الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإنْ عَجَّلَها ثُمَّ هَلَكَ الْمَالُ قَبْلَ الْحَوْلِ، لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْمِسكِينِ. وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: إِنْ كَانَ الدَّافِعُ السَّاعِىَ، أوْ أَعْلَمَهُ أَنَّهَا زَكَاةٌ مُعَجَّلَةٌ، رَجَعَ عَلَيْهِ.
ــ
989 - مسألة: (وإن عَجَّلَها ثمْ هَلَك
(1) المالُ، لم يَرْجِعْ على الآخِذِ. وقال ابنُ حامِدٍ: إن كان الدّافِعُ السّاعِىَ، أو أعْلَمَه أنَّها زكاةٌ مُعَجَّلةٌ رَجَع عليه) وجُمْلَةُ ذلك أنَّ مَن عَجَّلَ زكاةَ مالِه، فدَفَعَها إلى مُسْتَحِقِّها، ثم تَلِف المالُ أو بعضُه، فنَقَص النِّصابِ قبلَ الحَوْلِ، أو تَغَيَّرَ حالُ رَبِّ المالِ بمَوْتٍ أو رِدَّةٍ، أو باع النِّصابَ، فقال أبو بكرٍ: لا يَرْجِعُ بها على الفَقِيرِ، سَواءٌ أعْلَمَه أنَّها زكاةٌ مُعَجَّلَةٌ أو لم يُعْلِمْه.
(1) في م: «تلف» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قال القاضى: وهو المَذْهَبُ عندى؛ لأنَّها وصَلَتْ إلى الفَقِيرِ فلم يكنْ له ارْتِجاعُها، كما لو لم يُعْلِمْه، ولأنَّها زكاة دُفِعَتْ إلى مُسْتَحِقِّها، فلم يَجُزِ ارْتِجاعُها، كما لو تَغَيَرّ حَالُ الآخِذِ وَحْدَه. وقال أبو عبدِ اللَّهِ ابنُ حامِدٍ: إن كان الدّافِعُ لها السّاعِىَ، اسْتَرْجَعَها بكلِّ حالٍ، وإن كان رَبَّ المالِ، وأعْلَمَه أنَّها زكاةٌ مُعَجَّلَةٌ، رَجَع بها، وإن أطْلَقَ لم يَرْجِعْ. وهذا مَذْهَبُ الشافعىِّ؛ لأنَّه مالٌ دَفَعَه عن ما يَسْتَحِقُّه القابِضُ [في الثانى](1)، فإذا طَرَأ ما يَمْنَعُ الاسْتِحْقاقَ، وَجَب رَدُّه، كالأُجْرَةِ إذا انْهَدَمَتِ الدارُ قبلَ السُّكْنَى، أمّا إذا لم يُعْلِمْه فيَحْتَمِلُ أن يكونَ تَطَوُّعًا، ويَحْتَملُ أن يكونَ هِبَةً، فلم يُقْبَلْ قَوْلُه في الرُّجُوعِ. فعلى قولِ ابنِ حامِدٍ، إن كانتِ العَيْنُ لم تَتَغَيَّرْ أخَذَها، وإن زادَتْ زِيادَةً مُتَّصِلَةً أخَذَها (2) بزِيادَتِها؛ لأنَّها تَتْبَعُ في الفُسُوخِ، وإن كانت مُنْفَصِلَةً، أخَذَها دُونَ زِيادَتِها؛ لأنَّها حدَثَتْ
(1) سقط من: الأصل.
(2)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
في مِلْكِ الفَقِيرِ. وإن كانت ناقِصَةً، رَجَع على الفَقِيرِ بالنَّقْصِ؛ لأنَّ الفَقِيرَ قد مَلَكَها بالقَبْضِ، فكان نَقْصُها عليه، كالمَبِيعِ إذا نَقَص في يَدِ المُشْتَرِى، ثم عَلِم عَيْبَه. وإن كانت تالِفَةً أخَذَ قِيمَتَها يَوْمَ القَبْضِ؛ لأنَّ ما زاد بعدَ ذلك أو نَقَص فإنَّما هو في مِلْكِ الفَقِيرِ، فلم يَضْمَنْه، كالصَّداقِ يَتْلَفُ في يَدِ المَرْأةِ، فإن تَغَيَّرَ حالُهما، فهو كما لو تَغَيَّرَ حالُ رَبِّ المالِ سَواءٌ.
فصل: إذا قال رَبُّ المالِ: قد أعْلَمْتُه أنَّها زَكاةٌ مُعَجَّلَةٌ، فَلِىَ الرُّجُوعُ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وأَنْكَرَ الآخِذُ، فالقَوْلُ قَوْلُه؛ لأنَّه مُنْكِر، والأصْلُ عَدَمُ الإِعْلامِ، وعليه اليَمِينُ. وإن مات الآخِذُ واخْتَلَفَ وارِثُه والمُخْرِجُ، فالقَوْلُ قَوْلُ الوارِثِ، ويَحْلِفُ أنَّه لا يَعْلَمُ أنَّ مَوْرُوثَه أعْلَمَ بذلك.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: إذا تَسَلَّفَ الإِمامُ الزكاةَ، فهَلَكَتْ في يَدِه، فلا ضَمانَ عليه، وكانت مِن ضَمانِ الفُقَراءِ. ولا فَرْقَ بينَ أن يَسْألَه ذلك رَبُّ المال أو الفُقَراءُ أو لم يَسْألْه أحَدٌ؛ لأنَّ يَدَه كيَدِ الفُقَراءِ. وقال الشافعىُّ: إن تَسَلَّفَها مِن غيرِ سُؤالٍ ضَمِنَها؛ لأنَّ الفُقَراءَ رُشُدٌ، لا يُوَلَّى عليهم، فإذا قَبَض بغيرِ إذْنِهم ضَمِن، كالأبِ إذا قَبَض لابْنِه الكَبِيرِ. وإن كان بسُؤالِهم كان مِن ضَمانِهم؛ لأنَّه وَكِيلُهم، وإن كان بسُؤالِ أرْبابِ الأمْوالِ، لم يُجْزِئْهم الدَّفْعُ، وكان مِن ضَمانِهم؛ لأنَّه وَكِيلُهم. وإن كان بسُؤالِهما ففيه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وَجهان؛ أصَحُّهما، أنَّه في ضَمانِ الفُقَراءِ. ولَنا، أنَّ للإِمامِ وِلايةً على الفُقَراءِ، بدَلِيلِ جَوازِ قَبْضِ الصَّدَقَةِ لهم بغيرِ إذْنِهم سَلَفًا وغيره، فإذا تَلِفَتْ في يَدِه مِن غيرِ تَفْرِيطٍ لم يَضْمَنْ، كوَلِىِّ اليَتِيمِ إذا قَبَض له. وما ذَكَرُوه يَبْطُلُ بالقَبْضِ بعدَ الوُجُوبِ، وفارَقَ الأبَ؛ فإنَّه لا يَجُوزُ له القَبْض لوَلَدِه الكَبِيرِ؛ لعَدَمِ وِلاِيته عليه، ولهذا يَضْمَنُ ما قَبَضَه له بعدَ وُجُوبِه.