمُعْتَكِفِ أن لا يَخْرُجَ إلَّا لحاجَةِ الِإنْسانِ، ولا اعْتِكافَ إلَّا في مَسْجِدِ جَماعَةٍ. وهو يَنْصَرِف إلى سُنَّةِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. وروَى سَعِيدٌ: ثَنَا هُشَيْمٌ، أنا جُوَيْبِرُ (1)، عن الضَّحّاكِ، عن حُذَيْفَةَ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ مَسْجدٍ لَهُ إِمَامٌ وَمُؤذِّنٌ، فَالِاعْتِكَافُ فِيهِ يَصْلُحُ» (2). ولأنَّ قَوْلَه: {وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} . يَقْتَضِى إباحَةَ الاعْتِكافِ في كلِّ مَسْجِدٍ، إلَّا أنَّه يُقَيَّدُ بما تُقامُ فيه الجَماعَةُ بالأخْبارِ والمَعْنَى الذى ذَكَرْناه، فيَبْقَى على العُمُومِ فيما عَداه. واشْتَرَطَ الشافعىُّ أن يكونَ المَسْجِدُ مِمّا تُقامُ فيه الجُمُعَةُ، وهذا مُخالِفٌ للأخْبارِ المَذْكُورةِ، والجُمُعَةُ لا تَتَكَرَّرُ، فلا يَصِحُّ قِياسُها على الجَماعَةِ، ولا يَضُرُّ الخُرُوجُ إليها، كاعْتِكافِ المرأةِ مُدَّةً يتَخَلَّلُها أيَّامُ حَيْضِها. ولو كان الجامِعُ تُقامُ فيه الجُمُعَةُ وَحْدَها، لم يَجُزِ اعْتِكافُ الرجلِ فيه عندَنا. ويَصِحُّ عند مالكٍ، والشافعىِّ. ومَبْنَى ذلك
= كما أخرجه أبو داود، في: باب المعتكف يعود المريض، من كتاب الصوم. سنن أبى داود 1/ 575، 576. وعنده:«مسجد جامع» بدل «مسجد جماعة» . والحديث إسناده صحيح. انظر إرواء الغليل 4/ 139، 140.
(1)
في النسخ: «جرير» خطأ. والصواب من سنن الدارقطنى. وهو جويبر بن سعيد الأزدى. انظر ترجمته في: تهذيب التهذيب 2/ 123.
(2)
أخرجه الدارقطنى في الباب السابق. سنن الدارقطنى 2/ 200. وقال: الضحاك لم يسمع من حذيفة. وأورده السيوطى في الجامع الصغير ورمز لضعفه، ونقل صاحب فيض القدير عن الذهبى أن هذا الحديث في نهاية الضعف، وفيه راو متهم بوضع الحديث. فيض القدير 5/ 30.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
على أنَّ الجَماعَةَ واجِبَةٌ عندنا، فَيَلْزَمُ الخُروجُ إليها، وليست واجِبَةً عندَهم.
فصل: فإن كان اعْتِكافُه في مدَّةٍ غيرِ وَقْتِ الصلاةِ؛ كلَيْلَةٍ أو بَعْضِ يَوْمٍ، جاز في كلِّ مَسْجِدٍ؛ لعَدَمِ المانِعِ. وإن كان تُقامُ فيه في بَعْض الزَّمانِ، جاز الاعْتِكافُ فيه في ذلك الزَّمَنِ دُونَ غيرِه. وإن كان المُعْتَكِفُ مِمَّنْ لا تَلْزَمُه الجماعَةُ؛ كالمَرِيضِ، والمَعْذُورِ، ومَنْ هو في قَرْيَةٍ لا يُصَلِّى فيها غيرُه، جاز اعْتِكافُه في كُلِّ مَسْجِدٍ؛ لأنَّ الجَماعَةَ ساقِطَةٌ عنه، أشْبَهَ المرأةَ. ويَحْتَمِلُ أن لا يجوزَ ذلك للمَرِيضِ، والمَعْذُورِ؛ لأنَّه مِن أهْلِ الجَماعَةِ، فأشْبَهَ مَن تَجِبُ عليه، ولأنَّه إذا الْتَزَمَ الاعْتِكافَ، وكَلَّفَه نَفْسَه، فيَنبَغِى أن يَجْعَلَه في مكانٍ تُصَلَّى فيه الجَماعَةُ، ولأن من الْتَزَمَ ما لا يَلْزَمُه، لا يَصِحُّ بدُونِ شَرْطِه، كالمُتَطَوِّعِ بالصلاةِ. والأوَّلُ أوْلَى؛ لأنَّ مَن لا تَجِبُ عليه الجَماعَةُ لا يَجِبُ عليه الخُروجُ إليها، فلا يَفُوتُ شَرْطُ الاعْتِكافِ. ولو اعْتَكَفَ اثْنان أو أكْثَرُ في مَسْجِدٍ لا تُقامُ فيه الجَماعَةُ، فأقَاما الجَماعَةَ، صَحَّ اعْتِكافُهُم، لأنَّهُما أقاما الجَماعَةَ، أشْبَهَ ما لو أقامَها غيرُهما.
فصل: فأمّا المرأةُ، فيَجُوزُ اعْتِكافُها في كلِّ مَسْجِدٍ؛ لأنَّ الجَماعَةَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لا تَجِبُ عليها. وبهذا قال الشافعىُّ. وليس لها الاعْتِكافُ في بَيْتِها. وقال أبو حنيفةَ، والثَّوْرِىُّ: لها الاعْتِكافُ في مَسْجِدِ بَيْتِها، وهو المَكانُ الذى جَعَلَتْه للصلاةِ منه (1). واعْتِكافُها فيه أفْضَلُ، كصلاِتها فيه. وحُكِىَ عن أبى حَنِيفَةَ، أنَّه لا يَصِحُّ اعْتِكافُها في مَسْجِدِ الجَماعَةِ؛ لأنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم تَرَك الاعْتِكافَ في المَسْجِدِ، لمّا رَأى أبنِيَةَ أزْواجِه فيه، وقال:«آلْبِرَّ أرَدْتُنَّ؟» (2). ولأنَّ مَسْجِدَ بَيْتِها مَوْضِعُ فَضِيلَةِ صلاتِها، فكان مَوْضِعَ اعْتِكافِها، كالمَسْجدِ في حَقَّ الرجلِ. ولنا، قَوْلُه تعالى:{وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} . والمُرادُ بها المَواضِعُ التى بُنِيَتْ للصلاةِ فيها، ومَوْضِعُ صلاِتها في بَيْتِها ليس بمَسْجدٍ؛ لأنَّه لم يُبْنَ للصلاةِ فيه، وتَسْمِيَتُه مَسْجِدًا مَجازٌ، فلا يَثْبُتُ له أحْكاَمُ المَساجِدِ الحَقِيقِيَّةِ، بدَلِيل جَوازِ لُبْثِ الجُنُبِ فيه، وصار كقَوْلِه عليه السلام:«جُعِلَتْ لِىَ الأرْضُ مَسْجِدًا» (3). ولأنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم حينَ اسْتَأْذَنَه أزْواجُه في الاعتِكافِ في
(1) في الأصل: «فيه» .
(2)
تقدم تخريجه في صفحة 564.
(3)
تقدم تخريجه في 1/ 34.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المَسْجِدِ أذِن لهُنَّ، ولو لم يَكُنْ مَوْضِعًا لاعْتِكافِهِنَّ، لَمَا أذِن فيه، ولو كان الاعْتِكافُ في غيرِه أفْضَلَ، لنَبَّهَهُنَّ عليه، ولأنَّ الاعْتِكافَ قُرْبَة يُشْتَرَطُ لها المَسْجِدُ في حَقِّ الرَّجُلِ، فيُشْتَرَطُ في حَقِّ المرأةِ، كالطَّوافِ. وحَدِيثُ عائِشَةَ قد بَيَّنّا أنَّهُ حُجَّةٌ لنا، وإنَّما كَرِه اعْتِكافَهُنَّ في تلك الحالِ، حيث كثُرَتْ أبنِيَتُهُنَّ؛ لِما رَأى مِن مُنافَسَتِهِنَّ، فكَرِهَه لَهُنَّ؛ خَشْيَةً عَلَيْهِنَّ مِن فَسادِ نِيَّتهِنَّ، ولذلك قال:«آلْبِرَّ أردْتُنَّ؟» مُنْكِرًا لذلك، أى لم تَفْعَلْنَ ذلك تَبَرُّرًا، ولو كان للمَعْنَى الذى ذَكَرُوه، لأمَرَهُنَّ بالاعْتِكافِ في بُيُوتِهِنَّ، ولم يَأْذَنْ لَهُنَّ في المَسْجِدِ. وأمّا الصلاةُ، فلا يَصِحُّ اعْتِبارُ الاعْتِكافِ بها، فإنَّ صلاةَ النّافِلَةِ للرَّجُلِ في بَيْتِه أفْضَل، ولا يَصِحُّ اعْتِكافُه فيه بالاتِّفاقِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: إذا اعْتَكَفَتِ المرأةُ في المَسْجِدِ، اسْتُحِبَّ لها أن تَسْتَتِرَ بشَئٍ؛ لأنَّ أزْواجَ النبىِّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا أرَدْنَ الاعْتِكافَ أمَرْنَ بأبْنِيَتهِنَّ فَضُرِبَتْ في المَسْجِدِ، ولأنَّ المَسْجِدَ يَحْضُرُه الرِّجالُ، وخَيْرٌ لهم وللنِّساءِ أن لا يَرَى بَعْضُهم بَعْضًا. وإذا ضَرَبَتْ بِناءً جَعَلَتْه في مكانٍ لا يُصَلِّى فيه الرِّجالُ، لِئَلَّا تَقْطَعَ صُفُوفَهم، وتُضَيِّقَ عليهم. ولا بَأْسَ أنْ يَسْتَتِرَ الرجلُ أيضًا؛ فإنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم أمَر ببِنائِه فضُرِبَ، ولأنَّه أَسْتَرُ لها وأخْفَى لعَمَلِه. وروَى ابنُ ماجه (1)، عن أبى سَعِيدٍ، أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم اعْتَكَفَ في قُبَّةٍ تُرْكِيَّةٍ، على سُدَّتِها (2) قِطْعَةُ حَصِيرٍ. قال: فأخَذَ الحَصِيرَ بِيدِه، فنَحَّاها في ناحِيَةِ القُبَّةِ، ثم أطْلَعَ رَأْسَه، فكَلَّمَ النّاسَ.
(1) في: كتاب الاعتكاف في خيمة المسجد، من كتاب الصيام. سنن ابن ماجه 1/ 564.
كما أخرجه مسلم، في: باب فضل ليلة القدر. . . .، من كتاب الصيام. صحيح مسلم 2/ 825.
(2)
السدة: باب الدار.